أجمع المشاركون في الاستفتاء على التعديلات الدستورية أمس، أنه كان يوم عيد بحق، ومثلما كان الشباب يخرج في نزهة العديد لالتقاط الصور التذكارية، حرص الكثيرون أيضا على التقاط عدة صور تذكارية بأصابعهم وردية اللون المصبوغة بحبر الحرية والديمقراطية. كان الجميع سعداء - على اختلافهم - فلا يهم من قال نعم أو من قال لا، بل كان الأهم أن كل شخص كان قادرا على التعبير عن رأيه بحرية وقناعة شخصية وليس مدفوعا من قوي معينة كما كان يحدث في الانتخابات السابقة. لكن الحياة لم تكن "بمبي" بالكامل - كما كان يتمنى الجميع - فبالرغم من أن اختبار الديمقراطية الأول في مصر كان ناجحا بنسبة عالية جدا بشهادة الجميع، ووقف الكثيرون في الصفوف الممتدة متحملين الحر والرطوبة، حتى يتنفسوا نسيم الحرية، إلا أنه كانت هناك بعض الأحداث السلبية التي كادت أن تشوه عرس الديمقراطية . بدأت وقائع عدم وجود الوعي الكافي لدى البعض بتقبل الآخر، بواقعة الاعتداء على الدكتور محمد البرادعي - رئيس الجمعية الوطنية للتغيير - فور وصوله إلى مقر التصويت بإحدى مدارس منطقة المقطم، حيث قام عدد من الأشخاص بتصويب سيل من الحجارة تجاهه، مما تسبب في تهشم سيارته، الأمر الذي جعله يغادر مقر التصويت دون الإدلاء بصوته، ووصف البرادعي الأمر بتدوينة على تويتر قال فيها: "ذهبت للتصويت وهوجمت أنا وأسرتي بتنظيم من البلطجية هشموا السيارة بالحجارة، ولم يتواجد شرطي واحد. إجراء الاستفتاء في انعدام الأمن أمر غير مسئول". كما شهدت لجنتا تصويت أخريان حادثين "يعبران عن العقلية القديمة التي تتعاطى الديمقراطية بمنطقها الخاص الذي يعتمد على التراتبية بدلا من المساواة" حيث رفض عبد العظيم وزير محافظ القاهرة ومحمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين الانصياع للنظام والوقوف في الطابور انتظارا للتصويت، ورغم توضيح وزير ونفي بديع لواقعتي تخطيهما الطابور إلا أن شهود العيان أكدوا قيامهما بهذا التصرف غير المقبول. أما الإعلامية والناشطة السياسية جميلة اسماعيل فقد أعلنت أنها تعرضت للهجوم من قبل دراجة بخارية يستقلها ملتح وظل يطاردها حتى تمكنت قوات من الجيش من تأمينها، موضحة أن الإخوان كانوا يحاولون إرهاب الميكروباص الذي كانت تستقله لمنعها من التصويت. أما الفنانة بسمة التي كانت من المعتصمين بميدان التحرير خلال أيام ثورة الغضب، فقد كشفت أنها تعرضت لبعض التحرشات والهجوم العنيف من مؤيدي التعديلات الدستورية، والذين يتمركزون أمام مسجد مصطفى محمود بمنطقة المهندسين حيث بدأت القصة عندما قامت بسمة بصف سيارتها، وفتحت حوارا مع الجموع المؤيدة حول أسباب تأييدهم للتعديلات الدستورية، وما أن بدأ النقاش حتى تعالت بعض أصوات الحاضرين بجمل مثل "بسمة ..بتاعة التحرير " و تطورت العبارات الموجهة لبسمة " انتى مالك .. ايه اللى جايبك هنا..يلا مع السلامة " حتى اجبروا بسمة على الرحيل. ونحن لا نهاجم آية جهة أو تكتل سياسي، و لا ندعي وجود نظرية للمؤامرة.. ولكننا نتمنى تدارك مثل هذه الهفوات في آية انتخابات قادمة، حتى تكون تجربتنا الديمقراطية نموذجا يحتذي به في الدول المحيطة بنا.