** إننا نتحدث ليل نهار عن تطوير التعليم وأمراضه المزمنة المنتشرة في مدارسنا وجامعاتنا علي مدي سنوات طويلة.. وكأن هذا الحديث عن التطوير وليس التطوير نفسه.. مثل غيره من أحاديث وأناشيد الصباح والمساء حول كل كوارثنا وحتمية القضاء عليها.. دون أن نحرك ساكناً.. بل ودون أن نعني أو نعي ما نقول أو خطورة ما نتحدث عنه.. فالتعليم يا سادة ليس فقط ركيزة اللحاق بركب الحضارة الذي "فات علينا وفاتنا" منذ 7 آلاف سنة.. أنه أحد أهم ركائز الأمن القومي للأمم.. علي الأقل وكحد أدني.. من حيث ارتباطه المباشر بقوة الردع ومنظومة الدفاع عن امن وسيادة وكبرياء البلاد والعباد.. إلي جانب كونه قاطرة أي تقدم اقتصادي.. المهم أن التعليم عندنا ليس في إعادة سنة سادسة بعد إلغائها.. أو أن تكون الثانوية العامة سنة بدلاً من عامين.. إلخ من قرارات كوميدية عجيبة.. إنه لا يعاني فقط من العشوائية الهزلية للمناهج والامتحانات.. تلك التي ترتكز علي وباء التلقين والحفظ وصناعة "ببغاوات" بشرية موقوتة "وقت الامتحانات فقط".. ثم ينسي التلاميذ والطلاب ما حفظوه.. ليحفظوا غيره ثم ينسونه أيضاً و"العرض مستمر".. لتكون المحصلة النهائية لا شيء وكأنك "يا أبوزيد ما غزيت" أو دخلت مدرسة أو حتي حضانة من الأصل. ** أيضاً يعاني التعليم في مصر من ظاهرة خطيرة "تجسدت كمثال فيما نشر عن حصة الحلاقة المدرسية بالأقصر مؤخراً".. وهي قضية غياب المعلم أو المدرس المؤهل تربوياً وعلمياً لاسيما في مرحلتي الحضانة والدراسة الابتدائية علي وجه الخصوص.. ولأن هذا "الشبل" من هذا الأسد.. أي أن إعداد المدرس والمعلم الكفء هو صلب وأساس أي تطوير للتعليم. "أحيانا الله وأحياكم".. والمثير للضحك الباكي أو البكاء الضاحك.. أننا أيضاً نؤكد ليل نهار.. علي أن المعلم الكفء هو عصب العملية التعليمية وتطويرها.. وللحق والإنصاف.. الفارق الوحيد بين الايمان "المغلظة" وبالثلاثة علي ضرورة "تطوير" التعليم و"الارتقاء" بالمعلم.. هو أن النظام المخلوع "فتح عكا" وقرر الكادر "إياه" وكأنه "العصا" السحرية لتطوير التعليم.. أو "غاية المراد من رب العباد".. رغم أنها لم تجد ولن يجدي مثلها مع القطاع الواسع ممن اعتادوا علي "دخل" الدروس الخصوصية.. المهم هنا.. هو الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة والبدء من حيث انتهوا بما يتوافق مع خصوصيتنا وأوضاعنا وظروفنا.. أقصد هناك ما يتعلق بأعداد برامج علمية تربوية ونفسية متخصصة شاملة وطويلة. "وليست روتينية عارضة تحصيل حاصل".. بحيث نجد في النهاية معلماً أو مدرساً مؤهلاً تربوياً وعلمياً ونفسياً.. ويتمتع بشخصية سوية وأكرر سوية وليست متزمتة أو معقدة نفسياً. ** إن تأثير المعلم علي تلاميذه وطلابه في كافة المراحل التعليمية تأثير هائل وشامل.. لا يقتصر فقط علي العملية التعليمية والجانب العلمي والمعرفي ولأن الفاصل أو المساحة المتاحة داهمتنا.. فسنواصل بعد الفاصل إن كان في العمر باق.