يعد انتخاب حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" لخالد مشعل للمرة الرابعة والأخيرة رئيسا لمكتبها السياسى خطوة مهمة جدا للحركة؛ نظرا لأنه استطاع نسج علاقات وتحقيق اختراقات فى علاقاته بعيدة عن الفضاءات التقليدية، كذلك لتمتعه بخبرة سياسية غنية اكتسبها منذ توليه رئاسة الحركة عام 1996. واستطاع مشعل قيادة الحركة طوال الفترة الماضية فى ظروف صعبة؛ منها إبعاد الحركة عن الأردن، والانتقال بعدها إلى العاصمة السورية دمشق وفتح علاقات إستراتيجية مع سوريا، واستمرار الخط العام لسياسات الحركة فيما يخص موضوع المصالحة الفلسطينية ومد اليد لمحاولات رأب الصدع فى الساحة الفلسطينية. كما تمكنت الحركة خلال قيادة مشعل من تحقيق نتائج باهرة فى انتخابات المجلس التشريعى فى 2006، مما جعل البعض يقولون إن اختيار مشعل لقيادة حماس ربما يكون الخيار الأمثل والأنسب للمرحلة المقبلة التى تتطلب المزيد من التعاون الفلسطينى. ولكنه يجب أن يترافق ببرنامج توافقى واضح للوقوف فى وجه تحديات جسام تبدأ من إنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام، ووضع برنامج وطنى فلسطينى لمقاومة الاحتلال، ووقف الاستيطان وتهويد القدس، وضرورة توفير العيش الكريم للشعب الفلسطينى، وصولا لبناء تحالفات عربية إقليمية ودولية تضغط على إسرائيل. ويعطى إعادة انتخاب "أبو الوليد" دفعا قويا لاستئناف الجهود المبذولة لإنجاز المصالحة الفلسطينية، خصوصا أنه توصل مع حركة "فتح" إلى اتفاق فى عام 2011، وأعلن عن استعداد الحركة للانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية بعد تطوير برنامجها الداخلى، وهو من رشح الرئيس الفلسطينى محمود عباس لتولى رئاسة حكومة انتقالية فلسطينية تشرف على الانتخابات الرئاسية والتشريعية وإعادة إعمار قطاع غزة، وذلك خلال اللقاء الذى رعاه أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى فى فبراير عام 2012. اختيار مشعل -بحسب مراقبين- يبعث على التفاؤل فى إمكانية إتمام المصالحة، وإنهاء الانقسام السياسى والكيانى بين الضفة وغزة، فأغلب الظن أن دعاة إنهاء الانقسام تنفسوا الصعداء بعد إعادة انتخاب مشعل، فالمعروف أن مشعل وكثيرا من قيادة الخارج أدركوا أن المصالحة أهم من أى مكتسبات من أجل الحفاظ على إستراتيجية الحركة العامة المتمثلة بتحرير فلسطين كاملة. خطوط حمراء ورغم أن إعادة انتخاب مشعل تنعش آمال الشعب الفلسطينى باستمرار الجهود المبذولة لإتمام المصالحة بين فصائله وقواه السياسية وإعادة بناء مؤسساته الوطنية الجامعة، فإن الحقيقة تؤكد أنه رغم أهمية وجود مشعل إلا أن إتمام المصالحة مرتبط بعوامل أخرى داخلية وعربية وإقليمية ودولية، منها وجود خطوط حمراء أمريكية وإسرائيلية تمنع إتمام المصالحة قبل إقرار حماس بشروط الرباعية الدولية، ومن المؤكد أن مشعل لن ينفذ مطالب الرباعية الخاصة بالاعتراف بإسرائيل والتوقف عن المقاومة وتلك تنازلات لن يقدمها مشعل أو غيره من قيادات حماس. فالتجديد لمشعل سيقوى الصف الداخلى لحماس بسبب التوافق حوله من كل قيادات الحركة عكس ما أثير فى وسائل الإعلام خلال الفترة الماضية عن تباينات حول مشعل، فمشعل شخصية ستكون مهمة لإنجاز المصالحة من خلال دبلوماسيته وعلاقاته الإقليمية، كما أنه لديه الطموح فى حال إجراء انتخابات المجلس الوطنى وفوز حماس بغالبية المقاعد ويمكن أن يكون رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية". من جانبها، رحبت حركة فتح بإعادة انتخاب مشعل ووصفته بأنه يفتح الطريق لتطبيق المصالحة الوطنية المتعثرة وأن تكون حماس جزءا من النظام السياسى الفلسطينى، وقال القيادى فى حركة فتح الدكتور يحيى رباح إن مشعل لديه خبرة كبيرة فى الشأن السياسى بالمنطقة ويرتبط بعلاقات طيبة مع الرئيس محمود عباس، ودعا قيادى فتح خالد مشعل إلى تطبيق ما تم الاتفاق عليه فى ملف الصالحة حسب اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة وليس العودة إلى نقطة الصفر.