تمتلك مصر كنزا علميا جيولوجيا لا تمتلكه أي دولة أخري في العالم اجمع. هذا الكنز الذي يقع شرق نهر النيل بجبل الدبابية بالقرية التي تحمل نفس الاسم والتابعة للوحدة المحلية لقرية الشغب باسنا علي مسافة 35 كيلو مترا جنوبالاقصر. اختارها الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية ليكون الباب الوحيد من نوعه في العالم الذي يدخل منه علماء الجيولوجيا في طريقهم للكشف عما يسمي ب "الحقبة المفقودة" والتي تصل مدتها إلي 4.2 مليون سنة ووقعت احداثها قبل 5.55 مليون سنة في الفترة ما بين عصري الباليوسين والايوسين. انه جبل الدبابية الذي يعد ظاهرة فريدة من نوعها كقطاع عياري دولي وصدر قرار مجلس الوزراء رقم 109 لسنة 2007 بإعلان منطقة الدبابية كمحمية طبيعية علي مساحة 1 كيلو متر مربع وتحمل الرقم 27 في إطار القانون رقم 102 لسنة 1983 بشان المحميات الطبيعية. تقول المهندسة صباح محمود السمان مدير عام المحمية ان هذا القطاع يمثل أجمل القطاعات الطبقية في العالم للفترة التي شهدت البداية الفعلية للأحياء الحديثة علي الكرة الأرضية. وقد وافق أعضاء الفريق الجيولوجي الدولي المشكل من اللجنة الدولية للاستراتجرافيا علي اختيار التتابع الرسوبي للجبل الشرقي المطل علي قرية الدبابية كتتابع طبقي نموذجي ومقياس زمني دولي يحوي أكمل الطبقات التي ميزت الفترة الانتقالية بين عهدي الباليوسين والايوسين تلك الفترة التي ظلت أحداثها الجيولوجية محل البحث والتقصي من علماء الطبقات والحفريات طيلة الخمسين عاما الأخيرة. نظرا لجسامة هذه الأحداث وأهميتها في أحداث تغيرات جيولوجية وحياتية ومناخية دولية في الكرة الأرضية من جهة. التاريخ الجيولوجي قالت مديرة المحمية ان الأحداث بدأت منذ نحو 5.55 مليون سنة بانفجار ملايين الاطنان من الحمم البركانية في قيعان البحار الشمالية والارتفاع الشديد في درجة حرارتها وانطلاق سحب ضخمة من ثاني أكسيد الكربون. مما أدي الي موت الأحياء القاعية وتحلل مادتها العضوية. وباستمرار انتقال الحرارة من أسفل الي أعلي ونقص مستويات الأكسجين في المياه رأسيا وأفقيا قرابة 150 ألف سنة تم القضاء علي الأحياء الهائمة المتوسطة والسطحية والسابحة الذي تراكمت عظامها وأسنانها علي قيعان البحار والأرصفة القارية. ثم انتقل ثاني أكسيد الكربون والميثان الي الجو بعد تشبع الماء فاختلت دورة الأكسجين في الهواء الأمر الذي أدي الي اندثار كثير من الأحياء الأرضية. وأطلق العلماء علي هذا الحادث اسم الحرارة القصوي للباليوسين الايوسين أو الاحترار العالمي للحقب الحديثة وقد واكب هذه التغيرات المناخية والحياتية تغيرات جيولوجية ضخمة في الجزء الشمالي الشرقي من الاطلنطي والتي يعتقد بعض العلماء انهاء أدت الي انقصال أمريكا الشمالية عن أوربا والتصاق الهند بقارة آسيا. قال اشرف رمضان الباحث البيئي بالمحمية ان اكتشاف التتابع النموذجي لهذه الفترة الزمنية بجنوب مصر اوقف الجدل الدائر بين العلماء في العالم حول المدي الجغرافي والزمني للتغيرات المناخية والحياتية التي انتابت الأرض خلالها. لوجود ثغرة زمنية تقدر بنحو 4.2 مليون سنة بين تتابع الباليوسين والايوسين الأمر الذي دفع العلماء الي البحث عن هذه الفترة الزمنية المفقودة علي الأرصفة القارية للبحر المتوسط. اوضح اسامة الصغير ان فريق عمل دولي تحت اشراف اللجنة الدولية للاستراتجرافيا المنبثقة من الاتحاد الدولي للعلوم الجيولوجية يضم علماء الحفريات والطبقات والجيوكيمياء والجيوفيزياء في كل من الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا واسبانيا والسويد وبلجيكا والدانمارك وهولندا وألمانيا وهونج كونج ومصر التي مثلها الأستاذ الدكتور خالد عبدالقادر عودة أستاذ الطبقات والحفريات بجامعة اسيوط جاء للبحث عن تتابع رسوبي نموذجي يغطي هذه الفترة الزمنية ويصلح أن يكون مقياسا زمنيا دوليا للحد الفاصل بين عهدي الباليوسين والايوسين.