تأتي أهمية تصريحات آن باترسون، السفيرة الأمريكية السابقة في القاهرة خلال أحداث ثورة 25 يناير 2011 وحتى بداية 2014، عن تفاصيل غدر الجيش بالرئيس محمد مرسي، بأنه أول اعتراف أمريكي رسمي بأن ما جرى في 3 يوليو 2013 كان انقلابًا عسكريًّا، وأن أي محاولة لتغليفه بثورة غضب شعبية ليس لها محل من الإعراب. السفيرة الأمريكية كشفت- خلال مشاركتها في ندوة عقدها مركز التقدم الأمريكي في واشنطن تحت بعنوان "الانتفاضات العربية بعد 8 سنوات.. الدروس المستفادة لسياسة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط"- أن الجيش الذي غدر بالرئيس مرسي يمكن أن يطيح بجنرال إسرائيل السفيه السيسي هو الآخر، إذا تصادمت رغبات الجيش مع طموحات السفيه، مؤكدة أن الانتخابات التي فاز بها الرئيس محمد مرسي كانت ديمقراطية ونزيهة 100%. وتعد أهمية تصريحات باترسون أنها جاءت مصحوبة بالعديد من الحقائق التي كانت- إلى وقت قريب- مجرد كلام يتم ترديده عن الدور الأمريكي في الانقلاب، ودور دول الخليج والدعم الإسرائيلي، وأن الرئيس محمد مرسي لم يكن على هوى الإدارة الأمريكية على عكس ما يردده إعلام الانقلاب العسكري. صدام السيسي ومن باترسون إلى تصريحات رئيس الاتحاد الوطني للأطباء الفيدراليين في فرنسا والحقوقي الدولي، فرانسوا دوروش، بشأن احتمالية قيام الجيش بالانقلاب على السفيه السيسي خلال الفترة المقبلة، وهو ما قد يقطع الطريق على ثورة غضب مصرية، حيث رأى البعض أن الواقع لا يدعم هذه الفرضية تمامًا. إلا أن “دوروش” أكد في المقابلة الصحفية، أن تصريحاته مدعومة بمعلومات وحقائق ووثائق لا يستطيع الحديث عنها بالتفصيل في الوقت الراهن، وأن من سينفذ هذا الانقلاب المحتمل هم ضباط بالصف الثاني في المؤسسة العسكرية، على حد قوله. وكشف دوروش، الذي يشغل أيضا منصب رئيس منظمة عدالة وحقوق بدون حدود، عن أن المنسقة السابقة للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاترين أشتون، تخاطب الجيش المصري مباشرة لخلخلة قبضة السفيه السيسي، لافتا إلى أن أشتون لا تزال صاحبة قرارات تؤثر في الواقع المصري، ولا تزال همزة الوصل بين صناع القرار في كثير من الدوائر الغربية والنافذين بالساحة السياسية العربية. وشدّد على أن “المؤسسة العسكرية كانت- وما زالت- تقيم تحالفاتها مع جهات داخلية وخارجية لضمان مصالحها الاقتصادية والسياسية، ولا تدين بالولاء إلا إلى حساباتها الخاصة في البنوك الدولية وقبضتها الحديدية على الاقتصاد المصري”، مؤكدا أن “السيسي يشكل حاليا صداما مع هذه المؤسسة وتهديدا لمصالحها الحيوية”. وحسب تحليلات أخرى، فإن توقعات باترسون ودوروش بأن الجيش ربما يطيح بالسفيه السيسي ليست الأولى من نوعها، حيث سبق وأن أكدت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن الجيش المصري قد يتخلّص من قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، إذا استمر تدهور الوضع الاقتصادي والأمني داخل البلاد؛ لأنه يرغب في تجنُّب تكرار عهد الرئيس المخلوع "حسني مبارك"، الذي قاد إلى ثورة 2011. ثورة قادمة وتشير تحذيرات المحللين الذين تحدثوا للصحيفة، إلى أن السفيه السيسي يتربَّع فوق بلد تزداد فيها حالة عدم اليقين بدرجة أكبر بكثير مما كانت عليه في عام 2013، عندما استولى على السلطة عبر انقلاب، استفاد فيه الجيش من موجة تأييد أمريكي إسرائيلي خليجي مقترنة بعدم رضا عن نظام "محمد مرسي". ولفتت إلى أنه لو تدهورت الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية؛ سيقوم الجيش بالإطاحة ب"السيسي" لصالح خيار أفضل، معتبرين أن جيشًا موحَّدًا قد يُجبر “السيسي” على الخروج بسرعة، كما تخلَّى عن “مبارك” ليتخلّى عن الحكم في 2011. وهو نفس ما توقعه الصحفي الفرنسي البارز "آلان جريش"، رئيس تحرير صحيفة "لوموند"، خلال منتدى "الجزيرة" عام 2016، حيث أكد أن الشباب المصري سوف يعود قريبًا إلى الميادين؛ نتيجة حالة القمع والسلطوية المتزايدة التي تشهدها البلاد، مشيرًا إلى أن إزاحة السفيه السيسي من خلال انقلاب الجيش أصبحت ممكنة أكثر من أي وقت مضى، خاصة أن مصر لم تعد تلعب دورها التاريخي في المنطقة.