القاهرة:- أكدت بعثة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس القومي لحقوق الإنسان بشأن أحداث المصادمات الطائفية التي جرت بمنطقة إمبابة مساء السبت الماضي، والتي تعرف إعلاميا باسم "فتنة إمبابة"، أن قوى النظام السابق ساهمت في اندلاع أحداث الفتنة في محاولة منها لإفشال الثورة عبر إثارة كل أشكال الصراعات والصدامات في المجتمع المصري وبين طوائفه وقواه لإظهار أن الثورة هي التي تسببت في حالة الفوضى والانهيار الأمني. وأشار تقرير البعثة إلى أن حالة الغياب الأمني الواسعة كانت من بين الأسباب وراء مصادمات إمبابة، حيث تسبب الفراغ الأمني في إعطاء أدوار متصاعدة للخارجين عن القانون، فضلا عن انتشار الأسلحة بشكل غير قانوني بين أيدي المواطنين، وبروز تفسيرات دينية متطرفة في الآونة الأخيرة تطرح إعادة تشكيل المجتمع المصري. وأضاف التقرير أن هذه التفسيرات التي تنظر إلى المسيحيين المصريين على أنهم ذميون ليس لهم حقوق أفضت إلى استخدام العنف ضدهم، وذلك في ضوء الاستخدام المكثف لوسائل الإعلام المرئية التي تغذي هذه التفسيرات لدى بعض شرائح المجتمع. وذكر التقرير أنه بالرغم من حالة الاندماج التي خلقتها الثورة بين المصريين من المسلمين والمسيحيين فإنه لا يمكن إنكار أن هناك مناخا طائفيا متراكما على مدار 4 عقود مازالت آثاره وتفاعلاته مستمرة حتى اليوم. وأضاف أن الملف الإسلامي المسيحي تمت معالجته من جانب السلطات العامة خلال هذه العقود باعتباره ملفا أمنيا عرفيا ولم يتم استخدام الوسائل السياسية والاجتماعية والقانونية في اجتثاث منابع التطرف بغية التوصل لحلول حقيقية.. منوها إلى أن هذه الخلفية وفي ضوء هذا التراكم اندلعت أحداث امبابة ومن قبلها أطفيح وقنا وأبو قرقاس، بما يؤكد الحاجة الملحة إلى معالجة الملف الإسلامي المسيحي بمنهج مختلف عما اتبعه النظام السابق والذي أدى إلى هذه الكوارث. ودعت البعثة إلى ضرورة الإسراع بالقبض على المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم سواء كانوا أفرادا أو جماعات وتقديمهم إلى محاكمة عاجلة تتوافر فيها قواعد المحاكمات العادلة والمنصفة، تأكيدا لقدرة المؤسسات القضائية الوطنية على توفير الحماية لجميع المواطنين المصريين دونما تمييز. وأعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان التزامه بمتابعة الإجراءات القانونية التي اتخذت في هذه الأحداث منذ اللحظة الاولى بالقاء القبض على المتهمين مرورا بالتحقيقات وانتهاء بالمحاكمات.. مشيرا إلى أنه قرر تعيين مفوض خاص من اعضائه لمتابعة أحداث التوتر الديني وسرعة التعامل معها. وأكد تقرير بعثة تقصي الحقائق ضرورة إعلاء مبدأ سيادة القانون وسيادة دولة المؤسسات، وأن مؤسسات الدولة وحدها هي المعنية بتنفيذ القانون وإعماله دون الأفراد أو الجماعات، وأهمية الإسراع في تنفيذ خطط التواجد الأمني في البلاد خاصة بالمناطق العشوائية والمهمشة من أجل عودة الانضباط وتكثيف حماية دور العبادة. وذكر التقرير أن حرية الرأي والتعبير لا تعني بأي حال من الأحوال الدعوة لأفكار أو قيم ضد القيم الإنسانية أو الديمقراطية أو الداعية للكراهية، وضرورة محاسبة كل من تسبب أو ساعد بأي وسيلة من الوسائل على الدعوة للكراهبة أو الطائفية أو العنف باسم الدين أو أي فكرة كانت. وطالب بإصدار تشريع لمكافحة الطائفية أو التمييز على أساس الدين، مذكرا بتوصياته السابقة لمعالجة الكثير من الجوانب المتعلقة بالملف الطائفي وفي مقدمتها قانون دور العبادة الموحد وقانون تكافؤ الفرص ومنع التمييز وغيرها من التوصيات التي تتعلق بنشر ثقافة حقوق الإنسان وقيم التسامح والقبول للآخر. وأشار التقرير إلى أن غلبة الطابع العشوائي على منطقة إمبابة وغياب الخدمات الأساسية والاكتظاظ السكاني الكثيف، وانتشار البطالة وغياب السلطات العامة بالنسبة لعموم السكان فيها، سهل السياق الاجتماعي من سرعة الاصطفاف الديني بمجرد سريان شائعة تتعلق بالشرف أو الدين أو كليهما، وهو ما توافر بوضوح أثناء الأحداث الأخيرة.