* مشروع قومى يجب أن تتبناه الدولة.. ولدينا إمكانات كبيرة لتصنيع المكونات * يمكن تشغيل "النصر للسيارات" فورًا.. والمعدات تعمل بكفاءة 90% * انهيار القطاع العام وتراجع الصناعة المصرية مسئولية النظام البائد * مصر لديها خبرات بشرية كافية لتحقيق النهضة * 150 ألف سيارة حجم السوق المصرية سنويًّا.. والتصنيع مربح * عودة الأمن والاستقرار أول شرط لجذب المستثمرين أكد الدكتور عادل جزارين -مسئول ملف تصنيع أول سيارة مصرية وأول رئيس لشركة "النصر لصناعة السيارات"- أنه يمكن تحقيق حلم تصنيع سيارة مصرية خالصة 100% فى غضون ثلاث سنوات. وقال جزارين -فى حواره ل"الحرية والعدالة"-: إن مصانع شركة النصر ومعداتها تعمل بكفاءة لا تقل عن 90%، وبها خبرات بشرية كبيرة، وهناك مصانع مغذية لصناعة السيارات تصدر إنتاجها إلى شركات عالمية. وأضاف أن تصنيع سيارة مصرية مشروع قومى يجب أن تتبناه الدولة، ويمكن أن يكون للقطاع الخاص حصة كبيرة فيه، مطالبا بالتعاون والشراكة مع شركة أجنبية عالمية تعطينا الرخصة وحق المعرفة وتساعدنا فى التصدير. وأعرب جزارين عن أسفه لأن البلاد العربية سبقتنا فى هذا المجال مثل السعودية والمغرب، وحمَّل النظام السابق مسئولية تراجع مصر صناعيا على الخريطة العالمية، وأشار إلى أن القطاع العام كان ناجحا فى بداية إنشائه، لكن تم تحطيمه عمدا مع سبق الإصرار فى عهد النظام السابق؛ نتيجة عدم وجود استثمارات بجانب المعاش المبكر الذى أغرى العمال أن يخرجوا ويصبحوا عاطلين؛ مما أدى إلى انهيار هذا القطاع. وطالب جزارين بوضع خطة عمل تحدد أولوياتنا فى المرحلة القادمة، مؤكدا أن مصر لديها من الخبرات البشرية ما يكفى لتحقيق النهضة. واقترح عقد اجتماع بين الحكومة واتحاد العمال واتحاد الصناعات وجمعيات المستثمرين؛ للتوصل إلى اتفاق على مستوى الأجور والحدين الأدنى والأقصى، حتى تتوقف المطالب الفئوية. لماذا أصدر النظام السابق قرارا بتصفية شركة "النصر لصناعة السيارات"؟ حاولت طوال عامين إصدار قرار بتعليق التصفية والتراجع عنها؛ لأن شركة النصر لصناعة السيارات شركة عملاقة، وهى أول شركة لصناعة السيارات فى الشرق الأوسط، لكن للأسف حاول النظام السابق خصخصتها بطريقة خاطئة، فقد قسمها إلى 4 شركات؛ هى الشركة الهندسية للسيارات وتتبعها شركة الإسكندرية لخدمة وصيانة السيارات، والمصرية لخدمات النقل البرى والسياحى، وبقيت شركة النصر التى حملوها كل المصانع الإنتاجية التى تنتج اللورى والأتوبيس، إلى جانب مصنع تجميع سيارات الركوب، وهذا هو الغريب فى القصة، كما خرج أغلبية العمال للمعاش المبكر مقابل مبالغ تعويضية طائلة وصدر قرار التصفية عام 2009. حاولت إقناع الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء السابق، بوقف التصفية، وفعلا أصدر وقتها قرارا بذلك وتشكيل لجنة برئاستى لوضع خطة إعادة تشغيل تلك الشركة العملاقة. هل الشركة بوضعها وإمكاناتها الحالية يمكن أن تعود إلى الإنتاج مرة أخرى؟ يمكن تشغيل الشركة بوضعها الحالى؛ لأن بها عنابر يمكن تشغيلها فورا، فضلا عن أن اللجنة التى شكلت لمعاينة المعدات وجدت أن نسبة تشغيلها وكفاءتها تصل إلى 90%؛ لكنها تحتاج إلى صيانة وإصلاحات بسيطة لتعمل من جديد، وهناك 3 عنابر (مصانع) إنتاجية يمكن تشغيلها على الفور لتقوم بالتوريد للشركة الهندسية وهى عنبر المكبوسات وفيه مكابس تصل طاقتها إلى ألف طن وعنبر التروس والمعاملات الحرارية وبه مصانع تروس كاملة، وعنبر هندسة العدد لتصنيع وصيانة العدد. بادرة أمل ما تقييمك لمستقبل شركة النصر للسيارات؟ الشركة بادرة أمل لتحقيق حلم صناعة سيارة مصرية، وحان الوقت لذلك، وأذكر أنه عندما بدأت شركة النصر للسيارات سنة 1960 كان إجمالى السوق 8 آلاف سيارة سنويا، ولم يكن هذا الحجم الاقتصادى يبرر التعمق فى تصنيع سيارات الركوب، ولهذا استمرت الشركة فى عملية تجميع السيارة، أما اليوم فاحتياج السوق المصرية تجاوز 150 ألف سيارة سنويا، وأصبح هناك حجم اقتصادى يبرر ويحتم تصنيع سيارة مصرية. ويمكن أن تكون هذه الشركة نواة لإقامة صناعة جادة للسيارات، وبداية لتصنيع سيارة مصرية خالصة، من خلال استخدام عنبر التجميع -الذى تبلغ مساحته 40 ألف متر أى 10 أفدنة- بطاقة إنتاجية لا تقل عن 100 ألف سيارة سنويا، ويحتوى أيضا على معدات دهان حديثة، منها جزء تم تحديثه بتكلفة 5 ملايين دولار منذ عدة سنوات. التجميع والتصنيع متى يتحقق حلم المصريين فى تصنيع سيارة مصرية 100%؟ يمكن أن يتحقق خلال 3 سنوات إذا كانت هناك جدية وبدأنا من الآن بحيث يتم تجميع السيارة كمرحلة أولى، ثم الدخول فى التصنيع والوصول إلى نسبة لا تقل عن 80%، وهى نسبة عالية عالميا، إلى جانب شبكة من الصناعات المغذية لا بد أن تعمل معها على التوازى، ومن المعروف أن صناعة السيارات تعتمد بالأساس على صناعات مغذية، وشركة السيارات كان لديها 120 مصنعا مغذيا، ونأمل أن تصل إلى ألف مصنع بإذن الله. هل الإمكانات متاحة لتصنيع سيارة مصرية حاليا؟ شركة النصر كانت تصنع محرك الديزل بنسبة 85%، وكانت تصنع التروس وأجسام السيارات والكابينة بالكامل، وجسم الأتوبيس بنسبة 95%، وعندما كان الحجم الاقتصادى ضعيفا انصب اهتمامنا على اللورى والأتوبيس، ووصلت نسبة التصنيع للأتوبيس إلى 80% محلى، وكانت مصر تصدر الأتوبيسات لكل الدول العربية، وكان أول عرض من الكويت ثم العراق وسوريا وليبيا والسودان، كما تم تصدير ما يقرب من 5 آلاف سيارة ركوب للعراق. وكانت نسبة التصنيع للورى لا تقل عن 75%، والأتوبيس 80%، وسيارات الركوب 45%، وتمكنت مصر من تصنيع محرك بنزين لسيارة الركوب، وتم تركيبه فى سيارة فيات 125. المنافسة إذا كنا قد وصلنا إلى هذا المستوى لماذا خرجت السيارة المصرية من المنافسة العالمية؟ تم تفكيك شركة النصر ب12 مصنعا لتجميع سيارات الركوب، وهذا التجميع ثبت أنه أكثر تكلفة من استيراد السيارة بالكامل من الخارج؛ لأن التجميع فى الخارج يتم لكميات إنتاج ضخمة باستخدام الروبوت، أما فى مصر فيتم التجميع يدويا، إلى جانب أن المشتريات المحلية التى تشتريها المصانع من مصر ثمنها أغلى من المشتريات المستوردة؛ لأن حجم الإنتاج فى مصر ضعيف، أما فى الخارج فحجم الإنتاج ضخم، وهذا ينعكس على ارتفاع سعر السيارة ككل، وبالتالى من الطبيعى أن تخرج من المنافسة. السيارة المجمعة فى مصر تكلف من 25 إلى 30% أكثر من المستوردة، وإذا نظرنا إلى حجم السوق سنة 2011 نجد أن حجمه نحو 140 ألف سيارة، 55% منها مستورد بالكامل، رغم وجود 12 مصنعا للتجميع معظمها عاد إلى استيراد السيارات بالكامل. مشروع قومى ما المعوقات التى تواجه صناعة السيارات فى مصر؟ بعد الانفتاح الاقتصادى جاءت شركات عالمية تقوم بالتجميع فى مصر؛ وتستفيد من خفض نسبة الجمارك التى لا تتجاوز 30% بمجرد أن يصل إنتاجها إلى 45%، وترتب على ذلك أن أصبحت مصانع السيارات الوطنية مهددة بالإغلاق وتشريد عمالها؛ لذلك لا بد من البدء من الآن فى تصنيع سيارة مصرية واستغلال طاقات التجميع كلها فى إنتاج سيارة واحدة، وهذا ما أنادى به منذ سنين، وهذا المشروع لا بد أن يتم بالتعاون والشراكة مع شركة أجنبية عالمية تعطينا الرخصة وحق المعرفة وتساعدنا فى التصدير، وهذا مشروع قومى يجب أن تتبناه الدولة، ويكون للقطاع الخاص حصة كبيرة؛ لأنه سيقوم إلى جانبه مئات من الشركات المغذية، كما ينقذ هذا المشروع المصانع المهددة بالإغلاق، وللأسف كل البلاد سبقتنا فى هذا المجال، فالسعودية مثلا سوف تنشئ مصنعا ينتج 100 ألف سيارة وتصدر إلى مصر قريبا، والمغرب أنشأت مصنعا بطاقة 400 ألف سيارة تصدر لمصر حاليا، وحان الوقت لكى نتحرك. ما أهم الصناعات المغذية التى تُصنَّع فى مصر بكفاءة عالية؟ هناك كثير من الصناعات المغذية؛ لكن للأسف ما يعمل منها بطاقة كبيرة وجودة مناسبة 7 أو 8 صناعات فقط، منها مصانع ضفيرة السيارة وكراسى السيارات، وتصدر كميات كبيرة إلى شركات سيارات عالمية، سواء للأتوبيسات أو سيارات الركوب، وكذا مصانع البطاريات ومصانع كابلات وزجاج السيارات والبويات وغيرها. موارد صناعية هل يمكن أن تصبح مصر بلدا صناعيا؟ مصر حباها الله بموارد صناعية كثيرة، مثلا الصناعات الغذائية؛ فلدينا فواكه وخضراوات طوال العام، ونستطيع تصنيع صناعات غذائية ممتازة، عصائر وفواكه وخضراوات مجمدة، ونحن رابع دولة تنتج الطماطم فى العالم، وللأسف 20% منها يهدر دون فائدة. لدينا أيضا الرمال البيضاء فى سيناء، وهى أفضل رمال فى العالم، يمكن أن يُصنع منها زجاج وعدسات وتصديرها، وكذا الرخام الذى يصدر فى شكل خام، مصر كانت رائدة فى صناعة الغزل والنسيج، ولديها كيماويات وفوسفات ومنجنيز وثروات طبيعية يمكن تصنيعها. لكن لم نستفد من كل ذلك بالصورة المطلوبة، وللأسف نعتمد فى الحصول على تراخيص إنتاج الملكية الفكرية والمساعدات على الخارج، وبحوث التطوير لدينا ضعيفة جدا، رغم أن العقول المصرية تعمل فى الخارج بكفاءة عالية. لماذا لا نتوسع فى ضح استثمارات فى قطاع الصناعة؟ يمكن الاستفادة بشكل أكبر مما هو قائم من رأس المال الوطنى، شريطة وجود أمن واستقرار، وما دام تواصلت الاعتصامات والمطالب الفئوية فلن يكون هناك استثمار. مزايا حقيقية ما المناخ المطلوب حتى يأتى المستثمرون إلى مصر؟ لا بد من عودة الأمن والاستقرار، وأن يعطى قانون الاستثمار مزايا حقيقية للمستثمرين، لأن هناك مغالاة فى أشياء كثيرة، منها إجراءات الحصول على تراخيص، التى تستغرق فترة طويلة، ولا بد من مزايا للمستثمرين كأن تكون أرض المصانع بسعر رمزى، هناك بلاد كالسعودية تعطى قروضا ميسرة للمستثمر، وتسمح له بجلب عمالة رخيصة من بنجلاديش أو باكستان وأسعار طاقة مخفضة؛ وهو ما يشجع على الاستثمار فى أى بلد. القطاع العام ما المعوقات التى تواجه الصناعة الوطنية؟ القطاع العام كان ناجحا فى بداية إنشائه، لكن تم تحطيمه عمدا مع سبق الإصرار فى عهد النظام السابق، نتيجة عدم وجود استثمارات أعطيت للقطاع العام على مدار 12 سنة تقريبا، والمعاش المبكر الذى أغرى العمال أن يخرجوا ويصبحوا عاطلين تسبب فى انهيار القطاع العام، وما تبقى من شركات صناعية يحتاج إلى خصخصة رشيدة، بمعنى أن أحضر شريكا أجنبيا لديه المعرفة والرخصة والرغبة فى تشغيل الشركة وتجديدها ويقوم بتدريب العمال ويساعد فى التسويق داخليا وخارجيا. أما القطاع الخاص فتواجهه مشكلة عدم الاستقرار، والمطالب الفئوية التى لا تنتهى وارتفاع أسعار الكهرباء، وهناك نحو ألف مصنع متوقف حاليا بسبب ارتباك الأوضاع. غياب الرؤية هل الاعتصامات الفئوية هى سبب إغلاق تلك المصانع؟ المشكلة تكمن فى غياب الرؤية والإستراتيجية، بجانب المشكلات التى تهدد مواردنا، سواء الطبيعية أو البترول والغاز الطبيعى، وكذا شح المياه وتراجع المساحة الزراعية، ونحتاج إلى خطة عمل ورؤية واضحة تحدد أولوياتنا فى المرحلة القادمة، ولدينا من الخبرات البشرية ما يكفى لتحقيق النهضة. وبخصوص الصناعة أدعو إلى اجتماع بين الحكومة واتحاد العمال واتحاد الصناعات وجمعيات المستثمرين؛ للتوصل إلى اتفاق على مستوى الأجور والحدين الأدنى والأقصى، حتى تتوقف المطالب الفئوية.