من أهم ثوابتنا والأمور الحاكمة التى تضبط حركتنا: 1 العمل الجماعى المؤسسى. 2 نبذ العنف واعتماد العمل التربوى. 3 الأسرة باعتبارها المحضن الذى يتحقق فيه المنهج التربوى. 4 الشورى الملزمة. 5 احترام النظم واللوائح التى تحكم المسير وغير ذلك من الأمور التى لا خلاف عليها. 6 وأخيرا الله هو الغاية والرسول هو القدوة. ولذا نوصى بالتوصيات الآتية: أولا: لنستحضر قلوبنا وهى تجتمع على محبة الله ونحن نردد ورد الرابطة (اللهم إنك تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على محبتك والتقت على طاعتك، وتوحدت على دعوتك، وتعاهدت على نصرة شريعتك، فوثق اللهم رابطتها، وأدم ودها، واهدها سبلها، واملأها بنورك الذى لا يخبو، واشرح صدورها بفيض الإيمان بك، وجميل التوكل عليك، وأحيها بمعرفتك، وأمتها على الشهادة فى سبيلك، إنك نعم المولى ونعم النصير). ثانيا: لنضع كلمات عمر رضى الله عنه موضع التنفيذ وهو يقول: (إن لله رجالا أحيوا الحق بذكره وأماتوا الباطل بهجره). ثالثا: كلمات الفضيل ابن عياض: (ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما). رابعاً: عدم التعصب للرأى فى سبيل كسب الأنصار والتفرقة بين التعصب والتمسك بالحق، فالتعصب يدفع الفرد إلى أن ينسب لغيره الضلال واضطراب العقيدة وينقد الدعاة ويلمزهم حتى ولو ارتكب فى حقهم جريمتى الغيبة والنميمة، بينما التمسك بالحق يصبغ صاحبه بالأخلاق الكريمة، والكلمات العفيفة، والموعظة الحسنة، والدعوة الحكيمة، والمجادلة بالتى هى أحسن، ووجوب رد التنازع فى كل أمر إلى الله ورسوله، ومن هنا وجب علينا أن نقف وقفة محاسبة للنفس، نحاسبها على النظرات واللفظات، والخطوات، والخطرات، ليتحقق فينا قول الله: (قُلْ إِنَّ صَلاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاى وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). خامسا: لا يصح لفرد أو حتى جماعة أن تدعى العصمة فيما تقول، وتجعل رأيها -فى أمور الرأى- هو الحق وما عداه الباطل، أو تدعى أنها تملك الحسم فى الأمور الخلافية بحيث يصبح الخروج عن رأيها خروجا عن الإسلام أو ضعفا فى الاعتقاد. سادسا: أن يكون منهجنا قائما على تحرى الحق وبلوغ الصواب، ليس استظهارا لرأى أو محاولة إظهار أن رأينا هو الصواب، ولكن نبحث عن الحق أيا كان مصدره سواء ظهر على لسانى أو لسان خصمى، يقول الإمام الشافعى: (ما ناظرت أحدا إلا رجوت الله أن يظهر الحق على لسانه)، فالحق يقبل من كل من يتكلم به. سابعا: لا يجوز التشنيع والإرجاف على جماعة ما بسبب مسائل تحتمل وجوها فى الفهم والرأى، ولا يحل فيها التكفير والتضليل والتفسيق، لخطورة ذلك على وحدة الصف وترابط الأمة. ثامنا: لا يجوز أن نبحث عن سقطات الآخرين، ولا مواطن السقوط والضعف ونذيعها، لننفر الناس ممن يخالفنا، فليس هذا من منهج الإسلام ولا من أخلاق المسلمين، ورسولنا صلى الله عليه وسلم القائل: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). تاسعا: لا ينبغى الحكم على طائفة ما بأنها خارجة عن المنهج الصحيح بسبب خلاف جزئى مع اتفاقها على معظم الكليات، فالحكم باعتبار الغلبة والرجحان. عاشراً: نقولها وبصوت مسموع: إن الحق الذى ندين به هو منهاج أهل السنة والجماعة، وهو منهج السلف الصالح الذى يقوم على صحة النقل وصراحة العقل، لأن العلم إما أن يكون عن قائل معصوم، أو عن قول عليه دليل معلوم، فإما مصدق أو استدلال محقق. ما من فكر أصيل إلا ويرتكز على عمد ممدودة فى الأعماق وجدران قوية تتحمل البناء، وركائز متينة عميقة الجذور ليستمر البناء ويثبت الرواسى، لا تؤثر فيه عواصف ولا يتغير بتغير الأحوال والزمان مهما توالت الأيام. وهذا هو المنهج السديد الذى يصلح للزمان والمكان وشروطه: 1 أن يكون واضحا سهلا محدد الغاية والمراحل. 2 أن يكون عمليا واقعيا بعيد عن الحماسة والخيال. 3 أن يكون شاملا يعبر عن أمانى الأمة ويصور آمالها. 4 أن يحاط بشىء من التقدير وعظمة الرسالة ويدفع إلى التضحية. 5 يكون عاملا ومعينا على جمع كلمة الأمة ووحدة صفها. 6 عالمية الدعوة فى المشروع. لهذا اندثرت أفكار، وزالت دول لأنها تأسست على شفا جرف هار وحفرة واهية فانهار (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْرًا). فكيف ببنيان أسس على التقوى من أول يوم لا يستويان. لأن دعوته قامت على الإيمان، والعمل الصالح، والأخوة الإنسانية الكريمة، وسياج ذلك كله صلاح النفس واستقامتها على منهاج الخير والحق (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ، يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ). ولهذا كان للإسلام فى الوجود مهمتان: أولاهما: صياغة الفرد صياغة إنسانية جديدة أساسها حسن الصلة بالله، والتعرف على الملأ الأعلى، وإبراز خصائص الإنسان العليا، وتطهيره من الغرائز الدنيا لاستكمال معانى القوة بأنواعها فيه ليؤدى رسالته فى الوجود. ثانيهما: صياغة المجتمع البشرى صياغة ربانية عالمية لبناء متماسك قائم أو مجتمع فاضل من هذه اللبنات الصالحة. ولا يتحقق ذلك إلا بالتربية المتأنية، وعمل مبنى على الدراسة والتخطيط والتدريب لمنهج نبوى واضح وهذه رسالتنا ومهمتنا فى الوجود وما خلقنا المولى إلا لها. يقول الراغب الأصفهانى: إن مراد الله من خلق الإنسان ثلاثة: 1 الاستخلاف فى الأرض (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الْأَرْضِ خَلِيفَةً) 2 عمارة الكون (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ) 3 عبادة الله بشعائره وشرائعه (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) هذا هو مراد الله من خلق الإنسان ولذلك ما كانت الدولة تقام إلا لتحقيق العبودية لله رب العالمين (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِى الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) فلو أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يريد ملكا فقد قيل له: (إن أردت ملكا ملكناك علينا، وإن كنت تريد سيادة سودناك علينا) فهو لا يريد الاستيلاء على السلطة ولكنه كان يريد أن تكون كلمة الله هى العليا، لإقامة الدين (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِى إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ). من البدهى أن أى دولة لا يمكن أن تنهض وتقوم إلا على أساس من وحدة الأمة وتساندها، ولا يمكن تحقيق هذه الوحدة والتساند بغير التآخى والمحبة المتبادلة، فإذا فقدت ذلك فإنها لا يمكن أن تجتمع أو تتحد حول مبدأ ما، وبالتالى لا يمكن أن تقوم دولة متحابة دون عقيدة صحيحة. - إنها القيم التى يجب أن تسود أولا فى جميع وحدات المجتمع دون قهر أو إكراه. - إن جوهر وظائف الدولة الإسلامية هى القيم الأساسية فتحقيق وممارسة تلك الوظائف بمثابة إنجاز وتحقيق للمقاصد الشرعية وبدهى أن المقاصد الشرعية مشتقة من القيم الأساسية والقيم لا تتحقق إلا برجال آمنوا بفكرتهم ودعوا لها وضحوا من أجلها. وهناك مناهج للتغير متعددة أهمها: أولا: المنهج السلفى الذى يقوم على تصحيح العقائد وإماما يتصل بالدولة فلا ينظر إليه باعتباره لا يمثل أهمية عن غيره فهم يعتبرونه نوعا من الإصلاح بالنصيحة. أما النواحى الأخرى سواء أكانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية فلا شأن لهم بها. ثانياً: المنهج الإصلاحى الذى دعا إليه جمال الدين الأفغانى ومحمد عبده فيهتم بتحرير البلاد من الاستعمار وجمع المسلمين على حكومة واحدة وسار محمد عبده على نهجه لا يؤمن بالطفرة الواحدة فهو يبدأ بإصلاح الأزهر وغيره. ثالثا: منهج الجماعة الإسلامية فى باكستان وشبه القارة الهندية لا بد عندها من: 1 حركة تلائم هذه الأسباب فى طبيعتها. 2 زعامة وعمل اجتماعى وفق ما يتطليه هذا النظام. 3 تطابق سير الزعامة مع المنهج. الخلاصة لكى تنجح الفكرة التى يحملها صاحب الرسالة لا بد من: 1 أن يتصورها تصورا صحيحا. 2 أن يؤمن بها إيمانا عميقا. 3 أن يحبها حبا شديدا (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ) 4 أن يدعو إليها وينشرها فى مشارق الأرض ومغاربها. 5 أن يرتبط بأنصارها تحقيقا لعقد الأخوة. 6 أن يتحمل فى سبيلها كل إيذاء وبلاء (المسلم الذى يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذى لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم). 7 أن يضحى من أجلها بكل ثمين وغال (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِى التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) 8 أن يشعر بعظمتها لربانيتها وشمولها وعمومها وسموها ودوامها. 9 أن يعتز بالانتساب إليها. 10 أن يثق من نصر الله مهما كانت كثرة الأعداء بعد الأخذ بالأسباب. وتأكيدا لهذا كله: لكى يؤدى المسلم رسالته لا بد من شروط نجملها فى الآتى: 1 أن يؤمن بما يقول ويعتقد، ويفتدى هذا الاعتقاد بكل حياته وما يملك. 2 أن يكون هنا عمل مبنى على الدراسة وخطة مستمدة منطلقاتها وأهدافها وتخطيطها لمنهج نبوى واضح يبدأ بأن تقيم دولة الإسلام فى قلبك. 3 أن نقوم الخطوات فنثبت الصحيح ونصوب الخطأ ونحاسب أنفسنا ونعمل على مواصلة المسير مراعين أمرين: أ. صحة الاعتقاد ب. صدق الاتباع (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) بادئين بالفرد المسلم، فالأسرة المسلمة، فالمجتمع المسلم، فالحكومة المسلمة. يقول الإمام البنا: إن غايتنا تنحصر فى تكوين جيل من المؤمنين بتعاليم الإسلام الصحيح يعمل على صبغ الأمة بالصبغة الإسلامية الكاملة فى كل مظاهر حياتها (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ). وسيلتنا فى ذلك: تنحصر فى تغيير العرف العام، وتربية أنصار للدعوة على هذه التعاليم حتى يكونوا قدوة لغيرهم فى التمسك بها، والحرص عليها، والنزول على حكمها ، أى أن أداة التغيير هى الفرد المسلم (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) ومن هنا يجب البدء بالفرد دعوة وتربية حتى تظهر قيادة تقود الأمة، ولا تظهر هذه القيادة إلا فى أمة تستحقها. وهذه القيادة تحتاج إلى: 1 قاعدة تشد أزرها. 2 رأى عام ينادى بما تنادى به هذه القيادة حتى يشعر المجتمع بضرورة وجودها. وهذا يحتاج أيضا إلى: 1 بروز دور المربين. 2 إعداد الأمة لذلك وتهيئتها لهذه المرحلة الحاسمة بتربية طويلة المدى عميقة الأثر. وذلك كان نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم منهج الحجة الواضحة، والحكمة فى الإقناع لذلك كان إصلاح حال المجتمع سابق على إقامة الدولة فالصلاح قبل الإصلاح.