أكد خبراء قانونيون وسياسيون أن تعديلات المستشار عدلى منصور –المعين من سلطات الانقلاب العسكرى الدموى– فى قانون مباشرة الحقوق السياسية بقرار بقانون تفتح ثغرات ومداخل جديدة لتزوير الاستفتاء على دستور الانقلابيين، ونية مسبقة للتلاعب بأصوات المصريين بالخارج، مشددين على أن الانقلاب سيسعى لتمرير الاستفتاء بأى شكل، وأن عملية الاستفتاء باطلة وستشهد تزويرا ممنهجا بجميع مراحلها، ولذا فإن المقاطعة للاستفتاء أفضل لمنع ما يستهدفه الانقلاب من شرعنة وضعه بمجرد المشاركة فيه. وأضاف الخبراء فى تصريحات خاصة ل"الحرية والعدالة"، أن تعديل القانون يسمح بإنشاء مقار انتخابية خارج البعثات الدبلوماسية يرأسها دبلوماسيون، بما يوجد تعتيما وتجهيلا مريبا عن أماكنها وكيفية مراقبتها وكشوف الناخبين فيها، محذرين من نية مسبقة لتزوير فج يفوق نظام مبارك الملخوع، ونية للتلاعب بكشوف الناخبين التى تهيمن عليها داخلية الانقلاب مما يجعل يد السلطة الانقلابية مهيمنة عليها بالداخل والخارج، وخلصوا إلى أن حكم العسكر لن يشهد أى انتخابات نزيهة بعد هدمه للاستحقاقات الشرعية والدستور الشرعى. وأوضحوا أن تعديل القانون كشف التناقض الصارخ للمحكمة الدستورية؛ فقد صمتت على تعديل منصور الذى سمح لدبلوماسيين بالإشراف، وفى الوقت نفسه جعلت الإشراف القضائى شرطا لصحة قانون الانتخابات الذى قدمه مجلس الشورى، بما يكشف دورها فى هدم مؤسسات منتخبة وعرقلتها ومنع تأسيسها، حيث كانت تقول "إن السند الدستورى الذى كان يجيز إسناد عمليتى الاقتراع والفرز لغير أعضاء الهيئات القضائية قد تم إلغاؤه اعتبارًا من تاريخ العمل بالدستور الجديد، وصار لازمًا اتباع ما ورد به من أحكام والتى خلت من مثل هذا الاستثناء". وكان عدلى منصور -المعين من سلطة الانقلاب- قد أقر تعديلات قانونية بقانون مباشرة الحقوق السياسية تسمح للدبلوماسيين برئاسة لجان تصويت المصريين فى الخارج بدلا من اشتراط إشراف القضاة عليها. كما تنص على إنشاء مقار انتخابية خارج المقار الدبلوماسية للسفارات والقنصليات حسب تواجد المصريين بكل مدينة فى الدول الأجنبية، بينما كان فى الماضى يتم التصويت فى لجان بمقار البعثات الدبلوماسية، أى بمقار السفارات والقنصليات فقط. وتضمن النص على: "وتنشأ مقار انتخابية فى دوائر اختصاص البعثات الدبلوماسية والقنصلية، وتعين مقارها وينشأ بهذه المقار عدد من اللجان الفرعية لا يزيد عدد الناخبين بكل منها على ألف ناخب". منهجية المخلوع فى البداية أكد المستشار محمد عوض -رئيس محكمة استئناف الإسكندرية- أن الاستفتاء على الدستور الانقلابى سيتم تزويره بنفس منهجية نظام المخلوع، مشددا على أن الاستفتاء أحد الآثار المترتبة على الانقلاب، ولذا فهو استفتاء باطل أيا كانت نتيجته ويجب مقاطعته نهائيا. ويرى "عوض" أن هذا التعديل بقانون مباشرة الحقوق السياسية يجيز إنشاء مقار انتخابية خارج مقرات البعثات الدبلوماسية أى خارج مقار السفارات والقنصليات لأنه لم ينص على إنشاء المقار داخلها بل فى دوائر اختصاصها بما يعنى فى دوائر البلدان والمدن الموجودة البعثات فيها، كذلك يسمح التعديل بإشراف الدبلوماسين بدل القضاة. واعتبر أن هذا التعديل يعد بمنزلة ثغرة ومدخل للتزوير سيستغله الانقلابيون بالطبع ويوظفونه، فهو تعديل يبدو فى ظاهره أنه جيد ويسهل عملية التصويت ولكنه فى جوهره يضع ثغرات للتزوير، منها ما يتعلق بسهولة التلاعب بكشوف الناخبين داخل المقار الجديدة خارج البعثات الرسمية، فالعملية الانتخابية كلها ستكون بيد موظفى وزارة الخارجية فقط. ونبه رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، إلى أن الاستفتاء من الأصل سيكون سهل التزوير بجميع الأحوال فى الداخل وفى الخارج وبشكل متعمد وممنهج تماما كما جرى بنظام المخلوع مبارك وبنفس الأساليب والحيل، لأن القائمين على السلطة لديهم كشوف الناخبين، ومن الممكن دمج شرائح ممن لا يحق لهم التصويت من الجنود وأفراد الشرطة والمتوفين، أو إضافة أسماء وهمية بعدد كبير ويصوتوا وتتنقل الجموع من هنا لهناك أكثر من مرة، أو بتكرار الأسماء بعدة لجان، وتصويت الشخص أكثر من مرة وغيرها من الثغرات التى استخدمت بالفعل من قبل، ولا تكتشف عملية التزوير طالما كشوف الناخبين تعد بمعرفة وزارة الداخلية، وما دامت كذلك فلا نضمن نزاهة الكشوف المنقحة والمجهزة بواسطة الداخلية حتى بظل الإشراف القضائى. وأوضح "عوض" أن الإشراف بمعرفة الدبلوماسيين كان موجودا من قبل فى الاستحقاقات السابقة ولكن الفارق الآن التوجه العام للسلطة التى تفعل ما تشاء بلا شفافية ولا نزاهة، فمتوقع منها أن تفعل ما تشاء داخل وخارج مصر لأن الانقلاب هو امتداد لنظام المخلوع مبارك، لذا متوقع أن تفعل سلطة الانقلاب ما هو أشد مع محاولة إظهار أن هناك إقبال شديد على الاستفتاء داخليا وخارجيا. ولفت إلى أن تعديلات المستشار عدلى منصور بقانون مباشرة الحقوق السياسية تتيح لموظفى السفارات ووزارة الخارجية الإشراف على الاستفتاء ومن السهل التلاعب بنتائج الانتخابات بسهولة بالخارج برأيه لأن المشرفين على العملية الانتخابية هم موظفون تابعون للسلطة التنفيذية الانقلابية، وهنا مكمن القلق هو أن الانقلاب قائم بنفسه، ولأن حكم العسكر لن يجرى فى ظلهم أى انتخابات أو استفتاءات نزيهة والنتيجة معروفة مسبقا، والانقلابيون لا علاقة لهم بالديمقراطية، ولو أننا فى ظل نظام ديمقراطى وشفافية حقيقية كنا سنظن أن مراد التعديل تسهيل تصويت المصريين بالخارج بتوسيع دائرة المقار، ولكن طالما أننا فى ظل نظام قمعى ديكتاتورى بطشى لا يريدون تداولا حقيقيا للسلطة، وهم منقلبون على الشرعية أصلًا، لا نتوقع إلا التزوير، ولذلك لا نعترف بتعديلات تصب فى خانة الانقلابيين، لأن نظام المخلوع مبارك دأبهم دأب الانقلاب فى إجراء تعديلات وتزوير الانتخابات والاستفتاءات وهذا سهل الآن لأن من يشرف عليها بالخارج هم موظفون تابعون للخارجية سواء داخل المقار الدبلوماسية أو خارجها. وتابع رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، أن هناك إمكانية للتلاعب بكشوف الناخبين كذلك لأنه لدى السفارات كشوف المهاجرين ومن الممكن إدخاله دون تقديم طلبات للتسجيل وسهل جدا أن يتم التصويت دون وجودهم، كذلك التصويت بمقار جديدة خارج السفارات والقنصليات مسألة تثير الشكوك حول مكان هذه المقار وعناوينها فقد تكون فى بعضها غير معلومة أو مجهولة بعيدا عن رقابة وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدنى المحلية والأجنبية ثم نفاجأ بإعلان أن التصويت فيها كثيفا دون إمكانية للتثبت من حقيقتها وحقيقة من صوت فيها، وقد تكون مقارا وهمية أو شكلية وفيها قوائم مصوتين ولا أحد يعلم عنها شيئا لا هى ولا مسارها ونتائجها والمشاركين فيها رقابة وتصويتا، وتمرير ذلك يمكن أن يتم بسهولة شديدة بمقار غير معلوم مكانها الفعلى بلا متابعة. وأشار إلى أن مصر لديها فى المتوسط حوالى 6 ملايين مواطن من المصريين بالخارج بكل السفارات، مما يجعل وجود ثغرة لتزوير أسمائهم ونتائجهم مدخلا من مداخل التزوير للاستفتاء فى ظل الانقلاب وثغرة يستغلها الانقلاب، فهو إجراء ظاهره التسهيل وباطنه وحقيقته يراد به التزوير. وحول معنى "تنشأ مقار انتخابية بدوائر اختصاص البعثات الدبلوماسية والقنصلية" أوضح "عوض" أن المقصود هو أن البعثة بدولة و"اختصاصها" تعنى إنشاء المقار داخل الدول الأجنبية داخل الاختصاص المكانى للقنصلية بالدولة وليس المقر نفسه أى يجد أعدادا كبيرة بدولة ما ينشئ مقارا مختلفة داخلها، ولا يعلم من أتى ومن حضر، مؤكدا أن أعداد المصريين بالخارج تعد رقما فارقا لأنه لو زاد بدلا من نصف مليون كما هو معتاد إلى اثنين مليون فبالطبع سيكون رقما فاصلا. وحول عدم اعتراض المحكمة الدستورية على تعديل منصور بجعل الإشراف للدبلوماسيين بدل القضاة كما سبق وطالبت فى ملاحظاتها على قوانين الانتخابات فى فبراير الماضى قال"عوض" إن المحكمة الدستورية عملت على هدم المؤسسات المنتخبة، وتمرير هذا التعديل يكشف تناقضا صارخا، ودلالة على أنها بعهد الرئيس الشرعى للبلاد د. مرسى عملت على هدم مؤسسات الدولة، ويبدو أنها أوقفت عملها بدليل عدم اعتراضها على إشراف الدبلوماسيين بدلا من الإشراف القضائى. تجاهل إرادة الأمة من جانبه أكد الدكتور حسام عقل -رئيس المكتب السياسى لحزب البديل الحضارى- أنه لا شك أن المتتبع للشأن السياسى فى مصر وخصوصا فى تطوراته الدستورية والقانونية يلاحظ بوجه عام أن هناك ردة عن الحريات العامة بما فى ذلك حق التصويت والانتخاب والاقتراع الذى لن يكون استثناء من هذه القاعدة التى ألفناها مع النظام الانقلابى العسكرى الدموى، حيث بدأ بتجاهل إرادة الأمة والتلاعب بها وإهدار كرامتها السياسية والحقوقية ممثلة بشكل بارز فى إهدار ستة استحقاقات انتخابية ضرب بها عرض الحائط، فإذا كان الانقلابيون لم يحترموا فكرة الرئيس المدنى المنتخب بإرادة شعبية، ولم يحترموا بالمثل كتلة تصويتية هائلة شاركت فى انتخاب البرلمان، الذى تم التآمر بحله، فهل متوقع مع ذلك أن يحترموا استفتاء شعبيا حول الدستور. وقال "عقل": لنا طرح جملة أسئلة هنا هى: هل من حق الانقلابيين إهدار دستور وقذفه من النافذة بعد الاستفتاء عليه، وهل من حقهم أن يعيدونا مرة أخرى للمربع رقم واحد، وهل من حقهم أن يدفعوا بشخصيات عشوائية غير مؤهلة لتشغل ما يسمى ب"لجنة الخمسين الانقلابية" وهى اللجنة التى وصفها الدكتور إبراهيم درويش الفقيه الدستورى المعروف بتأييده لما جرى فى 30 يونيو و3 يوليو بأنها "مهزلة دستورية" ستجعل من البلاد أضحوكة الأمم فى المجال الدستورى والحقوقى؟. وتابع: "ومن ثم فإنى لا أتوقع أية نزاهة أو شفافية أو حيدة فى كل مراحل التصويت والاستفتاء من المنبع إلى المصب، كما أتوقع أن كل حيل وألاعيب الحزب الوطنى القديم فى المواسم الاستفتائية والانتخابية ستنتعش من جديد، وبصورة أكثر فجورا، فإن من أراق الدم وحرق الجثث وكسحها محترقة بالجرافات لا يبالى أن يهدر أصواتا أو أن يزور استفتاء، ومن ثم فإننى أنضم لعدد هائل من الرموز السياسية والوطنية التى قررت مقاطعة الاستفتاء حتى لا ينجم عن ذلك شرعنة الانقلاب بمجرد المشاركة ". وأكد رئيس المكتب السياسى لحزب البديل الحضارى، أن موقف المقاطعة هو موقف حزب البديل الحضارى الذى قرر مقاطعة الاستفتاء تماما لنزع ورقة التوت عن هذا النظام الانقلابى، الذى لا يريد أكثر من التقاط صورة للطوابير ثم النظام الانقلابى سيتعامل بطريقته الفجة بالتلاعب والمناورة فى أصواتهم، مشيرا إلى أن لديه يقينا بأن التعديل الجديد بنقل عملية التصويت خارج حرم المقار الدبلوماسية خطوة مثيرة للارتياب وتدعو للشك فى نزاهة العملية برمتها. منظومة تزييف وتزوير بدوره يرى أحمد خلف -الباحث بمركز الحضارة للدراسات السياسية- أن هذا التعديل يعد جزءا من منظومة التزييف والتزوير التى قام على أساسها الانقلاب العسكرى فى 3 يوليو، هذه المنظومة التى قامت على تزييف الحقائق باتهام الإسلاميين الفائزين فى كل الاستحقاقات الانتخابية التى تلت الثورة بوجه عام والإخوان المسلمين بوجه خاص بالإرهاب دون سند أو برهان، وتلفيق القضايا لهم عبر أجهزة الدولة المتحالفة ضد الديمقراطية والإرادة الشعبية، ثم أكملوا مسلسل الزيف باتهام المتظاهرين رافضى الانقلاب العسكرى بحمل السلاح وعدم السلمية وقتل خصومهم إلى غير ذلك. وتابع "خلف": "والآن يستكمل الانقلابيون مسلسل التزييف ببدء الالتفاف على إرادة الناخبين فى الخارج بالتحكم فى مسار عمليات الاقتراع المزمع تنفيذها فى الفترة القادمة، وستتبعها بالتأكيد محاولات مغلفة بغلاف قانونى للالتفاف على إرادة الناخبين فى الداخل"، موضحا سواء برفع نسبة المشاركة عبر زيادة عدد الناخبين فى بعض الدول التى تصعب مراقبتها ومتابعة سير العملية الانتخابية فيها؛ لموازنة النتائج المتوقعة من أماكن كثيفة التصويت مثل السعودية ودول الخليج، ومعظم المصوتين فى هذه الأماكن ضد الانقلاب وممثليه، ولمواجهة المقاطعة الواسعة المتوقعة لكل قرارات سلطة الانقلاب. وكشف "خلف" أنهم يستهدفون الخارج بشكل خاص؛ لأنه يمثل رسالة يحرص الانقلاب على توصيلها للخارج، ذلك أن نتيجة اقتراع الخارج تعلن قبل الداخل، لتكون مدخلا لنتيجة الانتخابات النهائية، وتمهيدا لإصدارها بغض النظر عن النتيجة الحقيقية فى الداخل التى سيحاول الانقلاب الالتفاف على نتائجها أيضًا، سواء فى نسبة المشاركة أو فى نتيجة العملية الانتخابية ذاتها، وهو ما يخفف من حدة التزوير المنتظر حدوثه، وامتصاصا لانتقادات أطراف دولية، دول أو مؤسسات، لنتائج الاقتراعات. ومثل قانون منع التظاهر الذى جاء ليمهد إصدار الوثيقة الانقلابية التى يسمونها الدستور، يأتى هذا القانون الباطل ليخدم هذه الوثيقة أيضا التى تنص على أنه: "يتم الاقتراع والفرز فى الانتخابات، والاستفتاءات التى تجرى فى السنوات العشر التالية لتاريخ العمل بهذا الدستور، تحت إشراف كامل من أعضاء الجهات والهيئات القضائية (م210) وتنص فى الوقت ذاته بالنسبة للمصريين المقيمين فى الخارج على أنه ينظم القانون مشاركتهم فى الانتخابات والاستفتاءات، بما يتفق والأوضاع الخاصة بهم دون التقيد فى ذلك بأحكام الاقتراع والفرز وإعلان النتائج المقررة بهذا الدستور. (م88)، مشيرًا إلى أننا أمام عملية إنفاذ لدستور الانقلاب الذى لم يتم الاستفتاء عليه فضلا عن إقراره من عدمه، وبالمخالفة لأحكام الدستور الشرعى الصادر فى 2012م.