الكنيسة السريانية الأرثوذكسية تستعد لإقامة احتفالية بمناسبة عيد دخول السيد المسيح أرض الكنانة    إدارة المقطم التعليمية تستقبل وفدا من مؤسسة "حياة كريمة"    محمود فوزي يكشف تفاصيل جلسة الحوار الوطني السبت المقبل    أبرزها تطوير منظومة الدعم، أهم تصريحات رئيس الوزراء من الإسكندرية أمس (إنفوجراف)    خبير مجوهرات يكشف عن توقعاته لأسعار الذهب الفترة المقبلة    الحكومة: الدولة تسعى لرفع الدعم تدريجيا عن بعض السلع لاستمرار توفيرها للمواطن    وزير المالية: خفض دعم الكهرباء لإنهاء خطة تخفيف الأحمال    خبير اقتصادي: الدولة تدعم رغيف الخبز بأكثر من 100 مليار جنيه    أمين الأمم المتحدة عن هجوم مجزرة الخيام: يجب وضع حد لهذه الفظائع    قوات الاحتلال تقتحم بلدة عنبتا شرق طولكرم    شهداء جراء قصف طائرات الاحتلال منزل فى حى الدرج شمالى قطاع غزة    مصطفى شوبير: انضمامى للمنتخب مختلف هذه المرة وحلمى الاستمرار كحارس أساسى للأهلى    حمدي فتحي: كيروش أفضل مدرب تدربت معه وإمام عاشور الابرز داخل الأهلي    لاعب الزمالك صاحب تهنئة إمام عاشور: "اللى حصل طبيعى.. وجوميز طلب تصعيدى"    المستشار القانوني لنادي الزمالك: تم إغلاق كافة القضايا ضد مجلس القلعة البيضاء    عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك 2024    مصرع 2 وإصابة 7 فى حريق مخزن ملابس ومنتجات بلاستيكية بالدقهلية.. صور    طقس الثلاثاء.. انخفاض بالحرارة ونشاط رياح وفرص أمطار خفيفة    رجع لحضن أسرته جثة، العثور على غريق ترعة الإسماعيلية بالشرقية (صور)    اتصالات النواب تكشف مفاجأة بشأن رابط شوف صورتك بعد سنوات    فوائد مذهلة لتجميد الخبز قبل أكله    4 أعراض للإصابة بمرض الربو، تعرف عليها    الحق في الدواء: 90% من المواد الخام تستورد من الخارج ونعاني من نقص الأدوية    ياسمين رئيس أنيقة بالأسود وفنانة تحتفل بعيد ميلاد ابنة شقيقتها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    فوز الطالب أحمد حنفي بلقب بطل تحدي القراءة العربي في دورته الثامنة    الأمانة الفنية للحوار الوطني: إجماع على أن الأمن القومي المصري خط أحمر    لجنة تسويق السياحة الثقافية بالأقصر تستضيف نجوم فيلم «رفعت عينى للسما»    اليوم.. الإعلان رسميًا عن الفائزين بجوائز الدولة لعام 2024    عبد الرحمن الأبنودي أول شاعر عامية يحصل على جائزة الدولة التقديرية    رئيس اتحاد الجمعيات الأهلية يكشف لمصراوي أبرز تحديات العمل الأهلي في مصر    هجمات صاروخية وصفارات الإنذار تدوي في إيلات على البحر الأحمر "فيديو"    "قلوبنا موجوعة".. هيفاء وهبي تعلق على مجزرة رفح الفلسطينية    هل وصل متحور كورونا الجديد إلى مصر؟.. رئيس اللجنة العلمية يوضح    «صحة القليوبية»: رفع درجة الاستعداد لاستقبال عيد الأضحى المبارك    إبراهيم حسن: منتخب مصر للجميع..وهدفنا التأهل لكأس العالم    الألومنيوم يعلن انسحابه من كأس مصر حال تأجيل مباراة الأهلي    اليابان تدعو لتوخى الحذر بعد أنباء عن إطلاق كوريا الشمالية صاروخ    وزير المالية: تنمية الموارد وترشيد الإنفاق عنصران أساسيان لتكون الموارد بقدر المصروفات    رئيس جامعة المنيا يشهد ختام فعاليات المُلتقى السنوي الخامس للمراكز الجامعية للتطوير المهني    حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 28-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    أحمد ناجي قمحة: الصدامات بالداخل الإسرائيلي سبب تصاعد العمليات العسكرية بغزة    تعرف على موعد عيد الأضحى في الدول الإسلامية    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية المتنقل ‫    سنتكوم: قواتنا دمرت مسيرة حوثية فوق البحر الأحمر    عاجل.. حمدي فتحي يحسم موقفه من العودة إلى الأهلي    المندوه: الزمالك حصل على جزء من مكافأة الفوز بالكونفدرالية.. ونحاول حل أزمة القيد    أخبار 24 ساعة.. وزير الأوقاف: إجمالى المساجد المجددة منذ تولى الرئيس السيسي 12 ألفا    مصادر: ستيلانتس تعتزم إنتاج سيارتين جديدتين في إيطاليا    برلماني: الحوار الوطني يعود في توقيت دقيق لحشد الجهود لحماية الأمن القومي    أخبار مصر اليوم: استشهاد أحد العناصر المكلفة بالتأمين على الشريط الحدوي.. وموعد إعلان نتائج الشهادة الإعدادية 2024 بالقاهرة والجيزة    تعرف على فضل وحكم صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    فرص للطلاب الفلسطينيين في الجامعات المصرية    الإفتاء: الفقهاء وافقوا على تأخير الدورة الشهرية للصيام والحج    هل يجوز تعجيل الولادة من أجل السفر لأداء الحج؟.. أمينة الفتوى بدار الإفتاء تجيب    أحكام العمرة وفضلها وشروطها.. 5 معلومات مهمة يوضحها علي جمعة    جامعة الزقازيق تحقق مراكز متقدمة في مسابقة «إبداع 12»    «الشيوخ» يناقش سياسة الحكومة بشأن حفظ مال الوقف وتنميته    قرارات جديدة بكلية الحقوق جامعة عين شمس 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محتار مع الشعب المختار!!
نشر في الجمهورية يوم 15 - 11 - 2012

أنعش صديقي محمود عسران ملحق مصر الثقافي في جورجيا ذكراتي بمثل عامي بليغ يتردد كثيرا في قريتي.. وربما في ريف مصر كلها.. ويقول: "فلان زي الرهريط لا يسد ولا يليس".. وهو بالضبط مثل قولنا الآخر "فلان لا ينفع قربة ولا جراب" ولمن لا يعرفون.. فإن "الرهريط" هو الطين الذي زاد ماؤه علي ترابه.. فصار مائعا.. فلا هو ماء ولا هو تراب ولا هو طين.. "ولا يسد".. أي لا يصلح أن تصنع منه سدا يحجز الماء عن حقلك بعد الري.. "ولا يليس" أي لا يصلح أن تثبت به قوالب الطوب في البناء أو تصنع منه الطوب اللبن لتبني به بيتا أو كوخا أو ما شابه ذلك.. والخلاصة انه لا قيمة له رغم كثرته.. ويقال ان "الرهريط" هو نفسه غثاء السيل.. ماء كثير مختلط بتراب أقل.. وهو كثير لكن لا نفع منه ولا جدوي فيه ولا يصلح لشيء.. وهذا المعني ورد في حديث شريف معناه: الناس كإبل المائة قل أن تجد منها راحلة.. أو لا تجد فيها راحلة.. هم كثير ولكن لا تجد فيهم نفعا.. ويقول الشاعر في هذا المعني: إني لأفتح عيني حين أفتحها.. علي كثير ولكن لا أري أحدا.. وقد كان شاعر النيل حافظ ابراهيم رحمه الله عاشقا لمصر وقال فيها علي لسانها: وقف الخلق ينظرون جميعا.. كيف أبني قواعد المجد وحدي.. إلي أن قال: أنا تاج العلاء في مفرق الشرق.. ودراته فرائد عقدي.. ولكن شاعر النيل أصابه ما أصابنا نحن عشاق مصر من الزهق والقرف وعارض نفسه وناقضها في قصيدة أخري كما يقول صديقي محمود عسران.. فقد قال حافظ:
فيا مصر ما أنت دار الأديب.. ولا انت بالبلد الطيب.
وفي رواية أخري: فيا مصر ما أنت دار الأريب "أي الذكي اللماح الحساس الرقيق الوجدان".. وهناك من ينسبون هذا البيت للمتنبي.. لكنه أقرب إلي لغة حافظ ابراهيم.. وكل عشاق مصر أصابهم القرف منها ومن دورانها "علي حل شعرها".. وكلما قلت لها ما قاله أبوفراس الحمداني لحبيبته نجلاء الخالدية.. قتيلك.. قالت أيهم؟ فهم كثر.. ويقول عشاق مصر ما قاله أبوفراس أيضا: وفيت وفي بعض الوفاء مذلة لآنسة في الحي شيمتها الغدر.. تسائلني: من أنت؟ وهي عليمة.. وهل لفتي مثلي علي حاله نكر؟
ومصر "الدايرة علي حل شعرها" تحب من يماشيها أو يعاكسها ولا تحب من يعشقها حقا وصدقا.. مثل حبيبة أمير الشعراء أحمد شوقي التي قال فيها: للعاشقين رضاك والحسني ولي هجر وصد.. ذكروا فكانوا سبحة.. وأن العلامة.. لا تعد.. وكل الذين تراهم من حولك يملأون الميادين والشوارع والقاعات والأحزاب والنقابات والائتلافات والحركات والجماعات والقيادات ليسوا سوي "معاكسين لمصر".. ليسوا سوي متحرشين بمصر.. هم أناس يقفون علي النواصي والسكك وأمام المدارس ينتظرون مرور مصر من أمامهم "ليعاكسوها ويتحرشوا بها".. ويمطروها بالكلام المعسول والفارغ: "يا قمر.. يا حلو.. يا مزة".. كل الكلام الذي تسمعه في حب مصر هو مجرد "معاكسة.. ومحاولة لاصطياد مصر.. والمشي معها".. وأخذ رقم هاتفها للثرثرة معها طوال الليل والنهار.. لكن لا أحد من هؤلاء يحب مصر.. وبعد أن يقضي منها وطرا سيغلق هاتفه "ويرميها رمية الكلاب".. مصر "الدايرة علي حل شعرها".. يعجبها جدا مئات المعاكسين الذين يسيرون خلفها.. ولا تعبأ بالعشاق الحقيقيين الذين يريدون أن "يستروها".. وينقذوها من هؤلاء الذئاب الذين يتحينون فرصة اغتصابها.. مصر في غيبوبة.. تبتسم لمن يعاكسها ويطمع فيها وتتجهم وتعبس في وجه من يعشقها ويخاف عليها ويحذرها من عواقب "دورانها علي حل شعرها".. مصر "سارقاها السكين" وعاشقها مسكين قليل الحيلة.. مصر "الدايرة علي حل شعرها" مطمع للنصابين وتشجع الغشاشين والكذابين بينما تبصق في وجوه الناصحين الصادقين المخلصين.. مصر يستخفها الفراعين والحواة والسحرة فتطيعهم.. وتعصي الذين يريدون لها الخير ويتمنون لو تفيق وتكف عن "الدوران علي حل شعرها".
يا أصدقائي الكرام ماجدة ووائل أحمد رفعت مدير فرع شركة استثمارية ومحمود عبدالشافي الصيدلي بالسعودية والمهندس اسماعيل العوضي وحمادة بدران أبودوح وأشرف الحسانين مدرس اللغة الانجليزية بنبروه دقهلية ومحمد جودت بعيص من قبائل أولاد علي.. "غلب حمارنا" مع مصر "الدايرة علي حل شعرها".. فأهلها كما قال عنهم أعرابي حكيم: فراش نار.. وذبان طمع.. فراشات تندفع نحو النار.. وذباب يندفع إلي جيفة ويتزاحم عليها طمعا.. فلا أنت قادر علي منع الفراشات من الاندفاع نحو النار.. ولا أنت قادر علي تحمل رائحة الجيفة وطرد الذباب منها.. ولا تستطيع اطفاء النار ولا تستطيع دفن الجيفة.
****
زمان قلت لكم ومازلت عند قولي ان مصر فيها كل أنواع البشر إلا نوعا واحدا أحسبه انقرض.. مصر ليس فيها مصريون.. تلك خلاصة القول ومربط الفرس.. فيها اخوان.. فيها سلفيون.. فيها مسيحيون.. فيها ليبراليون.. فيها علمانيون.. فيها كل الأطياف والانتماءات لكن ليس فيها مصريون "أقسم علي ذلك".. زمان.. منذ ألف ألف عام وأنا علي أعتاب جهنم الإعلام "رجل برة ورجل جوة".. جمعني حوار مع صديق من الإسلاميين.. قلت له: كلمة الوطن لا وجود لها في أدبيات الجماعات المتأسلمة.. بل ربما هي كلمة كافرة إذا لم أكن مبالغا.. فقال: صدقت: نحن لا نعترف إلا بوطن واحد.. وطننا الذي نود العودة اليه هي الجنة.. وكل أرض نطبق فيها شرع الله نعتبرها أرضا محررة.. وهي طريقنا إلي العودة لوطننا الجنة.. الرجل أغلق الحوار "بالضبة والمفتاح".. لن يصل إلي ولن أصل إليه.. سألته سؤالا واحدا لم يجب عنه.. ولم ألح عليه في طلب الجواب: قلت له: وهل أنت علي ثقة بأن أفعالكم واتجاهاتكم هذه ستعيدكم إلي وطنكم الجنة؟.. أخشي أن تضيعوا الوطن الأرضي وتضلوا الطريق إلي وطنكم الجنة "ولا تطولوا سما ولا أرض".. وأظن انني قلت ذلك ضاحكا وأظنه ضحك أيضا "وخلص الكلام"..
المشكلة أو الكارثة في مصر ان التناقضات تزداد عمقا وان الخرق يتسع علي الراقع أو الراتق وانه لا توجد حقائق في بلد أدمن أهله الكذب.. وتعريف السياسة عندنا وحدنا انها فن الكذب.. لن تكون سياسيا محنكا إذا صدقت.. وكل الأطياف في ذلك الذي كان وطني كاذبة ومنافقة "يعني زي اتنين اتخانقوا مع بعض والاتنين غلطانين".. مثل اثنين يلعبان القمار والاثنان يخسران.. كل طرف يري انه علي حق لا يقبل الباطل.. وعلي صواب غير قابل للخطأ والطرف الآخر علي باطل لا يأتيه الحق.. وعلي خطأ لا يقبل الصواب.. كل طرف يتكلم ولا يسمع ويحكم لا معقب لحكمه.. والمتأمل للمشهد والذي أوتي بعض الوعي سوف يتأكد من ان كل الأطراف علي باطل وكل الأطراف علي خطأ "احنا بنلعب قمار علي الوطن".. ونحن نخسر وعدو الوطن يكسب.
والذين يقولون ان مصر لن تلقي مصير ليبيا أو العراق أو سوريا أو السودان أو اليمن أو الصومال.. ولن تبلغ مرحلة الدم والحرب الأهلية واهمون.. ومن آفات المصريين انهم يستبعدون الكارثة والخطر ويقولون بكل بلادة: "يا راجل فال الله ولا فالك".. مصر محروسة بالعناية الإلهية.. مصر مذكورة في القرآن "مش عارف كام مرة".. نفس طريقة "فاذهب انت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون".. "وعلي فكرة اللي قالوا كدة كلهم مصريون.. لأن بني اسرائيل في الأساس والأصل مصريون".. ومرة أخري لا تخلطوا وبني اليهود وبين اسرائيل.. فليس كل اليهود بني اسرائيل وليس كل بني اسرائيل يهوداً.. وأقرب الناس إلي أخلاق وسلوكيات بني اسرئيل هم المصريون.. فهم لا يصبرون علي طعام واحد أي انهم سريعو الملل.. وهم يستبدلون الذي هو أدني بالذي هو خير.. "يزهقون من المن والسلوي" ويطلبون الفوم والعدس والبصل والقثاء والبقل.. واختياراتهم دائما خاطئة يرفضون الذي هو خير ويقبلون الذي هو أدني.. وأغلبيتهم مع الذي هو أدني وقلتهم مع الذي هو خير.. ويكثرون من الجدل واللجاج والمراء والثرثرة "ويصعبوها علي نفسهم".. تماما كما فعل أجدادهم بنو اسرائيل في مفاوضات البقرة مع سيدنا موسي عليه السلام.. فالله عز وجل أمرهم أن يذبحوا بقرة.. "يعني أي بقرة".. لكنهم بالمراء والجدال والثرثرة "صعبوها علي نفسهم" ما لونها؟.. وما هي؟.. البقر تشابه علينا إلي أن اشتروا البقرة المطلوبة بوزنها ذهبا.. ولو انهم ذبحوا أي بقرة من أول الأمر ما تكلفوا مليما واحدا.. "لأ وإيه".. مارسوا الفهلوة مع موسي عليه السلام ورفضوا الثقة بكلامه وقالوا له "أأتتخذنا هزوا".. فهم لا يثقون بمن يصدقهم القول.. لكنهم يسلمون ذقونهم لمن يضحك عليهم ويخدعهم ويضلهم.. قارن بين موقفهم مع موسي عليه السلام حيث اللجاج والمراء والثرثرة والفهلوة والشك في قوله: "أأتتخذنا هزوا".. وموقفهم مع السامري الذي ضحك عليهم وأضلهم وصنع لهم عجلا جسدا له خوار ظلوا عليه عاكفين حتي رجع اليهم موسي غضبان أسفا.. وهذا شأن المصريين علي مر العصور يستخفهم الفراعين والطغاة والسامري والمدعون والمشعوذون والكذبة والمنافقون والحواة والسحرة ويقعون في حبائلهم بلا مقاومة.. بينما يقاومون الأنبياء والمصلحين والصادقين والمخلصين ويمارسون عليهم الفهلوة والإدعاء والهبالة والشيطنة.
****
انهم أحفاد بني اسرائيل الأوائل.. نفس المنهج الحياتي والنسق السلوكي والأخلاقي والقيمي.. أي ساذج وأبلة يمكنه بسهولة أن يضل المصريين ويستخفهم علي أن يكون "ولد حليوة.. ولسانه حلو" وقلمه حلوا.. بينما أي صادق ومخلص أو حتي نبي يجد غاية المشقة في هدايتهم ويلقي منهم العنت والمقاومة.. "خلقتنا كده".. والمصريون مثل أجدادهم يعيشون حياتهم بشعار "ادع لنا ربك".. "ادعيلنا يا شيخ".. لا جهد ولا عمل ولا عرق ولا تفكير ولا تخطيط "وكله ماشي بطريقة: ادع لنا ربك".. والرب هنا قد يكون الرئيس أو الحكومة "مطلوب تدخل الرئيس.. مطلوب من الحكومة.. مظاهرات علي باب الرئيس تطلب المن والسلوي والفوم والعدس والبصل والبقل والقثاء حالة تسول جماعي لحاجات البطن والفرج فقط.. ولا وجود للوطن وما يحدق به من كوارث في رأس أحد "فمصر محروسة ومحمية.. والله سيقاتل أعداءها بالنيابة عنا".. نفس حكاية شعب الله المختار.. المصريون عندهم نفس النرجسية التي كانت لدي أجدادهم.. لن تمسنا النار إلا أياما معدودات.. نحن أبناء الله وأحباؤه.. نحن أعظم شعب وأعرق شعب.. وأطيب شعب.. وخلطتنا سحرية.. وبلدنا مقبرة الغزاة.. ونعتمد علي قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: اتخذوا من مصر جندا كثيفا فهم خير أجناد الأرض لأنهم في رباط إلي يوم القيامة.. ومصر كنانة الله في أرضه من أرادها بسوء قصمه الله.. ولو تأملنا لوجدنا خيرية أجناد الأرض مشروطة بأن نظل في رباط.. فإذا استرخينا وفككنا الرباط زالت الخيرية.. والله يقصم من يريد مصر بسوء بشرط أن تظل كنانة الله في أرضه.. اما أن نرمي الكنانة "بيت السهام" في الزبالة.. فإننا لا نستحق حماية الله.. تماما مثل خيرية الأمة كلها "كنتم خير أمة أخرجت للناس" بشروط "تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" فإذا انتفت الشروط الثلاثة.. انتفت الخيرية.. فخيرية أجناد الأرض المصريين.. وخيرية الأمة مسئولية وأعباء وتكليف وليست تشريفا ولا جائزة ولا وساما ولا قلادة نيل ولا أنواطا.
نحن نفهم الأمر علي انه "دلع".. وتدليل من الله عز وجل لشعبه المختار.. لذلك ستبقي مصر في غيبوبة النرجسية والتعالي والخيرية والأفضلية الكاذبة إلي أن تصل إلي الهاوية وتسقط فيها.. فنحن نسير في نفس طريق الدول التي من حولنا لكن مصر تسير أبطأ وتصل إلي ما وصلوا اليه متأخرة.. لكنها ستصل.. ونحن أوتينا عبقرية أن نقدم لأعدائنا أضعاف ما يطلبون وما يتوقعون منا.. فأعداؤنا يضعون السيناريو والخطة والمشروع ونحن ننفذ ذلك كله بمنتهي الدقة.. ويكون تنفيذنا أعظم وأقوي من السيناريو المكتوب.. عدونا لا يقتلنا ولا حتي يشرع في قتلنا ولكنه يوفر لنا أدوات الانتحار فإذا متنا فإنه لا يعاقب بجريمة قتلنا لأن القضية تقيد انتحارا.. وتنفيذ السيناريو بأيدينا أسهل.. لذلك ستمضي مصر بأيدي أبنائها إلي الهاوية وإلي التقسيم الذي يبدأ في العادة تقسيما دينيا وفكريا وحزبيا ومذهبيا وعرفيا.. وعندما تتسع الفجوة ويكبر الشرخ ويتعاظم التناقض وتصل الأمور إلي مرحلة الدم والصدام يظهر سيناريو التقسيم الجغرافي كحل للمشكلة.. أي اننا سنصل إلي مرحلة يكون فيها التقسيم الجغرافي هو الحل.. وخصوصا إذا كان التناقض دينيا.. لأن فكرة الوطن لدي المتأسلمين والمتمسحين أيضا باهتة للغاية.. ولن يقاوموا التقسيم إذا كان سيتيح لهم اقامة شرع الله.. لأن وطنهم الجنة وليس علي الأرض.. سنظل نهاتي إلي أن يصبح "الأعمي ساعاتي".. ولا حياة لمن "تناتي".. "القافية تحكم".. سنظل في غيبوبة ونحن ماضون إلي الهاوية.. ولعل الله عز وجل يرحمنا من أنفسنا..
.. لعل الحل يأتي من حيث لا نحتسب.. فقد "غلب حماري".. وأنا محتار مع الشعب المختار!!
نظرة
في دستور الحب الذي وضع مواده أمير الشعراء أحمد شوقي جاءت النظرة مادة أولي والابتسامة مادة ثانية.. فالحب نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء.. وقد تم تغيير هذا الدستور عدة مرات وفقا لظروف المجتمع وقيمة وأعيد ترتيب المواد.. وحذفت المواد الأربع الأولي.. واقتصر الدستور الجديد علي مادتين فقط هما الموعد واللقاء بلا إضاعة وقت في النظرة والابتسامة والسلام والكلام.. ولم يحدث أي خلاف في الجمعية "التخسيسية" لصياغة دستور الحب.. علي عكس الخلاف الحالي والطاحن علي الجمعية التأسيسية لصياغة دستور مصر.. وقد بلغ الخلاف منطقة اللا عودة ووصل إلي حد اعتراض بعض الأعضاء علي ترتيب المادة الثانية من الدستور الخاصة بالشريعة.. هناك توافق علي المادة نفسها ولكن ظهر الخلاف علي ترتيبها "ليه ما تبقاش المادة الأولي.. عيب أن يكون النص الخاص بالشريعة مادة ثانية.. فالإسلام يعلو ولا يعلي عليه".. ثم ان المادة الخاصة بالشريعة "طول عمرها الأولي".. فما الذي يجعلها ثانية؟.. أكيد المادة الأولي تفوقت بالغش.. والتأسيسية صورة مصغرة لمجتمع بني إسرائيل "ما لون المادة الدستورية.. ما لون البقرة.. وما ترتيبها وما هي".. فالمواد مثل البقر تشابهت عليهم.. نفس طريقة بني إسرائيل علمني الغلاسة والرخامة يابا.. قال له تعالي في الفارغة وتصدر!!".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.