مثل إعلان وزير الحرب الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، استقالته من منصبه اليوم الأربعاء، بعد يوم واحد على إعلان وقف إطلاق النار، بين الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة، والاحتلال الإسرائيلي، انتصارًا مدويًا للمشروع المقاوم في الأمة العربية، وإعادة لموازين القوة الشعبية والروحية المقاتلة في فلسطين وفي معسكر الرافضين للظلم والاستبداد والقمع في المنطقة العربية. استقالة ليبرمان، مثلت ايضا ضربة جديدة لمعسكر الثورات المضادة في المنطقة العربية، وإعادة لحق الصحفي السعودي خاشقجي، الذي تسبب قتله في أزمة سياسية خانقة للسعودية، قام على إثرها ولي العهد محمد بن سلمان لإيعاز إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لقطاع غزة، لصرف الانتباه عن السعودية المحاصرة بدماء خاشقجي. ومثل إذعان إسرائيل لوقف إطلاق النار بعد أن وصلت 500 صاروخ فلسطيني لقلب المدن الصهيونية المغتصبة، استعادة لقدرات الأمة المسلمة والتي لا تعرف الاستسلام، وأثبتت المقاومة الفلسطينية أن “العربية السيات قادرة على الانتصار على العربية المرسيدس” بحسب التخرصات التي ساقها قائد الانقلاب العسكري في مصر حينما أراد الحديث عن انتصار أكتوبر وواقع مصر الحالي.. وهو الذي تحرك بعد أن هددت الصواريخ الفلسطينية الداخل الصهيوني، فطالب الصهاينة بوقف الهجمات ليحفظ لهم ماء الوجة. ولعل المعلم الأبرز في حديث ليبرمان مهاجمته قطر وتركيا الداعمين للمقاومة الفلسطينية؛ حيث هاجم ليبرمان في مؤتمر صحفي، الحكومة، لموافقتها على قرار وقف إطلاق النار، أمس الثلاثاء، والسماح بإدخال أموال من دولة قطر إلى القطاع الأسبوع الماضي. وقال: “من ناحيتي، فإن هناك نقطتين لم يكن بالإمكان الصمت عليهما، أولاً إدخال 15 مليون دولار في حقائب إلى قطاع غزة من أجل تمويل الاشخاص الذين يمارسون الارهاب ضدنا، ووقف إطلاق النار مع حماس”. وأضاف: “من ناحية نقوم بتمرير قوانين في الكنيست من أجل منع تمويل العائلات الارهابية، ومن ناحية أخرى نقوم بتقديم المال للعائلات التي تمارس الارهاب ضدنا على الحدود في غزة”. وهاجم ليبرمان وقف إطلاق النار بغزة، وقال: “وقف إطلاق النار مع حماس، استسلام للإرهاب”، مضيفًا: “من وجهة نظري، لا يمكن الصمت على إطلاق 500 صاروخ باتجاه إسرائيل”. معادلات جديدة الأمر الواقع جعل لحماس عادلة تفرضها على الحميع، سواء الصهاينة او محمود عباس او مصر وغيرها من الاطراف الاقليمية، لا يمكن تحاوزها، وهو ما اعترف به اللواء احتياط الصهيوني "رونين أيتسيك" في مقال كتبه بصحيفة "يسرائيل هيوم" الأربعاء 14 نوفمبر 2018، بعد ساعات من موافقة نتنياهو وقادته العسكريين على وقف إطلاق النار، ملخصًا به الواقع أو المعادلة الجديدة التي فرضتها المقاومة على الاحتلال. المعادلة الجديدة لرِجال المُقاومة كَرسَت مفهومًا جَديدًا في الحرب، وهو ليس فقط "الضرب مقابل الضرب"، وإنما "المنزل مقابل المنزل"، فأول مرة تهدم دقة صواريخ المقاومة منازل اسرائيلية بالكامل ردا علي هدم الصهاينة المنازل في غزة، ناهيك عن رهن المقاومة المنطقة المحيطة بغزة ومُستوطنيها رهينَة لصواريخ المُقاومة التي باتَت أكثَر دِقَّة وأكثَر مفعولًا. "حماس قالت كلمتها الأخيرة بالأمس، كما بكل تصعيد، هي التي تضع الكلمة الأخيرة، وتقول لإسرائيل إننا فرضنا عليكم معادلة جديدة، لا يمكن أن نتعرض لهجوم بدون الرد، وبعد إطلاق الصواريخ، إسرائيل لا تستطيع تقديم ضربة قاسية لها"، هكذا يقول اللواء احتياط الصهيوني "رونين ايتسيك"ّ. ويضيف: "المشكلة الأكبر التي باتت واضحة خلال التصعيد الأخير، أن حكومة إسرائيل لم تعد قادرة على توفير الامن لسكان مستوطنات غلاف غزة جنوبي البلاد، الذين فقدوا الثقة تماما بالمنظومة الأمنية والسياسية في إسرائيل". ففي يوم واحد أطلقت المقاومة 400 صاروخ على المدن الصهيونية القريبة من حدود غزة، فشلت قبتهم الحديدية في صد سوي 120 منها، وسقط الباقي على منازل ومدن الاحتلال، وبلغت الدقة حد هدم منازل بالكامل على من فيها من الصهاينة، وهو مؤشر جديد وهام في ظل اعتماد المقاومة على نفسها ذاتيا في إنتاج السلاح لتوقف تهريبه بسبب الحصار الخانق في سيناء. مذبحة سياسية يشار إلى أن استقالة ليبرمان لن تؤدي بالضرورة إلى سقوط الحكومة الإسرائيلية، حيث يحتل حزب ليبرمان خمسة مقاعد في ال “كنسيت” (البرلمان) من أصل 66 عضو، يشكلون الائتلاف الحاكم في إسرائيل. وفي حال استقال يبقى أغلبية مطلقة مؤيد للحكومة النصف+1 وهو 61 عضو كنيست من أصل 120 عضو يشكلون الهيئة العامة للكنيست. يذكر أن الأجهزة الأمنية والاستخبارية الاسرائيلية، منيت بفشل ذريع، وفق محللين اسرائيليين، عقب عملية التسلل الفاشلة، التي قامت بها قوة إسرائيلية خاصة، مساء الأحد الماضي، داخل قطاع غزة، وأسفرت عن استشهاد سبعة فلسطينيين، وضابط إسرائيلي وإصابة آخر. وعكست تضارب المعلومات حولها، وجود انقسام داخل إسرائيل بين “المؤسسة العسكرية، والسياسة، والاستخباراتية”. ورأى مراقبون أن أن جدلا عميقا في الساحة الإسرائيلية الداخلية سيثار عقب هذه العملية، وبالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات، كما ستضع إسرائيل في حرج أمام الوسطاء الإقليميين والدوليين في ملف التهدئة. صفقة القرن وبحسب مراقبين، سيفرض صمود المقاومة الغلسطينية وتلاحمها في غزة واقعا استراتيجيا جديدا، سيعرقل خكومات الخيانة العربية نحو اتمام صفقة القرن، وتصفية القضية الفلسطينية. وهو الامر نفسه، الذي يؤكده خيراء بان محاولات الهروب من دم خاشقجي التي سعى لها محمد بن سلمان عبر اصدقائه الصهاينة فشلت، بالمرة، فيما تتصاعد شمس الحقائق حول المجرم الحقيقي الذي امر بقتله، والتي تشير كافة المؤشرات الى محمد بن سلمان؛ الذي بات سقوطه قريبا كما اسقطت حماس القبة الحديدة الصهيونية ستسقط محاولات النام السعودي بالهروب من المسئولية الجنائية عبر صفقات الاسلحة مع الغرب.. وهكذا انتصرت_غزة.