زعم السفير المستقيل لتونس لدى اليونسكو المازري حداد أن الرئيس التونسي الهارب زين العابدين بن علي أعرب له قبيل ساعات من هروبه إلى خارج البلاد، عن مخاوفه من وصول المتطرفين الإسلاميين إلى السلطة في تونس، في إشارة إلى حركة النهضة الإسلامية بزعامة الشيخ راشد الغنوشي. جاء ذلك خلال حوار هاتفي للحداد مع قناة "الجزيرة" الفضائية واضاف أنه جري بينه وبين زين العابدين بعد أن قدم استقالته من منصبه في اليونسكو الجمعة على خلفية الاحتجاجات الشعبية العارمة التي شهدتها تونس لقرابة الشهر، وبعد أيام من مناشدته بن علي "وقف حمام الدم في تونس". وقال السفير حداد أن "بن علي " أخبره خلال المحادثة الهاتفية أنه يرفض استقالته، كما عبر الرئيس التونسي السابق له في الوقت نفسه في إطار محاولاته لثنيه عن الاستقالة أنه "يخشى من وصول الاسلاميين إلى السلطة في تونس" وقال له: "هل ترضون أن يصلوا للحكم؟". من جهة اخرى, قال الطيار التونسي محمد بن كيلاني، قائد الطائرة الذي رفض الإقلاع بطائرة تونسية، بعدما علم أن أقارب للرئيس زين العابدين بن علي على متنها استعداداً للفرار خارج البلاد؛ إن ما قام به هو "واجب وطني". وأوضح في حديث مع قناة "العربية" أنه اتفق مع مساعده بلغة العيون على عدم إقلاع الطائرة، مشيراً إلى أنه تلقى اتصالاً عند حوالي الساعة الثانية والنصف عصراً بتوقيت تونس، يطلب منه فيه نقل أشخاص مهمين توقع أن يكونوا من عائلة الرئيس التونسي المتنحي. وشدد على أن قراره وطاقم الطائرة برفض الإقلاع بها كان نابعاً من موقفه الشخصي، لأن ما رآه من مشاهد قتل ودماء، فرض عليه مسؤولية وطنية، وقال ليس فيما فعلت أي بطولة، وإنما هو واجب. وأضاف قائد الطائرة: رفضت الإقلاع ب"القتلة وسفاكي الدماء" كانوا خمسة أو ستة "من القتلة"، وكان يفترض أن يكونوا على متن الطائرة المتوجهة إلى ليون، وكان على متنها 103 ركاب، وطُلب مني الانتظار لحين وصول خمسة من أقارب الرئيس، فنظرت بعيني إلى مساعدي، واتخذنا القرار، كما أنني علمت أن باقي زملائي من الطيارين، الذين طلب منهم المجيء والإقلاع بالطائرة، رفضوا أيضاً تلك المهمة. ووجه الكابتن طيار شكره إلى رجال الأمن والجيش، الذين ساعدوه في اتخاذ قراره بعدم الإقلاع مع من وصفهم أكثر من مرة بأنهم "سفاكو دماء ومجرمو حرب". وأضاف الكيلاني: أثناء اتخاذ قرار عدم الإقلاع مرت مشاهد القتلى والدماء والثكلى وأمهات الذين قتلوا في ذهني، فاتخذت القرار بكل هدوء، وأنا لا أدعي بطولة، ولكن هذا واجبي. من جهته, أكد الإعلامي السعودي جمال خاشقجي في تصريحات لقناة "العربية" ان الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي سيعامل في السعودية "كلاجئ سياسي لا كرئيس دولة". وتابع: "لن تسمح السعودية للرئيس المخلوع بالتصريحات السياسية أو ممارسة أي نشاط سياسي ولا إجراء اتصالات لترتيب أموره في تونس"، مؤكداً على وقوف المملكة إلى جانب الشعب التونسي. وكان الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي أمضى يومه الأول السبت في المملكة السعودية وسط تكتم شديد، بعد أن أقلعت طائرته الجمعة في حدود الساعة الخامسة مساء من مطار تونس-قرطاج الدولي وسط حماية عسكرية مكثفة أمنت له مداخل ومخارج البلاد. ووصل بن علي ليلة السبت إلى مطار مدينة جدة (غرب) على البحر الأحمر، يرافقه ستة من أفراد عائلته، بينهم زوجته ليلى، وفق ما ذكرت مصادر متطابقة. وقد امتنعت السلطات السعودية عن الإدلاء بأي معلومات عن مكان إقامة الرئيس المخلوع أو مدة إقامته في السعودية. وأكد شهود عيان "أنهم رأوا موكباً رسمياً يتجه بعيد وصول طائرة بن علي في حدود الساعة الواحدة ليلاً بتوقيت مكةالمكرمة نحو قصر الضيوف في حي الحمرا الراقي القريب من الشاطئ". وقد غادر زين العابدين بن علي، الذي حكم تونس 23 عاماً، البلاد الجمعة على إثر تظاهرات شعبية غير مسبوقة ضد النظام. وكانت طائرته حلقت في البداية مساء الجمعة في المجال الجوي المالطي "متجهة نحو الشمال"، كما قال متحدث باسم الحكومة المالطية. لكن مصدراً قريباً من الحكومة الفرنسية ذكر أن باريس "لم تكن ترغب" في استقبال الرئيس التونسي المخلوع، مبررة هذا الموقف بالاستياء الذي يمكن أن تعرب عنه الجالية التونسية في فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.الى ان حطت طائرته اخيرا فى جدة بالسعودية.