رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرشد العام يكتب: رسالتى إلى الإخوان

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد..
بعد أن منَّ الله -عز وجل-علينا بنجاح الثورة المباركة بفضلٍ منه سبحانه، مرَّت مصر وفى القلب منها دعوتنا بعدة أطوار وتحديات واستحقاقات، ونتج عنها العديد من النتائج المؤثرة فى مسيرة الثورة، بل البلاد كلها. ونحن اليوم نقف على أعتاب مرحلة جديدة بعد إقرار أول دستور يكتبه المصريون بأيديهم ويُقِرُّونه بأغلبية طيبة.
إخوانى الأحباب..
أحببت أن أوجه لكم رسالتى هذه قبل البدء فى المرحلة الجديدة من عمر وطننا ودعوتنا؛ لنستفيد من المرحلة السابقة ونجعل من دروسها نبراسًا يضىء لنا طريق المرحلة التالية، ونتعلم منها ونتربى عليها، كما فعل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عبر خطواتهم الأولى.
علينا أيها الأحباب أن نخلص توجهنا وأعمالنا وحركاتنا وسكناتنا كلها لله تعالى(قُلْ إِنَّ صَلاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاى وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام: 162)، ففى إخلاصنا لله النجاة والخلاص والصلاح وخيرا الدنيا والآخرة. كما علينا التمسك بالأخلاق والقيم والمبادئ التى علَّمنا إياها إسلامنا الحنيف والتخلق بها، وأن نكون خير معبِّرين عن إسلامنا ودعوتنا بأعمالنا وحركتنا بين الناس، وأن يكون خُلُقنا القرآن الكريم كما كان قدوتنا المصطفى صلى الله عليه وسلم.
لنكن جميعًا قدوة صالحة تنير للمجتمع طريقه وتقوده للخير والصلاح بأعمالكم وحركتكم وعلمكم وطاعتكم لربكم بخدمة أهلكم (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب: 21).
إخوانى الأحباب..
إن حياة أصحاب الدعوات ليست كحياة عموم الناس الذين يسعون لحياة ناعمة هانئة مُتْرفة، فأصحاب الدعوات يُضحُّون من أجل دينهم وأوطانهم وأهليهم، ويجدون فى التضحية أعظم سعادة لهم، والجزاء عند الله على قدر العمل والجهد والعناء والتضحية، ولنتذكر هتافنا الذى علمنا إياه المرشد الأول رحمه الله (الجهاد سبيلنا)، والجهاد هو بذل أقصى الجهد فى مجالات الدعوة والخدمة الاجتماعية والإصلاح والسعى لتحقيق المشروع الإسلامى لأوطاننا وأمتنا، وقد رأينا ورأى معنا العالم الحر أن هناك قوى عديدة على المستوى المحلى والإقليمى والدولى تسعى لإفشال المحاولة والتجربة الوليدة، ولكن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
إخوانى الأحباب..
اعتزّوا بانتمائكم لدينكم ودعوتكم، واجعلوا من شعاراتنا التاريخية نبراسًا لكم، فهذه الشعارات فى الحقيقة هى بوصلة تهدينا لسواء السبيل فى كل وقت وحين. وهى توضح الغاية والوسيلة والهدف الحقيقى الذى نسعى إليه كإخوان مسلمين منذ نشأتنا وحتى يرث الله الأرض ومن عليها. ويكمل هذه الشعارات ويتمِّمها الصفات العشر للفرد المسلم التى صاغها الإمام الشهيد حسَن البَنَّا –يرحمه الله- مستخلصًا إياها من كتاب الله وسنة رسوله وحاجة المسلم فى الواقع المعاصر والمستقبل المنشود، وهى: "سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهد لنفسه، حريص على وقته، منظم فى شئونه، نافع لغيره، قوى الجسم، متين الخُلُق، مثقف الفكر، قادر على الكسب"، فتحلّوا بها وبصفات عباد الرحمن فى سورة الفرقان وقبلها فى سورة المؤمنون، وحقِّقوها فى نفوسكم وفى واقع حياتكم تنالوا خيرى الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى.
كما علينا التحلى بأركان بيعتنا العشر (الفهم، والإخلاص، والعمل، والجهاد، والتضحية، والطاعة، والثبات، والتجرد، والأُخوَّة، والثقة)، والتخلق بها وفهمها والعمل بمقتضاها فهى العاصم بعد الله سبحانه وتعالى من أى زَلَل أو شطط أو انحراف.
إخوانى الأحباب..
إن كثرة الاستحقاقات الواقعة الآن وتداعياتها من فعاليات وأنشطة جماهيرية واحتكاكات سياسية التى قد تصل لحدِّ الاختلاف مع غيرنا أحيانًا، لا يجب أن تؤثر فى سلامة صدورنا تجاه إخواننا من مختلف التيارات السياسية الذين يحرصون على استقرار الوطن واحترام الشرعية وآليات الديمقراطية، فكل مخلص صادق منهم يعتقد أنه يخدم بلده وفق رؤاه الخاصة، ويجب أن نحترم ذلك وأن نلتقى سويًّا على المشترك بيننا وهو كبير وكبير جدًّا، وألا تؤثر الخلافات السياسية فى وحدة شعبنا لبناء بلدنا من جديد، وليكن شعارنا (كونوا كالشجر يُقذَف بالحجر فيُلقِى بأطيب الثمر). فمصر ملكنا جميعًا ولنا جميعًا أسهم متساوية فيها ولا يحتكر أحد الحديث باسمها، ولا يميز أحد على غيره إلا بقدر عطائه وتضحيته (وفِى ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ) (المطففين: 26).
فلنمدد أيدينا لجميع إخواننا من كافة التيارات السياسية، ولنتسامح، ونتغافر، ونتجادل بالتى هى أحسن، ونتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه، وليكن شعارنا قول الله عز وجل:(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل: 125)، فلا مكان فى مصر الثورة للتخوين أو الإقصاء، وهذا اعتقادنا الجازم وعملنا الواقعى مهما حاول البعض تشويه الصورة أو الادعاء بخلاف ذلك، أو سعى بالفتنة والوقيعة بين مكونات هذه الأمة المتماسكة بفضل الله تعالى، أو استفزَّنا بالإساءة لنغيِّر المنهاج والأسلوب، فمصر أكبر من الجميع ولن يبنيها أحد بمفرده، وتحتاج منا جميعًا للتكاتف والوحدة وسلامة الصدر والجهد المخلص الوفير.
إخوانى الأحباب..
عليكم التحلى بمعالى الأمور وترك سفاسف ها "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ مَعَالِى الأَخْلاقِ وَيَكْرَهُ سَفَاسِفَهَا"، وإياكم والانزلاق لمعارك جانبية يحاول البعض جرَّكم إليها ليبعدكم عن أهدافكم العليا ورؤاكم المستقبلية التى تخدم دينكم وبلدكم ومواطنيكم، ولتنبذوا الفرقة والشقاق فهما أساس الفتن، وأصل الداء (وأَطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ ولا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وتَذْهَبَ رِيحُكُمْ واصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال : 46)، وكونوا دائمًا جزءًا من الحل ولا تكونوا جزءًا من المشكلة، وكونوا دائمًا كالغيث أينما حَلَّ نَفَع، وجمِّعُوا القلوب حولكم قبل الأبدان، ولا تُضخِّموا الصغير ولا تُصغِّروا الكبير من الأمور، وتوازنوا فى كل أعمالكم تنالوا رضا الله وحبّ الناس، واحذروا الجدل وحب الظهور، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما ضلَّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل"، وقال العلماء إن حب الظهور يقصم الظهور.
إخوانى الأحباب..
إن أخوتنا ومحبتنا لبعضنا البعض فى الله تعالى ووحدتنا هى سر قوتنا، ومفتاح تحقيق كل مستهدفاتنا، فعلينا بهذه القيم وتلك المبادئ الأساسية التى لا تقوم نهضة ولا تتحقق إلا بها. فلا مجال فى هذه الأوقات الحاسمة لما من شأنه تعكير صَفْو علاقتنا وحبنا ووحدتنا، فلِينُوا فى يدِ إخوانكم وأديروا شئونكم بالحبّ فيما بينكم، وعظِّموا من وحدة صفكم، ولا تقفوا أمام التُُرُهات وتغاضوا عن الهنات وتعالوا عن الزلات، واقبلوا الأعذار وكونوا أعوانًا لإخوانكم على شياطين الإنس والجن. فغايتنا عظيمة وطريقنا طويل وشاق والتحديات كثيرة والأعداء متربصون من كل حَدَب وصوب بأمتنا وبنهضتها. ولا بد لنا من التزوُّد بالزاد الروحى والمعنوى والنفسى بذات قدر استعدادنا المادى والتنفيذى.
إخوانى الأحباب..
إن ثقة الشعب أمانة ومسئولية يجب على من ينالها أن يأخذها بحقها ويقوم بواجبها خير القيام وفى أى موقع كان، فكل فردٍ سيُسْأل عن أمانته أمام ربِّ العزة حفظ أم ضيَّع، وإذا كنا نتقرب إلى الله عز وجل بكل أعمالنا وتصرفاتنا وبتحملنا الأمانة والمسئولية، فلنحرص على إرضائه والقيام بالواجبات المطلوبة لنبرِّئ ذمتنا أمام الله عز وجل، ولنحذر جميعًا من قول الله سبحانه: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (الكهف: 103، 104)، ولنجعله كجرس إنذار وكشَّاف صادق يحذرنا بين الحين والحين.
وإياكم وأمراض القلوب فإنها مُهْلِكة ومُدمِّرة، وعليكم بكثرة ذكر الله سبحانه وتعالى والعمل الصالح ومجالسة ومخالطة الصالحين الذين يصدقونكم النصح،فالمؤمن مِرْآة أخيه، وخير الأصحاب منْ إذا ذكرت الله أعانك وإذا نسيت ذكَّرك، والذين إذا رُؤوا ذُكِرَ الله تعالى.
إخوانى الأحباب..
سيحاول البعض عرقلة جهودكم وإفشالها وتسفيه ما تقومون به، إما عن جهل منه بحقيقة ما تعملون أو عن حقد ورغبة فى إفشال الانتقال والتحول الديمقراطى لحاجة فى نفسه، وعلى أى حال لا تُقابلوا الإساءة بالإساءة، ولا تقفوا كثيرًا على ما يردِّدونه من اتهامات باطلة أو حجج واهية، واجعلوا أعمالكم وأخلاقكم هى التى تتحدث وتعبِّر عنكم.
وذلك كله جزء من محاولة تشتيت جهودكم فى معارك جانبية لا يُبْنى عليها عمل فهى تضر ولا تنفع، فكونوا حذرين غاية الحذر من تلك المحاولات وأَفشِلُوها فى مهدها، وأشغلوا أنفسكم بما ينفع الناس فى دينهم ودنياهم.
إخوانى الأحباب..
نُشْهِد الله عز وجل أننا فى إدارتنا للأحداث الحالية وما سبقها وما سيتلوها نقدم الصالح العام على الخاص، ونسعى للتوافق بين الجميع لما فيه خير مصر وشعبها بل أمتنا كلها، ولا نسعى لمصلحة خاصة بنا، ولكن نسعى للحفاظ على مكتسبات الأمة من ثورتنا المباركة بما نراه من وسائل وإجراءات مناسبة لذلك.
ولكن هناك بعض المتربصين الذين لا يريدون خيرًا لمصر ولشعبها ولأمتنا، ويريدون إدخالنا فى مرحلة فراغ سياسى ومتاهة فكرية؛ لإطالة أمد المرحلة الانتقالية ولإفشال عملية التحول الديمقراطى وإهدار الإرادة الشعبية، وإشاعة الأكاذيب وبذر بذور الفتنة التى هى أشدّ من القتل، والسعى للوقيعة بين كل مكونات الأمة: شعب مصر وجيشها وشرطتها وقضاتها ومحاميها وطلابها وأساتذتها ونقاباتها وفنَّانيها ورياضييها، وعمَّالها وفلاحيها، رجالها ونسائها، مسلميها ومسيحييها، شبابها وشيوخها، فقرائها وأغنيائها يمينها ووسطها ويسارها؛ للوصول لغايتهم العظمى فى إفشال المشروع الإسلامى وحامليه ومؤيديه، وهو ما نسعى جاهدين لمواجهته وكشفه أمام الجميع.
كما أن الشعب المصرى الكريم أثبت مرارًا وتكرارًا أنه فى قمَّة الوعى السياسى، وأنه أوعى بكثير من بعض من يُسمُّون أنفسهم بالنخبة، وأنه يُحسِن الاختيار بين البدائل وبين الأشخاص فى الأوقات الحاسمة المعبِّرة عن هوية الأمة ومشروعها الحضارى.
إخوانى الأحباب..
عزيزٌ علينا جدُّ عزيز أن يُصاب أحد من إخواننا وفلذات أكبادنا بأى أذى أو ضرر، فضلاً عن أن يصاب أو يُسْتَشهد، ونتمنى أن نفديه بأرواحنا لو استطعنا إلى ذلك سبيلا، ولكنها إرادة الله النافذة باختيار شهداء، وإصابة مصابين فى ابتلاء ربَّانى لمواجهة تهديدات ثورتنا المباركة وحماية الإرادة الشعبية، فالواجب يُحتِّم علينا اتخاذ قرارات حاسمة مبنيَّة على معلومات أكيدة ومتواترة نشعر معها أن خطرًا حقيقيًّا يتهدد بلادنا وأهلنا. وإننى على ثقة بأنكم تدركون ذلك ومستعدون للفداء والتضحية من أجل نهضة بلادنا بلا أدنى تردد، فنحن نتقرب إلى الله تعالى بكل أعمالنا ونخشاه فى كل حين، قدر استطاعتنا، (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ) (التغابن: 16). ونستعين به فى هذه القرارات، وندعوه أن يُلْهِمنا الصواب فى اتخاذ كافة الإجراءات بعد تطبيق الشورى بيننا، ومشاورة أهل الاختصاص، والتيقُّن والتوثق من المعلومات ودراسة الواقع والأخذ بكل الأسباب المعينة عليه، ثم يكون القرار الذى نعلم أنكم تثقون فيه وفى متخذيه ثقتنا فيكم؛ لأن الله سبحانه هو الغاية وهو الملجأ والملاذ لنا جميعًا.
فلنتوكل على ربِّ الأسباب، فأمر المؤمن دائمًا خير له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، وهذه وصية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "اعبد الله عز وجل على الرضا، فإن لم تستطع ففى الصبر على ما تكره خير كثير".
إخوانى الأحباب..
إن مصر تمرّ الآن بمرحلة تاريخية فاصلة، وتحتاج منكم أن تُروا الله عز وجل من أنفسكم خيرًا فى نهضتها وتقدمها واستعادتها لمجدها، فكونوا من الصنف الذى يقلُّ عند الطمع ويكثر عند الفزع، وتسابقوا فى تقديم النفع والخير لأهلها وشعبها طاعة لله تعالى وحبًّا لهم. إن ما تحتاجه مصر من جهد وطاقة كثير جدًّا، ولا بد أن يواكبه عزيمة وهمَّة عالية، وللهِ درّ القائل:
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْمِ تأتى العَزائِمُ وَيأتِى علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ فى عَينِ الصّغيرِ صِغارُها وَتَصْغُرُ فى عَين العَظيمِ العَظائِمُ
وليكن نُصْب أعيننا جميعاً قوله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى) (النجم: 39 – 41)، فهذا هو الهدف، وذلك هو الطريق، وهذه هى النتيجة. فتحركوا بإيجابية وهمَّة عالية وتقربوا إلى الله بأعمالكم وجهدكم، وفَّقكم الله تعالى وسدَّد على طريق الحقِّ خطاكم، ورحم الله شهداء الأمة وداوى جرحاها ومرضاها وشفاهم جميعًا شفاء لا يغادر سقمًا، وأنزل الصبر والرضا على كل أهل الابتلاء.
ختامًا مضى وقت الكلام، فهيَّا إلى العمل الصالح المخلص، وإلى كل ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض (وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة: 105).
وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،
والله أكبر ولله الحمد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.