الحياة الزوجية حقوق وواجبات ومسئوليات والتزامات، فهى ليست كما تعرضها شاشات السينما والتليفزيون من رومانسية مفرطة وسعادة دائمة، لكنها مسئولية كبيرة وعدم تحملها سواء من الزوجة التى تربت على "الدلع والخروج وأكل ماما" أو من الزوج الذى تربى فى أحضان من يخدمه ويسهر على راحته "24 قيراطا" هو ما يجعل المشكلات تزداد فى سنوات الزواج الأولى ويزداد معها ما أصبح يسمى ب"الطلاق المبكر". القوامة للزوجة! تقول حنان إسماعيل -30 عاما-: "أحيانا أشعر أن زوجى هو الطفل الذى لم أنجبه، فهو لا يتحمل مسئولية أى شىء، فإذا مرض طفل فأنا أجرى على الأطباء، ولو حدثت أى مشكلة فى المدرسة فأنا التى أذهب للمتابعة، وكثيرا ما يترك شغله ويجلس فى البيت أمام الكمبيوتر، وهو كثير الخروج والسهر مع أصدقائه، وأنا صابرة لأن معى 4 أولاد أريد أن أربيهم". وتقول سحر -28 عاما-: "زوجى كسول ويترك العبء على من منزل وأطفال ومشاكل خارجية من فواتير وخلافه، ورغم أنى أنجبت منذ ثلاثة أشهر فقط إلا أنى إذا قصرت يرجع باللوم على دائما، ولا يشكرنى على شىء، وأشعر بالضغط النفسى الشديد وأصبحت عصبية على الجميع، فأنا أشعر أن معنى المسئولية والقوامة للرجل ليست متحققة، وكثيرا ما فكرت فى الانفصال، لكن لدى أطفال، وإن واجهته بهذه المشاكل يتهرب ويقول: لى ليس لدى وقت". أما صباح -22 عاما- فلم تحتمل هذا الوضع وطُلقت بالفعل بعد أربعة أشهر من الزواج بسبب عدم تحمل زوجها المسئولية؛ ففى كل كبيرة وصغيرة يستشير والدته ولا يفعل شيئا إلا إذا استأذن والدته، وفرض على خدمتها، وإن لم أفعل فالسب والضرب هو الحل لديه ويصل السباب إلى العرض فكان الطلاق هو النتيجة الطبيعية". التدليل الزائد يقول معتز شاهين -المستشار التربوى-: "المسئولية لا تأتى مرة واحدة، ولكنها تغرس من الطفولة، فهى نبتة نظل نرعاها إلى أن يشب الشاب والفتاة عليها، فلو لم يتربَ الطفل على تحمل مسئولية نفسه وهو صغير فعندما يتزوج وينجب قد يكون أطفاله أكثر تحملا للمسئولية منه، والسبب فى الأصل يرجع إلى الأم التى ربت الأب على الدلال المفرط ويصبح الابن الحاكم بأمره الذى يخدمه كل من حوله، وعلى زوجته فى المستقبل أن تنفذ ما كانت تفعله أمه". ويضيف شاهين أنه من الجانب الآخر: "هناك البنت التى تربيها والدتها على عدم المشاركة فى المنزل وفجأة تجد نفسها فى بيت مطلوب منها تحمل مسئوليته وزوج يعود من العمل يريد أن تكون طلباته كلها جاهزة، ويزداد الضغط عليها لو رزقت بأطفال، فيكون تعاملها معهم أسوأ من التعامل مع الزوج، لأنها لم تتعلم كيف تدير بيت". "ابنك على ما تربيه" وتطرح نيفين عبد الله -المستشارة التربوية- جانب آخر للمشكلة قائلة: "من السلبيات أننا اعتدنا على عمل شىء واحد فقط؛ إما الدراسة فقط، وإما العمل فقط وإما الزواج فقط، ومن ثم يفقد الزوج أو الزوجة فى الكبر القدرة على التوازن بين الأدوار المتعددة، وهو ما يترتب عليه مشكلة كبيرة فى النضج النفسى للجنسين، وهذا هو أصل المشكلة، فدون هذا النضج لا نستطيع إثارة مشاعرنا ولا نعرف كيف نتعامل مع الإحباط والضغوط، ولا نجيد التعبير عن مشاعرنا بشكل إيجابى، ولا نستطيع أن نثق فى الآخر بدرجة كافية". وإلى جانب ذلك، فنحن لدينا أزمة أخلاق عامة كما تقول المستشارة: "فعند الاختلاف سياسيا نقل أدبنا، وعند الاختلاف اجتماعيا نقل أدبنا، وهذا الشكل لا يستقيم معه علاقة وخاصة لو كانا زوجين". وتابعت: "المثير أن الأم تربى وهى نفسها فاقدة لمفهوم التربية والنضج النفسى والأخلاقى والمعرفى، فالتربية عبارة عن فلسفة ورؤية للدنيا وإذا كانت الأم ناضجة ستكون لديها هذه الرؤية وتتمكن من بناء إنسان متكامل، فمن الجانب المعرفى تعلمه طريقة ومهارات التفكير وكيفية حل المشكلات، وفى الجانب الوجدانى تربيه على كيفية التعبير عن مشاعره وتفهمه لمشاعر الآخرين، واجتماعيا تعلمه مهارات التواصل وكيفية التعبير عن الرأى واحترام آراء الآخرين وكيفية تفهمهم، والتعامل مع المشاعر السلبية تجاه الطرف الآخر، وروحيا تفهمه أن الله يراقبه وأن يفعل كل شىء ابتغاء رضا الله، والأخذ بالأسباب، فالزواج الناجح يتطلب طرفين لديهم توافق فكرى واجتماعى وثقافى بجانب إعداد الفرد نفسه وتأهيله لهذا الدور الكبير".