أبرزها «الشهادة الذهبية».. إنجازات حكومة مدبولي في المنظومة الصحية قبل استقالتها    مثلها الأعلى مجدي يعقوب.. «نورهان» الأولى على الإعدادية ببني سويف: «نفسي أدخل الطب»    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. سعر الذهب اليوم الاثنين 3 يونيو 2024 (آخر تحديث)    محافظ مطروح يتابع خفض منسوب المياه الجوفية بمشروع الإسكان الاجتماعي والشباب بمنطقة حفر الباطن    بقذيفة «مضادة للأفراد».. «القسام» توقع قوة إسرائيلية بين قتيل وجريح    «أونروا»: «مليون شخص فروا من رفح في ظروف لا يمكن وصفها»    موسكو تهدد واشنطن بعواقب الأضرار التي لحقت بنظام الإنذار المبكر    الرئاسة الأوكرانية: 107 دول ومنظمات دولية تشارك في قمة السلام المرتقبة بسويسرا    تحرك عاجل من مجلس الزمالك لحل أزمة القيد    نائل نصار أمل الفروسية المصرية في أولمبياد باريس    استعدادًا ل يورو 2024.. ألمانيا ضد أوكرانيا مساء اليوم ..موعد اللقاء وتردد القنوات الناقلة    بالإسم ورقم الجلوس.. تعرف على نتيجة الشهادة الإعدادية ببني سويف (النتيجة كاملة)    انطلاق تصوير فيلم «قصر الباشا» بطولة أحمد حاتم (صور)    تفاصيل عقد قران جميلة عوض والمونتير أحمد حافظ    وزير الأوقاف يوصي حجاج بيت الله بكثرة الدعاء لمصر..صور    «بلاش نعمل هيصة ونزودها».. شوبير يحذر قبل مباراة مصر وبوركينا فاسو    محافظ الغربية: نتابع باستمرار ملف التصالح وتبسيط الإجراءات على المواطنين    ناجى الشهابي: حكومة مدبولي قادوا البلد في ظروف صعبة بحرفية شديدة وضرورة الاهتمام بالصحة والتعليم    مجلس النواب يشكر حكومة مدبولي: بذلت جهدًا كبيرًا داخليًا وخارجيًا    رئيس حزب الاتحادى الديمقراطى: حكومة مصطفى مدبولى عملت فى صمت وحققت الكثير من الإنجازات    ثقافة الإسكندرية تقدم "قميص السعادة" ضمن عروض مسرح الطفل    نتنياهو: الحرب فى غزة ستتوقف لإعادة المحتجزين ثم ستتبعها مناقشات أخرى    "التابعى.. أمير الصحافة".. على شاشة "الوثائقية" قريبًا    رودري: اعتزال كروس يلهم الجميع    سُنن صلاة عيد الأضحى.. «الإفتاء» توضح    رئيس الوزراء يتفقد المعرض الطبي الأفريقي الثالث    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    الأربعاء المقبل.. انطلاق مهرجان الأفلام اليابانية بالقاهرة    مي عمر عن علاقتها بمحمد سامي: «مبخافش من الحسد ومبركزش في كلام الناس»    6 قرارات للمجلس الأعلى للجامعات لشئون الدراسات العليا والبحوث    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    نقيب البيطريين: حصلنا على وعد بضم أعضاء النقابة إلى تعيينات ال120 ألف فرصة عمل    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    أسامة قابيل يوضح حكم تفويض شخص آخر فى ذبح الأضحية؟    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    صيادلة الإسكندرية: توزيع 4.8 ألف علبة دواء مجانا في 5 قوافل طبية (صور)    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    برلماني يطالب الحكومة بدعم الاستثمار الزراعي والصناعي    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    منتخب إنجلترا يواجه البوسنة في البروفة الأولى قبل يورو 2024    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    حالات وإجراءات تأجيل امتحانات الثانوية العامة 2024 للدور الثانى بالدرجة الفعلية    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    شكري: مصر تستضيف المؤتمر الاقتصادي المصري الأوروبي نهاية الشهر الجاري    بعد انسحاب قوات الاحتلال.. فلسطينيون يرون كيف أصبح حال مخيم جباليا    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    للتدخلات الجراحية العاجلة.. كيف تستفيد من مبادرة إنهاء قوائم الانتظار؟    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبهة الإنقاذ.. تحالف سياسى مع قوى البلطجة والإجرام

تعتبر جبهة "الإنقاذ الوطنى" تكتلا سياسيا تشكل فى 22 نوفمبر 2012 بعد الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس محمد مرسى. وتتشكل الجبهة من 35 حزبا سياسيا وحركة سياسية وثورية وجميعها ذات أيدلوجيات ليبرالية ويسارية. وقد تميزت الجبهة باحتوائها على أتباع نظام مبارك وفلول الحزب الوطنى المنحل، ما جعل بعض الوجوه المعارضة الأخرى تحجم عن المشاركة فيها. وقد أسهمت الجبهة فى دعم حركة "تمرد" والتى تأسست فى 26 إبريل 2013 للتهميد للانقلاب على حكم الرئيس مرسى. كما أشارت بعض الوثائق التى تناقلتها الصحف عن ترابطا ما جمع بين "الجبهة" وما يسمى بتنظم "البلاك بلوك" والذى ظهر فى مصر فى الذكرى الثانية من ثورة يناير؛ حيث قاموا بمهاجمة مقرات عديدة للإخوان والمبانى الحكومية وأوقفوا حركة المرور وخطوط المترو فى أكثر من 8 مدن مصرية.
وقد دأبت "جبهة الإنقاذ" مع غيرها من قوى المعارضة، على افتعال الأزمات والدعوة إلى التظاهرات والاحتجاجات، ومن ثم كان هذا دائما ما يشكل غطاء لممارسات البلطجة والشغب والاعتداءات، بدعوى حرية الرأى والحق الحر فى التظاهر، وهو ما كان يثبت أن هدفه الوحيد كان إرباك الحكومة وتعطيل أية ممارسات ديمقراطية حقيقية.
شهداء الاتحادية وتظاهرات رفض الإعلان الدستورى
وقد ظهر ذلك جليا فى الزعم بالاعتراض على الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس مرسى فى نوفمبر 2012، ومن ثم التظاهر لرفض ذلك الإعلان، وهو ما أدى إلى استشهاد الشاب "إسلام مسعود" -من جماعة الإخوان- فى ميدان الساعة بدمنهور بالبحيرة فى أثناء مشاركته فى وقفة لتأييد قرارات الرئيس محمد مرسى فى نوفمبر 2012، ومن بعده استشهاد 10 من بينهم 8 من أعضاء جماعة الإخوان أمام قصر الاتحادية فى 5 ديسمبر 2012 إثر إصابتهم بطلقات نارية فى الرأس والبطن والجانب الأيسر، وإصابة 216 على الأقل جميعهم من مؤيدى الشرعية والرئيس المنتخب. وهو الأمر الذى تلاه فى الأيام التالية إحراق ما يقرب من 28 مقرا من مقرات جماعة الإخوان.
تظاهرات الذكرى الثانية من ثورة يناير
وكذلك دعت الجبهة وحلفاؤها إلى التظاهر فى الذكرى الثانية لثورة فى 25 يناير 2012، وتحت الشعار المزعوم والذى يستخدم للترويج الإعلامى؛ "لا لدولة الإخوان"، تم حرق أكثر من مقر من مقرات حزب الحرية والعدالة. ومقتل 10 أشخاص فى السويس والإسماعيلية وإصابة 476 آخرين بحسب وزارة الصحة. فيما أعلن المجلس القومى لحقوق الإنسان سقوط 56 قتيلا من بينهم 53 مدنيا و3 من قوات الشرطة، بالإضافة إلى 2028 مصابا منهم 1667 مدنيا و361 من أفراد الشرطة. كما تضمن التقرير حصر ما تم الاعتداء عليه من ممتلكات ومرافق عامة، وممتلكات خاصة؛ حيث تم الاعتداء على 48 منشأة من بينها 35 عامة وحكومية و13 خاصة و10 محاولات لقطع الطرق وتعطيل 8 منشآت عن العمل وتقديم الخدمات للمواطنين، وذلك فى الوقت الذى ألقى القبض على 450 متهما تم إخلاء سبيل 70 على ذمة التحقيقات وحبس 380 متهما. وقد شهدت تلك الأحداث ظهور تنظيم "البلاك بلوك"؛ وربطت بعض الوثائق المسربة علاقته ب"جبهة الإنقاذ"، وتخطيطها لاستخدامه خاصة فى حوادث تعطيل حركة مترو الأنفاق.
ادعاء قبول الحوار.. والتظاهر اللاسلمى
وبعد تلك الأجواء الملتهبة وعلى الرغم من توقيع القوى السياسية فى مصر على وثيقة لنبذ العنف والالتزام بالحوار، إلا أن جبهة الإنقاذ وبعض حركات المعارضة الأخرى دعت إلى تظاهرات حاشدة فى ميدان التحرير والقصر الرئاسى بالاتحادية يوم الجمعة الأول من فبراير وذلك تحت شعار "مليونية جمعة الخلاص" للمطالبة بتعديل الدستور، وإقالة حكومة هشام قنديل، وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى، وإقالة النائب العام. وفى تلك التظاهرات شهد محيط قصر الاتحادية أحداث عنف ومحاولات لاقتحام القصر الجمهورى؛ حيث قام البلطجية المتظاهرون بإلقاء قنابل مولوتوف وألعاب نارية، داخل أسوار القصر الرئاسى، مما أدى إلى اشتعال النار فى البوابة رقم 4، وقامت قوات الحرس الجمهورى بالرد بتوجيه خراطيم المياه تجاه المتظاهرين. وأسفر اليوم عن سقوط قتيل واحد، وإصابة العشرات. وفى هذا فقد اكتفت جبهة الإنقاذ بإدانة العنف فى بيان لها. وقد شهدت تلك الليلة كذلك قطعا لطريق كورنيش النيل من أمام فندق سميراميس، ثم الهجوم على قوات الأمن الموجودة فى محيط السفارتين الأمريكية والبريطانية بالحجارة وزجاجات المولوتوف، وإطلاق الخرطوش، فضلا عن ما يقرب من أربع حالات تحرش بميدان التحرير. وكذلك أوقع البلطجية المتظاهرون حريقا هائلا بأحد المبانى الأثرية فى موقع الاشتباكات بميدان "سيمون بوليفار" بجوار كنيسة قصر الدوبارة بعد قيامهم بإلقاء زجاجات المولوتوف عليه.
وفى 22 من مارس، شهدت تظاهرات "جمعة رد الكرامة" والتى دعا إليها العديد من القوى من بينها شباب جبهة الإنقاذ، أمام مقر مكتب الإرشاد بالمقطم؛ زعما بالمطالبة برد اعتبار البعض من النشطاء من بينهم سيدة ممن زعموا تعرضهم للإساءة أمام مكتب الإرشاد، وللمطالبة كذلك بالمطالب المعتادة من إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وإقالة حكومة الدكتور هشام قنديل، ووقف العمل بالدستور، وكان من أثر ذلك إصابة مئات الإخوان ودخول 176 حالة للمستشفيات و26 حالة حرجة، وحرق 10 حافلات واعتداء على مقرات، وترويع الفتيات بمقر المنيل.
التحفيز ضد قيادات الإخوان وإعلامييهم
ونتيجة للتحفيز ضد الإخوان وقادتهم خاصة عن طريق قوى الإعلام، ما كان من محاولة اغتيال القيادى الإخوانى والبرلمانى صبحى صالح فى 6 ديسمبر 2012 على يد بلطجية فى منطقة سيدى جابر بمحافظة الإسكندرية، وتهشيم السيارة التى كان يستقلها وتعرضه إلى الضرب المبرح، فضلا عن بعض المحاولات لمنع سيارة الإسعاف من نقله، وفى 24 فبراير 2013 تعرض عضو مكتب الإرشاد الدكتور محمود غزلان لمحاولة اعتداء بمحيط ميدان التحرير بوسط القاهرة. هذا فضلا عن التعرض للإعلام وممثليه طالما لم يكونوا فى صف جبهة الإنقاذ ومن عاونهم؛ حيث تعرض العديد من رموز وقيادات الإخوان الصحفية إلى تهديدات متكررة بالتصفية الجسدية وبعضهم اعتدى عليه بالفعل؛ حيث تم الاعتداء على الكاتب الصحفى قطب العربى أمين عام مساعد المجلس الأعلى للصحافة مساء الجمعة 23 نوفمبر 2012، وكذلك تعرض مقر موقع -إخوان أون لاين- بوسط القاهرة إلى التدمير التام، فيما استهدف "بلطجية" مقر جريدة الحرية والعدالة بالمولوتوف أكثر من مرة، فضلا عن استهداف الصحفيين بالمقر وتهديد حياتهم.
حرق مقار وغلق دواوين ادعاء برفض حركة المحافظين
وفى الثلاثاء 18 يونيو 2013، وفى بيان لحزب الحرية والعدالة، انتقد الممارسات الإجرامية التى قام بها البعض -زعما بالاعتراض على حركة المحافظين- حيث قام عدد من المحسوبين على حركة (تمرد) و(جبهة الإنقاذ) بالهجوم على مبنى محافظة طنطا محاولين منع المحافظ الجديد من تأدية مهامه، ثم أضرموا النيران فى عدد من المحال التجارية، كما تم حرق مقر جماعة الإخوان المسلمين بطنطا، بينما قامت مجموعة صغيرة بالمحلة الكبرى من حركة (تمرد) بالاعتداء على منزل أسرة المهندس سعد الحسينى، محافظ كفر الشيخ، وقاموا بحرق سيارته الخاصة. وفى محافظة المنوفية قام العشرات من حركة (تمرد) و(جبهة الإنقاذ) بغلق مبنى المحافظة، وكتابة عبارات خادشة للحياء العام على جدران المبنى مع الاعتداء على عدد من الأهالى المؤيدين للمحافظ الجديد، وهو ما تكرر فى محافظات الدقهلية، والبحيرة، وبنى سويف، والأقصر، بمعاونة عدد من البلطجية والمأجورين. وفى الإسكندرية قام أيضا عدد من البلطجية بالاعتداء على وقفة سلمية نظمتها جماعة الإخوان المسلمين لاستقبال شهر رمضان، مما أدى إلى وقوع العديد من الجرحى والمصابين بينهم 3 إصابات خطيرة. هذا فى حين لم نسمع لهم الآن صوتا بعد حركة المحافظين التى أقرها الانقلاب، وجاءت ب17 عسكريا لتولى السلطة.
16 شهيدًا فى أول أيام تظاهرات الانقلاب
ومن بين أهم التظاهرات التى دعت إليها جبهة الإنقاذ وحلفاؤها من "تمرد" وتم استخدام عناصر البلطجة فيها بوضوح، ما كان من أمر أول أيام الانقلاب فى 30 يونيو 2013، ففى هذا اليوم وحده استشهد 16 مواطنًا، وأصيب 781، من بينهم 8 أمام المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين بالمقطم معظمهم بطلقات نارية فى الصدر أو الرأس، كما تم إشعال النيران فى جميع أدوار المركز وإتلاف جميع محتوياته، هذا بخلاف الحملة الموسعة للاعتداء على مقرات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة بالمحافظات، ومن بين تلك الصور البشعة التى يحتفظ بها عقل المواطن المصرى ما كان من الاعتداء فى الأول من يوليو 2013 على أحد الملتحين فى أثناء سيره هذا اليوم بشارع 9 بمنطقة المقطم؛ حيث انهال عليه عدد من البلطجية وضربوه بالحجارة والعصى وقطع حديدية وجرَّدوه من ملابسه، واستمر الضرب والطعن بالمطاوى حتى سقط مغشيًّا عليه وسط الشارع ثم جرَّدوه من ملابسه الداخلية وتركوه عاريًا تمامًا غارقًا فى دمائه. كل هذا بخلاف جرائم ومذابح الانقلاب التى جاءت بعد ذلك.
غطاء وظهير للانقلاب
ومن جانبه، "حازم محسن سليمان" -الباحث السياسى والقيادى فى حزب الوسط- يقول: تعد جبهة ما يسمى ب"الإنقاذ" مزيجا من الفكر التجريبى الأمريكى وما بات يعرف ب"الفكاكة المصرية" أو الدخول فى الشأن العام بلا أية أهداف أو رؤى إستراتيجية؛ بمعنى أن أمريكا خاصة فى الأمور السياسية تميل إلى إعادة إنتاج الممارسات السابقة طالما نجحت من قبل، ولذا فقد قاموا باستدعاء فكرة "جبهة الإنقاذ الرومانية (1989-1990)"، وحتى لم يقوموا بإجراء أية تعديلات ولو صغيرة عليها، ولكن قاموا بتطبيقها فى الحالة المصرية كما هى، بنفس الاسم والأهداف والوسائل؛ ولذا كان من الواضح من ممارسات تلك الجبهة فى مصر أنها لم تكن تملك معانى المعارضة الحقيقية؛ بل كان العاملون فيها ليسوا أكثر من أدوات لتنفيذ السيناريو المعد سلفا، ويبدو ذلك من فتحهم الأبواب لضم عناصر من الثورة المضادة وقوى النظام السابق وصناعة شكل وطنى لهم، والدليل على ضعف تلك الجبهة وأعضائها أن الانقلاب لم يمكن لأعضائها فى مقابل أن اليساريين هم من يسيطرون الآن فى حكومة الانقلاب بقيادة الببلاوى.
أما كون الجبهة نجحت فى لعب دورها حتى الإتيان بالانقلاب؛ فذلك لأن أحدا لم يكن يصدق أن قوى الثورة المضادة بهذا القدر من الغباء السياسى بحيث تعيد تكرار تلك الآليات التى انتهت من العالم أجمع، ففى حين كان المستهدف أن يكون الإصلاح تدريجيا لا يقصى الجميع مرة واحدة، ثم فوجئنا بهذا السيناريو الساذج والذى وضع المنطقة كلها فى تلك الأزمة.
واختصارا فجبهة الإنقاذ كانت مجرد خطوة انقلابية استخدمت بعض الوجوه التى كانت محسوبة على الثورة؛ لمحاولة التضليل والتأثير على عموم الناس لاعتبار أن ما هو قادم ليس إلا موجة ثورية جديدة، ولأن البعض تسيطر عليه شهوة السلطة والظهور وكراسى الحكم، فقد كان هناك من أحسن استغلال تلك المعطيات النفسية ووظفها لأغراضه، أما تلك الوجوه وأصحاب الاحتياجات المرضية، فربما استطاعوا إقناع أنفسهم أو من حولهم بأنهم يخطون خطوات تكتيكية فقط بتحالفهم مع قوى الثورة المضادة أو أعضاء النظام السابق، ومن ثم انقلبوا على الجميع؛ لكن فى النهاية تلك الوجوه جميعها كانت تعلم مع من تحالفت.
ويقول "ياسر زيادة" -الباحث فى العلوم السياسية-: أولا لا بد أن ننظر إلى مواقف قادة جبهة الإنقاذ فى الأحداث التى تلت ما بعد ثورة يناير حتى يمكن الحكم عليهم بصورة صحيحة فنجدهم أولا كقادة لم يشارك معظمهم فى أى فعاليات ثورية بعد ثورة يناير حتى إن منهم من لم يشارك فى ثورة يناير بالأساس أو ينزل الميادين إلا قليلا. وفى حين أنهم تشكلوا وهبّوا اعتراضا على الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس مرسى -نوفمبر 2012-، فى حين أنهم ومن قبل ذلك لم ينزلوا الميدان مثلا أو يبدوا اعتراضا على الإعلان الدستورى المكمل -فى يوم 30 مارس 2011- الذى أصدره المجلس العسكرى قبل تولى الرئيس مرسى الحكم وهو الإعلان الذى كان بمنزلة قيد شديد على د. مرسى وينزع منه صلاحياته وهنا يبرز التناقض واضحا جدا خاصة مع صمتهم على الإعلان الدستورى الذى صدر بعد الانقلاب وتضمن بنودا أكثر سوءا بكثير من الإعلان الذى أصدره الدكتور مرسى مع الوضع فى الاعتبار فارق أن الدكتور مرسى منتخب من الشعب وليس معينا من الانقلاب.
يردف "ياسر" ومن هنا أؤكد أن دور الجبهة كان تخريبيا بامتياز بسبب فشل أعضائها فى كل استحقاق انتخابى سواء فى انتخابات الرئاسة أو فى الحصول على نسبة معقولة فى الانتخابات البرلمانية. فهم مثلا لم يقدموا أى تصور حقيقى واضح للمعارضة المحترمه ولم يقدموا أى تصور لحكم البلاد، بل كانوا داعمين أساسا لحركات الشباب التى كانت تطالب بمجلس رئاسى طول الوقت لا يعرف أحد من يعينه أو ما هى صلاحياته ولم تصدر منهم أى إدانة لكافة اعمال التخريب والحرق للمنشآت الحكومية (دواوين المحافظات والمجالس المحلية ومبنى الضرائب وسميراميس وغيرها) ولا مقرات حزب الحرية والعدالة، بل شجعوا من قام بهذه الأفعال المجرمة عبر دعمهم للشباب والقول عنهم بأنهم ثوريون معارضون لحكم الدكتور مرسى، كذلك اعترضوا على ما يسمى ب"أخونة" الدولة ولم يثبتوا ذلك ولكنهم بثوا سمومهم للرأى العام للتحريض على الدكتور مرسى، ولم يعترضوا أو يهمسوا ببنت شفة على عسكرة الدولة القائم على قدم وساق فى عهد الانقلاب، كذلك اعترضوا على ما يسمى ب"حادثة حمادة" المسحول -الواقعة الشهيرة أمام قصر الاتحادية فى فبراير 2013- رغم حيثيات الواقعة التى دلت على افتعالها، وغضوا الطرف عن القتل والمجازر التى حدثت بعد الانقلاب والاعتقال العشوائى بل قدموا الشكر لأجهزة وزارة الداخلية المجرمة على فضهم لاعتصامات رافضى الانقلاب، وخلاصة ذلك أن قادة جبهة الإنقاذ ينادون بأمور ليسوا مقتنعين بها؛ فهم ينادون بالدولة المدنية والحريات، وفى الوقت نفسه يوافقون على عسكرة الدولة وقتل وإقصاء خصومهم ليس من الحياة السياسية فقط، ولكن من الحياة عموما بتفويضهم لقتل معارضى الانقلاب وتحريضهم الدائم على من لم يقتل منهم، واتضح من مواقفهم مع العسكر بعد الانقلاب أنهم كانوا جزءا من حلقات إفشال ثورة يناير التى قادها العسكر أملا فى إقصاء التيار الإسلامى الذى يفوز عليهم فى كل استحقاق انتخابى.
وحول تأثيرهم على الوضع الاجتماعى والاقتصادى للبلاد، يضيف "ياسر": ممارسات جبهة الإنقاذ ومن عاونهم من قوى الثورة المضادة أدت إلى تراجع اقتصادى كبير من خلال شيوع حالة من عدم الاستقرار السياسى وتكريسهم آلية التظاهر كممارسة وحيدة يتم التحريض عليها ضد أى قرار للرئيس مرسى، مما أثر كثيرا على الوضع الاقتصادى للبلاد، وذلك حتى وصولنا إلى أن يكون الإنجاز الوحيد الذى تحقق فى عهد الانقلاب هو التسول من دول الخليج لسد العجز الواضح فى الموازنة، مع توقف السياحة بنسبة أكثر من 70% وتوقف كثير من المصانع الكبرى والصغيرة وزيادة البطالة والأسعار بالضرورة، وفى الجانب الاجتماعى فقد مثلت جبهة الإنقاذ قطاعا إقصائيا، مدعوما إعلاميا أسهم بصورة أساسية فى تقسيم المجتمع إلى فئات متناحرة، وتقسيم المقسم نفسه، فأصبحنا نرى فى المجتمع من يفرح فى قتل المخالف له ويحرض عليه، ويشمت فى قتله وأصبحنا أمام من يرى فى فلسطين عدوا لمصر و"إسرائيل" صديقا محترما، وفى حين ينعتون فصائل مصرية بعينها بأنهم إرهابيون، بينما لا يجدون غضاضة فى الاتفاق مع أعداء مصر الحقيقيين.
ويرى عبد الناصر عبد العال -الباحث السياسى- أن أعضاء جبهة الإنقاذ كفروا بمبادئهم الليبرالية والاشتراكية وضحوا بالثورة والدولة المدنية كرهًا فى الإخوان.
ويضيف: كنا نتطلع إلى اليوم الذى يؤمن فيه الإسلاميون بالديمقراطية والصندوق والأحزاب السياسية كآليات لتداول السلطة، وعندما تحقق ذلك تبدل الوضع، ففى الوقت الذى يتمسك فيه الإسلاميون الآن بالديمقراطية والصندوق وينادون بعدم تدخل العسكر فى الحياة السياسية نجد أن أعضاء جبهة الإنقاذ والعلمانيين عمومًا يتحالفون مع العسكر والفلول والبلطجية وجماعات تنتهج العنف كوسيلة لفرض دكتاتورية الأقلية مثل حركة تمرد وبلاك بلوك، كذلك ففى الوقت الذى ينادون فيه بحقوق البوذيين وأصحاب الهولوكوست والتحيز الإيجابى لصالح طائفة معينة؛ لا ينادون ببرنامج مماثل يتحيز إيجابيًا للفقراء والمهمشين وقاطنى المناطق النائية فى سيناء والصعيد والوادى الجديد، ولم نسمع من أعضاء جبهة الإنقاذ اعتراضا على تلك المذابح التى ارتكبت فى رابعة والنهضة ورمسيس وسيناء وفى كل أنحاء مصر، فضلا عن صمتهم كذلك على تقييد الحريات وتكميم الأفواه والتخلى عن أهداف الثورة، وأيضا عدم إدانتهم لاضطهاد اللاجئين السوريين فى مصر مما يتعارض مع كل مبادئ الإنسانية، وكذلك يصمتون الآن فى الوقت الذى يتم فيه تحصين منصب وزير الدفاع فى الدستور -الذى يضعه الانقلابيون الآن- والسماح بمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية؛ وعليه فالليبرالية المصرية هى من النوع الأمريكى التى تكفر بمبادئها عندما يتعلق الأمر بالمسلمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.