بعد أن نفى ذلك في مايو الماضي، عاد وزير التعليم بحكومة الانقلاب الدكتور طارق شوقي إلى الكشف عن إلغاء مادة التربية الإسلامية، وأنه سيتم دمج كتاب مادة التربية الدينية للتلاميذ المسلمين والمسيحيين معًا لأول مرة، وتدريسه اعتبارًا من العام المقبل!. الوزير برر هذه الخطوة المشبوهة بأنها تستهدف ترسيخ القيم والأخلاق لدى جميع الطلاب، مدعيًا عدم وجود اعتراضات على كتاب التربية الدينية الجديد في نظام التعليم الجديد للصف الأول الابتدائي، واعتبر ذلك إنجازًا لم يحدث من قبل!. شوقي، أضاف خلال اجتماع مغلق مع أعضاء لجنة التعليم في البرلمان، مساء الأحد، أن “دليل المعلم الذي أقرته الوزارة أخيرا يعمل على غرس القضايا الوطنية والعالمية التي تستهدف الوزارة تدريسها للطالب”، مشيرا إلى أنه “يجرى حاليا تصميم شخصيات كرتونية للاستعانة بها في مادة التربية الدينية، من خلال عرضها على الطلاب في شكل مقاطع فيديو لإيصال المعلومات”. وأعلن شوقي عن حذف السور والآيات القرآنية التي تدرس للتلاميذ، مشددًا على “أهمية التركيز على فكرة القيم والأخلاق المشتركة بين الأديان خلال تدريس مادة التربية الدينية، بشكل يتجاوز التركيز على النصوص القرآنية والإنجيلية محل الخلاف”، لافتا إلى أن الوزارة ستنظم تدريبا مكثفًا لمعلمي مادة الدين الإسلامي والمسيحي معًا، في قاعة واحدة مشتركة، خلال ديسمبر/كانون الأول المقبل، لتبيان أهمية ترسيخ القيم والأخلاق لدى التلاميذ. إلغاء العقيدة تصريحات شوقي تعني شيئًا واحدًا، هو إلغاء المعتقدات الأساسية التي يؤمن بها التلاميذ المسلمون باعتبارهم يمثلون أكثر من 95% من مجموع التلاميذ في المدارس، وإذا كانت الكنيسة تستطيع احتواء أطفالها عبر مدارس الأحد والجمعة من كل أسبوع، فإن كثيرا من التلاميذ المسلمين لا يذهبون أصلا إلى المساجد ولا يتعلمون من آبائهم شيئا عن الإسلام سوى ما يتم الإشارة إليه في المدارس وكتب التربية الإسلامية، فلا حديث بعد اليوم عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك من العقائد الخلافية التي يستهدف الوزير حذفها، ولن يتعلم التلاميذ المسلمون أن المسيح عليه السلام هو رسول الله؛ لأن ذلك أيضا من العقائد الخلافية. كما أن التلاميذ لن يتعلموا بعد اليوم طريقة الوضوء والصلاة لأنها من العبادات، وكتاب الدين الجديد الذي تروج له الوزارة يستهدف الأخلاق لا العقائد ولا العبادات. وينسحب ذلك أيضا على الصيام والحج والزكاة ليتم التركيز على الإخوة الإنسانية والتعايش المشترك بين أصحاب الأديان، وهي قيم ضرورية لكن لا يجب مطلقًا أن تكون على حساب الثوابت الإسلامية من عقائد وعبادات وتشريعات. استرضاء الكنيسة وتأتي خطوة وزارة التعليم بحكومة العسكر استرضاء للكنيسة والغرب عموما، وتماهيًا مع الشروط والأوامر الأمريكية باعتباره نوعًا من تجديد الخطاب الديني، وتجفيفًا لمنابع ما يسمى بالإرهاب. وقد أكدت قيادة الكنيسة باستمرار أنها تمثل الظهير الشعبي للنظام حتى لو كان ذلك يخالف غالبية معظم الأقباط، ويعمل السيسي على استرضاء الكنيسة باستمرار من خلال قانون بناء الكنائس وزيادة “كوتة الأقباط” في البرلمان والوزارات والمحافظين والمناصب الحكومية. وكان البابا تواضروس قد عبر عن سعادته بذلك خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدةالأمريكية، لافتا إلى أن للأقباط محافظين و39 نائبا في البرلمان، وليسوا اثنين أو حتى خمسة كما كان يتم من قبل. وكان الوزير قد نفى إلغاء مادة التربية الإسلامية، في مايو الماضي، واعتبر ذلك شائعات تستهدف تشويه ما تسمى بمنظومة التعليم الجديدة، وقال الوزير وقتها، متفاعلًا مع بعض أولياء الأمور والمعلمين، عبر مجموعة “لتطوير التعليم 2030″، من خلال تطبيق “واتس آب”، المتسائلين حول حقيقة إلغاء مادة التربية الدينية: “من قال ذلك؟ التربية الدينية مادة أساسية منفصلة، وقد قلنا هذا عدة مرات”. وجاء نفي الوزير في ظل ما تردد وقتها على مواقع التواصل الاجتماعي عن نية الوزارة إلغاء مادة التربية الدينية بالنظام التعليمي الجديد، واستبدالها بمادة “القيم والأخلاق”، في حين أن وزير التربية والتعليم قد أكد أكثر من مرة أن التربية الدينية سيتم تدريسها في النظام الجديد كمادة أساسية منفصلة. وبعد ستة شهور من نفيه، صدقت مواقع التواصل الاجتماعي وكذب الوزير، الذي اتضح أنه كان يناور ويحاول اكتساب مزيد من الوقت لجعل قراراته واقعًا يتم تنفيذه على الغالبية المسلمة التي تشكل 95% من تعداد الشعب المصري. وكانت حكومة الانقلاب قد حاولت إلغاء التربية الإسلامية في العام الدراسي 2014/2015 في عهد الوزير محمود أبو النصر، لكن الرفض الشعبي حال دون ذلك، وكان أبو النصر برر هذه الخطوة في تصريحات للشروق بأن المادة الجديدة تأتى فى وقت تحتاج فيه مصر لمثل تلك القيم بشكل مُلح؛ زاعما أنه يتوقع أن تسهم فى القضاء على ظاهرات مثل التحرش الجنسى الذى بات “أمرًا متفاقمًا”، على حد وصفه. من جانبه أعلن مختار جمعة، وزير اﻷوقاف بحكومة الانقلاب، عن دعمه لهذا التوجه، مُصرحًا بأن “القيم واﻷخلاق مشتركات إنسانية أجمعت عليها جميع الشرائع السماوية”، وتابع أن “الكتاب تضمن حضارة الإسلام وسماحة اﻷديان؛ وسيتم تفعيله بمراكز الشباب وقصور الثقافة وليس فقط فى المدارس”!.