رغم تميز شهور فصل الربيع بتفتح الأزهار وانتشار المساحات الخضراء الزاهية التى تبعث فى النفوس الشعور بالجمال والراحة، إلا أن تلك الفترة الانتقالية من الشتاء إلى الصيف تتسم بكثرة التقلبات الجوية الواضحة، التى تكثر بها معدلات إصابة الأطفال بأمراض البرد والحساسية والتهابات العيون، نظرا لعدم اكتمال جهازهم المناعى، مما يؤثر على صحتهم واستمتاعهم باللعب خاصة مع اقتراب إجازة آخر العام. فكيف نقى صغارنا من أمراض تغيير الفصول؟ هذا ما سنعرفه فى السطور التالية: حساسية الجلد فى البداية يوضح د. هانى الناظر -أستاذ الأمراض الجلدية وزميل الكلية الملكية للأطباء بإنجلترا– أن الحساسية تعد من الأمراض المؤرقة للأطفال بكافة أنواعها وأشكالها، خاصة فى فترة ما بين الفصول والتغيرات الموسمية، وذلك نظرا لارتباطها بعوامل عدة يأتى العامل النفسى والعصبى فى مقدمتها، ثم تناول نوع معين من أنواع الطعام أو الشراب بالإضافة إلى ارتداء الملابس ذات الألياف الصناعية كالبولستر والنايلون، التى تتفاعل مع الجلد مباشرة فتحدث الإصابة بالحساسية والأعراض المصاحبة لها من هرش وحكة واحمرار بالجلد. حبوب اللقاح ويضيف الناظر أن هناك مواسم معينة تزداد معها الإصابة بالحساسية خاصة عند الأطفال، وأهم هذه المواسم فصل الربيع حيث تبدأ الأزهار فى التفتح ونثر حبوب اللقاح، وهى إحدى المواد الشهيرة والمسببة للحساسية الجلدية، كما يصاحب تلك الفترة أيضا كثرة الرياح المتربة التى يستنشقها الأشخاص الذين لديهم استعداد لإصابة بالحساسية، فتظهر عليه الأعراض السابق ذكرها، وقد يتكرر ذلك معهم فى مطلع فصل الخريف أيضا. ويذكر الناظر أن من أسباب إصابة الأطفال الرضع عادة بالالتهابات الجلدية والحساسية ارتداء الملابس المصنوعة من النايلون والبلاستيك أو المشمع، وتكون نتيجة تلامس جلد الطفل لتلك المواد خاصة فى أثناء الليل، حيث يلتهب الجلد فى الأماكن الحساسة للطفل الرضيع مسببة آلاما شديدة، ونصح بضرورة علاجها سريعا حتى لا تتحول إلى إصابات فطرية وتطول فترة علاجها. تجنب الزهور وفيما يخص طرق الوقاية المقترحة لتجنب الإصابة بأعراض الحساسية وأنواعها المختلفة، يؤكد الناظر ضرورة عدم تعرض الأطفال لأشعة الشمس المباشرة، أو وضع العطور على الجلد ثم التعرض للشمس والجلوس فيها لفترات طويلة، بالإضافة إلى تجنب تناول الأطعمة الغريبة والجديدة عليهم، مع الحرص عند تناول أى عقار طبى أو دواء جديد، وذلك بسؤال الأخصائى قبل تناوله، وتجنب ارتداء الملابس المصنوعة من الخيوط الصناعية أو الأصواف مباشرة على الجلد، ويمكن إذا لزم الأمر ارتداء ملابس قطنية أسفل تلك الملبوسات، أما فيما يتعلق بتغيّرات الفصول فينصح بتجنب الخروج فى الأيام التى تصاحبها رياح خماسينية متربة والابتعاد عن أماكن الزهور والورود بالحدائق العامة. أمراض العيون كما تكثر فى فصل الربيع أيضا إصابة الأطفال بأمراض العيون كما يؤكد الأطباء، نتيجة لتطاير حبوب اللقاح وانتشارها فى الجو، مثل أمراض التهاب القرنية والملتحمة المعروف بالرمد الربيعى، وأهم أعراضه الاحمرار والحكة وكثرة الدموع والانزعاج من الضوء وأشعة الشمس، مع الإحساس بوجود رمال داخل العين، بجانب وجود إفرازات فى العين وحكة فى الجفون وشعور بالنعاس وعدم الارتياح، ويتمثل العلاج فى استخدام مضادات للحساسية والأدوية المهدئة للعين كالقطرة ومضادات الحساسية عن طريق الفم، مع ضرورة استخدام كمادات الماء البارد. مناعة الطفل وتوضح د. مها محيى الدين -أخصائى أطفال- أن فترة الانتقال بين الفصول تتميز بعدم الاستقرار المناعى للطفل؛ نظرا للتغيرات والتقلبات الجوية التى تتسم بها تلك الفترة ما بين الحرارة المرتفعة والبرودة الليلية وكثرة الغبار والرياح المحملة بحبوب اللقاح التى تميز فصل الربيع، حيث تزيد معدلات إصابة الأطفال بالعديد من الأمراض مثل نوبات البرد التى يصاحبها ارتفاع درجات الحرارة والرشح واحتقان الحلق، وكذلك الحساسية الصدرية والأمراض الجلدية والتهابات العيون، وتمتد هذه الفترة طوال ثلاثة أشهر، هى شهور 3 و4 و5 والتى تعرف بشهور الربيع، وهى أكثر فترة يصاب فيها الأطفال بالفيروسات والميكروبات والأمراض البكتيرية ومنها الجديرى المائى، والغدة النكافية، والالتهاب الكبدى الوبائى "أ"، والتيفود. الوقاية قبل العلاج وتشير د. مها إلى طرق وقاية الأطفال من أمراض تغير الفصول عن طريق زيادة المناعة الطبيعية بالإكثار من تناول الفاكهة والخضروات الطازجة بمعدل يومى منتظم وبكمية مناسبة، خاصة التى تحتوى على فيتامين ج "سى"، وبها أيضا نسبة عالية من الحديد مثل البرتقال واليوسفى والجوافة والليمون والموز والتفاح البلدى، وكذلك تناول العصائر الطبيعية من الخضراوات والفواكه الطازجة. وتبين د. مها ضرورة حصول الطفل على عدد ساعات كافية من النوم الهادئ والمريح من 6 إلى 8 ساعات لتقوية جهاز المناعة، وأن يتسم جو البيت بالهدوء والاستقرار وعدم التوتر والبعد عن إثارة الخلافات والمشكلات الزوجية أمام الأطفال حتى لا يؤثر ذلك سلبيا على نفسياتهم، ومن ثَم يضعف من مناعتهم ويزيد من نسبة إصابتهم بالأمراض. وتنبه إلى ضرورة اهتمام الأمهات بالنظافة الشخصية لأطفالهن بوصفه عاملا مساعدا وضروريا لوقايتهم من الأمراض، بغسل الأيدى قبل تناول الطعام وبعده، والاستحمام المنتظم، مع الحفاظ على نظافة الأدوات والأغراض الخاصة بكل طفل، وفى حالات تعرض الطفل للحساسية الصدرية المتكررة يجب استشارة الطبيب الذى يصف دواء مناسبا، حيث يتناوله خلال شهور الانتقال بين الفصول، ويحسن من كفاءة الجهاز التنفسى والمناعى بشكل عام، بالإضافة إلى الحرص على تناول التطعيمات المخصصة للطفل فى مواعيدها. كذلك تنبه أخصائى الأطفال إلى ضرورة ارتداء الأطفال الملابس المناسبة لطبيعة الجو ودرجات الحرارة فى هذه الفترة المتقلبة، فلا تكون خفيفة جدا خاصة فى أثناء الخروج من المنزل ليلا، ولا تكون ثقيلة فى أثناء النهار وارتفاع درجة الحرارة، حتى لا يتعرض الطفل للإصابة بالأمراض بسهولة، وتحذر من الاعتقاد الخاطئ باستحمام الطفل قبل تغيير الملابس من الشتوى إلى الصيفى كما تعتقد كثير من الأمهات. وتبين د. مها أن تشغيل المراوح فى الجو الحار يساعد الطفل على التعرض لتيار من الهواء الصحى، ولكن يجب الحذر من تسليط المروحة على الطفل بشكل مباشر، وتعد النوافذ المتقابلة فى الغرفة من أفضل وسائل التهوية الصحية والجيدة، أما التكييف فهو جهاز غير صحى بالمرة، وقد يتسبب فى تعرض الأطفال لنوبات الحساسية الصدرية بشكل أكبر.