بدأت عفوية على الإنترنت حتى أصبحت الأعنف منذ 50 عامًا.. احتجاجات وحرائق في أحياء باريس الراقية، وماكرون يبحث عن مَخرج. يبدو أن لعنة قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي أصابت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد الاحتجاجات الفرنسية التي ضربت فرنسا بأكملها؛ احتجاجًا على زيادة أسعار الوقود. لم ينس المصريون تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون وهو يقف بجوار السيسي في قصر الإليزيه، قائلًا في رده على الانتهاكات والأعمال الإجرامية التي يقوم بها نظام السيسي في السجون والمعتقلات المصرية: “إنني لن أعطي دروسًا في حقوق الإنسان لغيري، وكل دولة أعلم بظروفها الأمنية”. لم تخرج كلمات ماكرون عفوية ولكنها خرجت من انتهازيته التي غلبت فيها المصلحة ومليارات الدولارات، على المزاعم الفرنسية بالدفاع عن الحقوق والحريات، بعدما غض ماكرون الطرف عن الجرائم التي تقوم بها سلطات الانقلاب نظير التعاقد على صفقة طائرات الرافال وحاملات الميسترال. إلا أن ماكرون دفع لعنة الدفاع عن السيسي، بعدما اشتعلت فرنسا بأكملها بسبب زيادة سعر الوقود، ولم تشفع أموال السيسي في تحسين الأوضاع الاقتصادية الفرنسية، أو أن يهنأ ماكرون بفترة حكمه الأولى. وأعلنت الحكومة الفرنسية، أمس، عن أنها تدرس فرض حالة الطوارئ لمواجهة أعمال العنف والفوضى التى تخللت مظاهرات «السترات الصفراء»، والتى تعد أسوأ اضطرابات مدنية تشهدها فرنسا منذ أكثر من 10 سنوات، فى الوقت الذى أكد فيه الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أنه لن يقبل أبدا بالعنف، وتعهد بمحاسبة مثيرى الفوضى فى البلاد. وقال بنجامين جريفو، المتحدث باسم الحكومة، لراديو أوروبا: «علينا التفكير فى الإجراءات التى يمكن اتخاذها حتى لا تتكرر هذه الوقائع»، وأضاف المتحدث أن الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الداخلية سيناقشون كل الخيارات المتاحة لهم خلال اجتماع وشيك. ومن جهته، صرح وزير الداخلية الفرنسى “كريستوف كاستانير” بأنه مستعد للنظر فى إمكانية فرض الطوارئ من أجل تعزيز الأمن فى البلاد. وردا على سؤال عن احتمال فرض حالة الطوارئ تلبية لطلب عدد من النقابات والشرطة، قال كاستانير: «ندرس كل ما يسمح بتعزيز ضمان الأمن، لا محرمات لدي، وأنا مستعد للنظر فى كل شيء». وقال كاستانير: إن مرتكبى أعمال العنف فى باريس أمس الأول هم من مثيرى الشغب، وأضاف «تم التعرف على نحو 3 آلاف شخص تجولوا فى باريس وارتكبوا مخالفات، مما جعل تدخل قوات حفظ النظام أصعب». وفى غضون ذلك، توجه الرئيس الفرنسى أمس مباشرة إلى قوس النصر بعد عودته لباريس قادما من الأرجنتين، ليتفقد الأضرار التى لحقت بالمعلم الشهير خلال أحداث الشغب. وأظهرت لقطات تلفزيونية الجزء الداخلى من القوس، حيث تحطم جزء من تمثال ماريان، وهو رمز للجمهورية الفرنسية، كما كتب المحتجون على القوس شعارات مناهضة للرأسمالية ومطالب اجتماعية. ووقف السياح الذين جاءوا إلى العاصمة الفرنسية ليتمتعوا بسحرها وسط أجواء عيد الميلاد، مذهولين أمام مشاهد أشبه بحرب الشوارع بين السيارات المحترقة وسحب الغازات المسيلة للدموع فى حى الأوبرا. وفى الساحة، انبعث دخان كثيف يحجب واجهة قصر “جارنييه مبنى الأوبرا”، وقد أضرمت النيران فى مواجهة المقهى الأنيق «كافيه دو لا بي» من قبل المتظاهرين. وقد أغلقت كل مداخل المقهى العريق الذى علق فيه بعض الزبائن. وقال نادل لسياح كانوا يحاولون الدخول إن المقهى «مغلق». فيما أجرى رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب محادثات مع زعماء المعارضة اليوم الإثنين، كما يبحث الرئيس إيمانويل ماكرون عن سبل نزع فتيل أزمة مظاهرات تعم البلاد احتجاجاً على ارتفاع تكاليف المعيشة وأدت لأعمال شغب واسع النطاق وتخريب في باريس مطلع الأسبوع. وفاجأ ما يعرف باسم انتفاضة (السترات الصفراء) ماكرون عندما تفجرت الأحداث يوم 17 نوفمبر، وهي تمثل تحديًا هائلا أمام الرئيس البالغ من العمر 40 عاما، بينما يحاول إنقاذ شعبيته التي هوت بسبب إصلاحات اقتصادية ينظر إليها على أنها منحازة للأغنياء. وعاث المحتجون فسادا في أرقى الأحياء الباريسية، يوم السبت، وأحرقوا عشرات السيارات ونهبوا متاجر وحطموا نوافذ منازل فاخرة في أسوأ اضطرابات بالعاصمة منذ عام 1968. وقال متحدث باسم شركة توتال: إن المحتجين قطعوا الطرق المؤدية إلى 11 مستودعُا للوقود تملكها الشركة، اليوم الإثنين، وإن البنزين غير متوفر في 75 من محطات الوقود التابعة لها. وتضم حركة (السترات الصفراء) أطيافا من المؤيدين من مختلف الأعمار والمهن والمناطق، وبدأت على الإنترنت كرد فعل عفوي على رفع أسعار الوقود، لكنها تحولت إلى تعبير أوسع عن الغضب لارتفاع تكاليف المعيشة على أبناء الطبقة المتوسطة. والحركة بلا زعامة واضحة مما يجعل المحادثات أكثر تعقيدا بالنسبة للحكومة.