بدأ الحديث عن الصندوق السيادي، الذي أنشأه قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، للمرة الأولى في تاريخ مصر، بهدف إدارة أصول الدولة التي يسعى السيسي للاستيلاء عليها، بالإضافة لجمع التبرعات، بزعم المساهمة في اقتصاد البلاد، بعد أن قنن برلمان الصندوق بأوامر من سلطات الانقلاب، لتوجيه كل أموال المتبرعين له، حيث يستهدف العسكر رأسمال يبلغ 200 مليار جنيه، ورأس مال مصدر 5 مليارات جنيهات. وقالت مصادر حكومية ل "الحرية والعدالة"، إن سلطات الانقلاب أمرت إعلامها والصحف التي تدعمها، ببدء حملة فورية وعلى مستوى كبير، للحديث عن أهمية هذا الصندوق، وحض الناس للتبرع لحسابه، وبدأت ماكينات الإعلام في الشئون المعنوية بتجهيز كافة الإعلانات، التي تزعم إنجازات السيسي في مشروعاته الفاشلة، مثل قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة، والإسكان الاجتماعي ومدينة الأسمرات، من أجل تسويقها في حملة التبرعات على شاشات التلفاز وصفحات الجرائد. وتعرف صناديق الثروة السيادية، بأنها صناديق استثمار تمتلكها الحكومات وتشمل الاستثمار في الأصول المالية الأجنبية، وفق صندوق النقد الدولي. إلا أن توفير السيولة المالية للبلاد، التي توسعت بشكل كبير في الاستدانة خلال السنوات الثلاث الماضية، يعد التحدي الأكبر للصندوق المقترح. ورأى اقتصاديون، أن إنشاء صندوق سيادي في بلد ليس لديه فوائض مالية، ويسجل عجزا في موازناته، يعني مزيدا من الديون. وتقدر أصول صناديق الثروة السيادية حول العالم بنحو 7.88 تريليونات دولار موزعة على 78 صندوقا يتصدرها صندوق التقاعد الحكومي النرويجي، في المرتبة الأولى عالميا. وبحسب مشروع القانون، سيسدد من رأس المال المصدر نحو مليار جنيه من الخزانة العامة للدولة عند التأسيس، على أن يسدد الباقي، وفقا لخطط فرص استثمار الصندوق خلال ثلاث سنوات من تاريخ التأسيس. ونقلت وكالة أنباء "الأناضول" عن أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة هشام إبراهيم، أن مصر "بحاجة إلى تأسيس صندوق ثروة سيادي، ليتمكن من إدارة الأصول غير المستغلة بأسلوب يتمتع بالكفاءة الاقتصادية". وزعم إبراهيم أن الصندوق السيادي "سيختلف عن الصناديق السيادية الأخرى، من حيث إدارة الفوائض المالية، والتي لا تتوافر في الحالة المصرية". وأشار إلى أن الصندوق، يمكن أن يقوم بدور المقاصة، بين الوزارات والهيئات الاقتصادية المتنوعة في مصر، فمثلا وجود أراضي زراعية بحوزة وزارة الأوقاف، يتم إسنادها إلى وزارة الزراعة وهكذا في حالات كثيرة، وهو ما يسعى إليه السيسي فعليا بالاستيلاء على أصول وزارة مثل وزارة الأوقاف، وغيرها من صناديق النذور والموارد الاقتصادية لبعض هيئات الدولة وأملاكها. فيما كشف أستاذ الاقتصاد بجامعة الإسكندرية كمال الوصال، أن الصناديق السيادية لا توجد في كل دول العالم، وتنحصر وظيفتها في استثمار فوائض ميزان المدفوعات، أو عوائد تصدير الثروات المعدنية الناضبة مثل البترول والذهب. وأشار الوصال، إلى أن الصناديق السيادية "تستثمر أموالها في الأسواق الأجنبية وليس فقط في الأسواق المحلية. وزاد: "إنشاء صندوق سيادي في بلد مثل مصر، لا توجد لديه فوائض ويعاني من كارثة ديون وعجز في الموازنة، هو أمر شديد الغرابة". ديون وعجز وزاد إجمالي الدين العام المحلي بنسبة 11.8 % على أساس سنوي، إلى 3.414 تريليونات جنيه في 2017، بحسب البنك المركزي. ويتوقع صندوق النقد الدولي، مؤخرا أن يرتفع الدين الخارجي لمصر إلى 91.5 مليار دولار في نهاية العام المالي الجاري 2018-2019، مقابل 85.2 مليار دولار في توقعات سابقة. ووفقا لبيانات البنك المركزي المصري، ارتفع الدين الخارجي إلى 82.884 مليار دولار في النصف الأول من العام المالي الماضي، من 67.322 مليار دولار في نفس الفترة المقابلة بالعام السابق له.