بدأت، أمس، الاجتماعات التحضيرية للقمة الإسلامية الثانية عشرة التي تستضيفها القاهرة يومي الأربعاء والخميس المقبلين. وهذه القمة تأتي لأول مرة بعد ثورات الربيع العربي، وبالتالي سيكون لهذه الثورات وتداعياتها أثر كبير على القمة ذاتها وعلى العالم الإسلامي بأكمله. وفي أولى آثار هذا الربيع، هي الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلد المضيف للقمة «مصر»، حيث تعاني من مخاض عسير للديمقراطية واضطرابات وتوترات وتحديات كبيرة تواجه أول رئيس منتخب في تاريخ مصر. ولكن الربيع العربي كان له أيضا آثار إيجابية على العالمين الإسلامي والعربي؛ إذ خلق تغيرات كبيرة في خريطة القوى والتحالفات في العالم الإسلامي برمته. حيث تحررت إرادة الشعوب التي انتفضت وغيرت حكامها، وأصبح لديها فرصة للاستقلال عن الهيمنة الغربية ومتاحا أمامها أن تعيد بناء علاقاتها الخارجية لتصبح أكثر توازنا، وتتجه نحو الشرق سواء الشرق الأسيوي البعيد «الصين والهند» أو الشرق الإسلامي المجال الحضاري الطبيعي للدول العربية. ومثلما بدأ الربيع العربي في إعادة تشكيل خريطة المنطقة فإنه يعيد إدخال البعد الإسلامي كذلك؛ حيث أصبحت تركيا أكثر ارتباطا بالمنطقة سواء بسبب الثورة السورية أو نتيجة للعلاقات بين حزبها الحاكم والحركات الإسلامية الحاكمة. أما مصر فتعتبر إحدى الدول المؤسسة لمنظمة التعاون الإسلامي، ولم يتوقف دورها عند هذا البعد التاريخي المهم فقد تواصل هذا الدور بجهود مستمرة لتعزيز التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء. ويشارك فى القمة رؤساء وملوك 56 دولة عضوًا في المنظمة فيما عدا سوريا التي جرى تعليق عضويتها خلال قمة مكة الاستثنائية في أغسطس الماضي. كما يشارك المراقبون بالمنظمة والأجهزة المتفرعة والمتخصصة والمنتمية لها، فضلاً عن عدد من المنظمات والوكالات الدولية المتخصصة والشخصيات الدولية المدعوة. ويتسلم الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهوري، الأربعاء المقبل رئاسة القمة لمدة 3 سنوات "2013 – 2016" من رئيس السنغال الرئيس الحالي للقمة. وقد بدأت القمة اجتماعاتها التحضيرية، أمس السبت، بحضور كبار المسئولين في الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي لاعتماد جدول أعمال الدورة ال21 لمؤتمر القمة الإسلامي. ويشارك لأول مرة في القمة 26 رئيس دولة في أعمال القمة والتي تعد الحدث الأهم الذي تستضيفه مصر عقب ثورة 25 يناير، وعلى رأس الرؤساء المشاركين في القمة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الذي تعد زيارته للقاهرة هي الأولى لرئيس إيراني من بعد الثورة الإسلامية في إيران. كما عقد اجتماع آخر لكبار المسئولين بغرض الإعداد النهائي للقمة والتداول حول كافة الموضوعات المطروحة على جدول أعمالها. ومن المقرر أن يرفع كبار المسئولين توصيات اجتماعهم التحضيري إلي وزراء خارجية الدول الأعضاء والذي سيمثل تركيا فيها وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو والذين- بدورهم- سيبحثون تلك التوصيات خلال اجتماعهم. وستتناول مباحثات ومناقشات القادة في القمة الإسلامية هذا العام القضية الفلسطينية والاستيطان الإسرائيلي مناقشات، إضافة إلى تطورات الأزمة السورية والأوضاع في الصومال والمسائل السياسية ذات التأثير على دول المنظمة وبؤر الصراعات في العالم الإسلامي ومكافحة ازدراء الدين الإسلامي ومعتنقيه فيما يعرف بالإسلاموفوبيا وأنشطة نشر قيم التسامح والوسطية وسبل التواصل مع المجتمعات غير المسلمة ووضع الجماعات والمجتمعات المسلمة في الدول غير الأعضاء. كما سيتناول قادة الدول الإسلامية بالمناقشة عددا من القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتعلقة بالتنمية وبتعزيز جهود مكافحة الفقر وتحسين الأوضاع المعيشية للمسلمين ومناقشة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية بشكل عام وسبل التعامل معها وحماية مصالح دول المنظمة وتحديد كيفية السير قدما لبلوغ هذه الأهداف وفقا لآليات التعاون والتنسيق القائمة بين الدول الأعضاء. وأكد أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، أن قمة القاهرة الإسلامية هي أهم قمة اعتيادية تعقد في السنوات الأخيرة، موضحا أنها تنعقد وسط ظروف حرجة ودقيقة تمر بها أجزاء من العالم الإسلامي خاصة في منطقة الشرق، لم تمر بها في أي فترة من تاريخها المعاصر، فترة تحولات ديمقراطية وسقوط أنظمة شمولية وتطلعات الشعوب لنظام ديمقراطي. وأعرب الأمين العام عن تمنياته بأن تشهد القمة تجاوبا من قبل زعماء الأمة الإسلامية مع الأحداث والتحديات الراهنة، مشيرا إلى أن هذه القمة لها مغزى خاص حيث يجتمع زعماء الأمة الإسلامية في القاهرة تحت سقف منظمة التعاون الإسلامي بعد خمس سنوات من قمة داكار. وقال أوغلو: «إن فترة ولايتي كأمين عام للمنظمة ستنتهي في نهاية العام الجاري»، مشيرا إلي أن الدولة الإفريقية سبق وأن قدمت ثلاث مرشحين لمنصب الأمين العام قبل أن تسحب مرشحيها، والآن المملكة العربية السعودية لها مرشح.