الشرطة الأمريكية تستعد لسحب رخصة السلاح من ترامب    القنوات الناقلة لمباراة منتخب مصر وبوركينا فاسو بتصفيات كأس العالم    الصحة العالمية تعلن وفاة أول حالة مؤكدة لمتحور أنفلونزا الطيور    حزمة قرارات جديدة من قناة السويس تعرف عليها (تفاصيل)    موقع نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بوابة التعليم الأساسي رابط مباشر برقم الجلوس جميع المحافظات    رجل الأعمال باسل سماقية يحتفل بخطبة ابنته (صور)    الحوثيون يعلنون استهداف سفنا في البحرين الأحمر والعربي    رئيس برلمان سلوفينيا: الاعتراف بالدولة الفلسطينية قرار في غاية الأهمية بالنسبة لنا    وزير خارجية قبرص: نعمل على تهيئة الظروف للانتهاء من المشروعات المشتركة مع مصر    حاتم صلاح يوجه رسالة ل أحمد فهمي بعد مشاركته في فيلم «عصابة الماكس»    «موجوع لفراقك».. محمد صبحي يوجه رسالة مؤثرة للفنانة الراحلة سعاد نصر    لماذا اخفى الله قبور الأنبياء إلا قبر سيدنا محمد؟ أمين الفتوى يجيب    هشام نصر: الزمالك كان مديونا بأكثر من 35 مليون جنيه لاتحادات الطائرة واليد والسلة    «بايك» تُعلن التحدى مع «ألكان أوتو» فى مصر    طارق السيد: عمر كمال الأفضل لمركز الظهير الأيسر أمام بوركينا فاسو    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    إبراهيم عيسى: تكرار الأخطاء جريمة بحق التاريخ.. لم نتعلم من الأحداث    البابا تواضروس: سألنا مرسي عن 30 يونيو قال "عادي يوم وهيعدي"    ضبط المتهم بتشويه مطلقته بمادة كاوية فى منشأة القناطر    رئيس جامعة سوهاج يتسلم جائزة مؤسسة الأمير محمد بن فهد لأفضل إنتاج علمي    البابا تواضروس يكشف كواليس اجتماع 3 يوليو في وزارة الدفاع    نشرة التوك شو| تأثير انقطاع الكهرباء على أسعار الدواجن وموعد تشغيل محطة الضبعة    بوسي تستعرض جمالها في أحدث ظهور لها والجمهور يعلق (صور)    خطة بايدن لوقف إطلاق النار بغزة.. حماس تسمع عنها في الإعلام ونتنياهو يسعى لوفاتها قبل أن تولد    واجبات الحج الأربعة.. معلومات وأحكام شرعية مهمة يوضحها علي جمعة    الأزهر للفتوى: الاجتهاد في السعي على طلب الرزق في الحر الشديد له ثواب عظيم    10 % نسبة الزيادة المحتملة، موعد إعلان أسعار البنزين والسولار الجديدة    عبد الرحمن مجدي: الأهلي تراجع عن ضمي.. وطلبات الإسماعيلي منعت انتقالي إلى الزمالك    البابا تواضروس يروى كواليس اجتماعه في وزارة الدفاع يوم 3 يوليو    درجة الحرارة تصل لذروتها.. الأرصاد توجه نصائح للمواطنين    مصرع شاب إثر حادث تصادم موتوسيكل مع سيارة فى تمى الأمديد بالدقهلية    «الرى» تُنشئ 20 محطة مياه وسدودًا لحصاد الأمطار بجنوب السودان    أسعار الذهب اليوم الخميس 6 يونيو 2024 في الصاغة وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع    تنسيق الثانوية العامة محافظة الشرقية 2024-2025 بعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية (التوقعات)    مسئولون أمريكيون: بايدن أعلن مقترح غزة دون الحصول على موافقة نتنياهو    مهرجان جمعية الفيلم يعرض فيلم «شماريخ» تحت شعار «تحيا المقاومة لتحيا فلسطين» (تفاصيل)    حظك اليوم برج الأسد الخميس 6-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    لأسباب شخصية وعائلية .. ممثل الكيان الصهيونى يستقيل من منصبه في "العدل الدولية"    هشام نصر يكشف مفاجأة: الزمالك لم يتم التعاقد مع محترف فريق الطائرة حتى الآن    «الأهلي» يكشف تفاصيل تجديد كبار الفريق.. وموقف علي معلول    ملخص وأهداف مباراة فرنسا ضد لوكسمبرج الودية    منعًا لتلف المحرك.. تعرفي على الوقت الصحيح لتشغيل الثلاجة بعد التنظيف    وزير الصحة يستقبل نظيره الزيمبابوي لبحث سبل التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين    تاكيدًا لانفراد «بوابة أخبار اليوم».. تفاصيل العثور على جثة الشاب السعودي «هتان شطا»    حظك اليوم| برج الثور الخميس 6 يونيو.. «يومًا أكثر استقرارًا وانتاجية»    أكرم القصاص: طلبات المصريين من الحكومة بسيطة..والفترة الماضية شهدت انخفاض فى الأسعار    السفارة الأمريكية: إطلاق مبادرة جديدة للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات    «سقط من نظري».. البابا تواضروس يروي موقفًا صادمًا مع «مرسي»    البابا تواضروس: أخبرت نائب محمد مرسي عن أهمية ثقة المواطن في المسئول فصمت    عيد الأضحى 2024.. الشروط الواجب توافرها عند الذبح    ضمن برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر.. دورة تدريبية عن مهارات القيادة    وزيرة التخطيط تشارك بمنتدى دول البريكس الاقتصادي الدولي في نسخته ال 27    إيه هو مشروع فالي تاورز وليه سعره لُقطة.. فيديو    أخبار × 24 ساعة.. هيئة الدواء: تسعير الأدوية جبرى وإجراءات ضد المخالفين    رئيس شعبة الدواء: لدينا 17 ألف صنف.. والأدوية المصرية نفس جودة الأجنبية    شاب متهور يدهس عاملا بالتجمع الأول أثناء استعراضه بالسيارة في الشارع    عقب سيجاره يشعل النيران في أشجار النخيل بمركز ابشواي بالفيوم    السعودية ومصر تعلنان موعد غرة ذي الحجة وعيد الأضحى 2024 غدًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أ.د. صلاح عز يكتب: تفصيل الديمقراطية.. والمبررون الجدد

كان ترزية القوانين من أهم الظواهر التى ارتبطت بالدولة البوليسية للنظام العلمانى. وكانت مهمتهم هى تبرير المظالم والتغطية على الجرائم. وهى الدولة التى أسقطتها ثورة يناير بإسقاط عمودها الفقرى، جهاز أمن الدولة. اليوم، أصبح لدينا ترزية الديمقراطية، وهم المبررون الجدد لمظالم وجرائم الدولة الوسائطية للنظام نفسه، وعمودها الفقرى هو وسائط الدعاية من صحف وفضائيات. ومصطلح "وسائط دعاية" أدق بكثير من مصطلح "وسائل إعلام" لأن ما يحدث فى هذه المنابر هو دعاية بالأكاذيب والشائعات والأراجيف لأجندات سياسية لا علاقة لها بمصلحة مصر، وهو ليس إعلاما عن حقائق وأحداث واقعية وآراء متجردة، ولأنها أيضا وسائط تنتقل من خلالها الأفكار والأجندات والتعبيرات.. إلخ، كما ينتقل الصوت فى وسائط مثل الماء والهواء. فى الدولة الوسائطية، العمود الفقرى والقوة الضاربة هى أجهزة الدعاية، حيث يقوم مقدمو البرامج الحوارية ورؤساء التحرير بدور ضباط أمن الدولة فى الدولة البوليسية. الدولتان البوليسية والوسائطية هما وجهان لعملة الدولة الأمنية العلمانية. فى بداية الثورة، كانت الثورة المضادة تعتمد كلية على فلول وعناصر الدولة البوليسية. أما اليوم فقد تحالف الوجهان، الفلول وثورجية الدولة الوسائطية، الذين ندموا على المشاركة فى الثورة، وأصبح تحالف الثورة المضادة أكثر قوة وقدرة على إيقاع الضرر والأذى.
أصبح لدى الوجهين رغبة مسعورة فى الثأر من الثورة والقوة السياسية المسئولة عن نجاحها (الإخوان)، وذلك بتوظيف جيش البلطجية والمجرمين الذين كانوا أداتهم من قبل فى عمليات تزوير الانتخابات. هذا الجيش تعاظمت قوته فى ظل الانفلات الأمنى المستمر منذ عامين، وانضمت له جموع أطفال الشوارع وشباب العشوائيات. غير أن تحريك وتوظيف هذه القوة المدمرة لنشر الإرهاب والترويع كان فى حاجة إلى ثلاثة أمور ضرورية: التمويل والتبرير والغطاء السياسى. مصادر التمويل الداخلية والخليجية يصعب تحديدها، إلا من خلال جهاز "الأمن الوطنى"، أمن الدولة سابقا، الذى لا يعمل. أما الغطاء السياسى فهو واضح وضوح الشمس: جبهة (الخراب) ومن لفّ لفها ومن انضم إلى عضويتها، وذلك من خلال وسائط الدعاية والتضليل. وأما التبرير فلم يقصر فيه كتاب وضيوف هذه الوسائط، الذين أصبحوا يتجاهلون أدنى إشارة إلى "الثورة المضادة" و"الفلول"، بعد أن تحالفوا معا من أجل مواجهة العدو المشترك، وذلك من خلال محاولات متكررة لتحريض الجيش ودفعه دفعا إلى الانقلاب على الرئيس المنتخب، حتى يثور الإسلاميون على هذا الانقلاب وتقع مواجهة دموية بسيناريو جزائرى، تريحهم من الإسلاميين إلى الأبد.
الديمقراطية التى تتعامل بها أنظمة الحكم فى العالم لها قواعد معروفة وراسخة. غير أن تحالف الثورة المضادة يرفض هذه القواعد، وانقلب عليها فى جميع الاستفتاءات والانتخابات التى جرت منذ الثورة. ومن أجل تشويه هذه الديمقراطية، أطلقوا مصطلح "الأخونة" للإيحاء بأن (الإخوان) اختطفوا مصر عن طريقها. وللهروب من هذه الديمقراطية أطلقوا مصطلح "التوافق" لتعطيل كل مؤسسة تنتخب عن طريقها. تم توظيف "التوافق" من قبل لعرقلة الدستور، ويتم توظيفه اليوم لعرقلة الانتخابات البرلمانية.. فالانقلاب على رئيس أسهل من الانقلاب على رئيس وبرلمان. ومن القواعد الديمقراطية المترسخة أن هناك مدة محددة لولاية الرئيس، تتم محاسبته عند انتهائها. غير أن المبررين الجدد أخذوا يضربون منذ شهور على نغمة "تآكل الشرعية" ذريعة لتبرير المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة، بعد أن فشلوا فى تحقيق ذلك من خلال الدستور. وقرأنا للأسف لمفكر نحترمه، وهو د. سيف الدين عبد الفتاح، يتحدث عن أن صندوق الانتخابات ليس هو فقط مصدر الشرعية وأن هناك "صناديق أخرى مثل صندوق الإنجاز، وصندوق السياسات، وصندوق الأداءات". لا أحد يجادل أن هناك مشاكل فى أداء الرئاسة وأخطاء وأمورا كثيرة تحدث مبهمة وغير مفهومة. ولكن عندما يتناول مفكر مثل د. عبد الفتاح هذه القضية دون التعرض بكلمة للأجواء المسمومة وحروب الدعاية والشغب والغوغائية الموجهة ضد الرئيس، التى لا يستطيع أى رئيس فى العالم أن يمارس فى ظلها الحكم بفاعلية وكفاءة، فإنه أمر يثير الأسف والحزن. لا توجد فى قواعد الديمقراطية "صناديق أخرى"، ولا يمكن لوطنى أن يقبل بتأسيس مصر الجديدة على ديمقراطية مشوهة، ويجب أن ينتبه د. سيف إلى أن ما يدعو إليه أمر خطير؛ لأنه لا يتعلق فقط بالرئيس الحالى، وإنما بكل رئيس قادم، ولأنه يصب بالكامل فى مصلحة المخطط الانقلابى الذى يسعى المبررون الجدد لتمهيد وإعداد الناس له.
حالة أخرى نراها فى عماد الدين حسين وضياء رشوان اللذين يهددان الرئيس صراحة بالعنف إذا لم يرضخ و"يتوافق" مع جبهة الخراب على حكومة جديدة. فمن قواعد الديمقراطية أن الرئيس هو الذى يعين رئيس الوزراء ويتشاور معه على تشكيل الحكومة. ولا يوجد فى هذه القواعد أى إلزام للرئيس ب"توافق" مع المعارضة فى هذا الشأن. ومع ذلك هدد رئيس تحرير "الشروق" الناصرى بأنه إذا لم يحدث توافق فإن "الإخوان" يخاطرون بمستقبل الوطن بأكمله، وزعم ضياء رشوان أن استمرار الحكومة الحالية يشكل خطرا على نزاهة الانتخابات، وأن الأمر يستلزم إقالتها وإلغاء كل التعيينات التى اتخذتها، ثم هدد بأن "تجاهل هذه المطالب سيطيح بآخر أمل لإصلاح الأوضاع فى مصر، وسيدفع إلى مزيد من الفوضى والعنف اللذين سيكون المسئول الأول والوحيد عنهما هو الرئيس". إن هذه التهديدات الشائنة تدلل، ليس فقط على الدور الخطير الذى تلعبه وسائط الفتنة من صحف وفضائيات فى تشجيع العنف والإرهاب والتحريض عليهما، كوسيلة رخيصة لابتزاز تنازلات سياسية.. وإنما أيضا تدلل على مدى لا مبالاة من يرددون هذه الترهات، بعواقب تلاعبهم فى قواعد الديمقراطية المتعارف عليها عالميا. إن أى إجراء غير طبيعى يتم فرضه بالتهديد والابتزاز سيكون سابقة يجرى تكرارها مع كل رئيس وحكومة قادمين. بتعبير آخر، سيكون من حق أى فصيل فيما بعد أن يطالب بإقالة أى حكومة لا تعجبه قبل كل انتخابات برلمانية، لكى تشكل حكومة أخرى يكون لهذا الفصيل حق الفيتو عليها؛ لأن هذا بالضبط هو ما يقصدونه عندما يطالبون ب"حكومة توافقية".. وإلا فلا انتخابات.
الحالة الثالثة نراها فى د. هالة مصطفى التى رأست تحرير مجلة اسمها "الديمقراطية"، حيث كتبت أن "الانتخابات ليست هى المعيار الوحيد لضمان عملية التحول الديمقراطى، كما أن الاختلاف بين الانتخابات فى الغرب مقارنة بالحالة العربية هو فى مدى تقدم البيئة السياسية والمؤسساتية والثقافية والقواعد التى تجرى من خلالها العملية الانتخابية. ففى الحالة الأولى جاءت الانتخابات لتتوج مسيرة تحققت فيها شروط الديمقراطية على جميع هذه الأصعدة. أما فى التجارب العربية فالمسألة معكوسة؛ حيث تبدأ بالانتخابات قبل تحقق الشروط الأخرى وهو ما يفسر تعثر مسارها الديمقراطى". باختصار، تبرر لنا د. هالة أسباب رفض الصندوق الانتخابى، وهو أن هناك "شروطا" ينبغى أن تتوفر، وأن هذه الشروط متوفرة فى العالم كله، إلا فى بلادنا نحن العرب المتخلفين، وأنه علينا فى مصر أن نقبل بعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الثورة، ونرضخ لتسيد العلمانيين علينا؛ لأننا شعب قاصر لا يفهم، وأن العلمانيين هم أصحاب الفهم والمعلوماتية والكفاءة كلها. إذن متى نحتكم للصندوق الانتخابى؟ عندما تتوفر "الشروط".. ومتى تتوفر الشروط؟ فى المشمش إن شاء الله. إن تعثر المسار الديمقراطى ليس سببه غياب "شروط" هالة مصطفى، وإنما سببه الانقلاب على الديمقراطية الصحيحة والبلطجة والعنصرية السياسية التى ترفض وجود الإسلاميين إطلاقا، وتسعى لإقصاء الأميين عن التصويت.
فى قواعد الديمقراطية أيضا الحزب صاحب الأغلبية هو الذى يضع أتباعه فى مواقع المسئولية. غير أن هذا أيضا مرفوض. ومن هنا أطلقوا اتهامات "التكويش" و"الاستحواذ" و"الإقصاء" تعبيرا عن هذا الرفض، وللتغطية على ما مارسوه هم من تكويش واستحواذ، وعنصرية أقصت الإسلاميين عن السياسة والإعلام والثقافة والتعليم.. إلخ. ولأن على رأسهم بطحة، فإنهم دائما ما يتهمون الإخوان بما فيهم. إن الحط من شأن الصندوق الانتخابى يوفر ذريعة للمشابهة بين سلطة "الحرية والعدالة" وسلطة "الحزب الوطنى"، ويوفر ذريعة لتبرير تفصيل قواعد جديدة للديمقراطية، ولتبرير العنف والإرهاب فى الشوارع والميادين. ونحن لا نملك أن نتهاون أو نفرط فى أهم حقوق شعبنا إطلاقا: الديمقراطية التى ينعم بها العالم أجمع تقريبا، ويراد لنا نحن المصريين أن نحرم منها. إنه مستقبل أبنائنا وأحفادنا، ومصير أمة بأكملها تتطلع شعوبها إلينا لكى نقوم وننهض، حتى نقوم وننهض بهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.