مع مطالعة سريعة لصدر صفحات يوم واحد يمكنك أن تدرك أن هناك تناغما غريبا وتقاربا عجيبا وتواصلا ملحوظا بين عدد من المؤسسات الإعلامية توافقت جميعا على تصدير مشهد العنف وغض الطرف عن المشاهد الإيجابية التى شهدتها الساحة خلال أيام خلت. فأنت تطالع مانشيتا لإحدى الصحف يقول "ساحة قتال فى القائد إبراهيم بالإسكندرية" وصحيفة أخرى تقول "نيران الفتنة تشعل الإسكندرية" وصحيفة ثالثة تقول "دماء فى غزوة الثغر" وصحيفة رابعة تقول "استفتاء فوق بحر الدماء" وصحيفة خامسة تقول "حرب شوارع فى الإسكندرية". هذا هو مجمل الصورة التى يسعى مروجو الفتنة إلى تصديرها للناس فى عدد غير قليل من وسائل الإعلام من خلال التأكيد على أن المشهد السياسى الآن ومستقبلا شديد القتامة مغرق فى الكارثية مفعم بالأزمات. وبالرغم من أن المواطن يشعر بأن حدة الاحتقان قد بدأت خلال الأيام الماضية فى التراجع وأخذت طريقها للأفول، تجد فى المقابل جهودا مضنية يتناغم فيها عدد كبير من وسائل الإعلام المقروءة والمرئية فى إطار منظومة موحدة لإثبات واقع مختلف وتصدير مشهد مغاير. فما أراه ويلحظه الكثيرون أن المرحلة الثانية من الاستفتاء على الدستور شهدت تراجعا فى حدة التظاهرات والمواجهات التى اكتظ بها الشارع السياسى خلال المرحلة الأولى منه. كما تراجعت حدة الرفض الذى تبناه عدد من القوى السياسية المعارضة والتى أعلنت مشاركتها فى التصويت على الدستور والتعبير عن موقفها الرافض من خلال الصندوق. ولا شك أن هذا التغير يعد نقلة أراها إيجابية بالرغم من أن البعض وضعها فى خانة التراجع عن المبدأ والنكوص على الأعقاب، إلا أننى أرى أنها عودة حميدة لجبهة المعارضة للحق وإذعان منها لحكم الشعب الذى أعلن رفضه كل أشكال العنف والمواجهات ومحاولات إسقاط الشرعية. وبالرغم من هذه التغيرات الإيجابية التى شهدتها الساحة السياسية خلال الأسبوع الماضى عدا ما حدث من مواجهات عند مسجد القائد إبراهيم فى الإسكندرية إلا أن المشهد الواسع سقط سهوا من تغطية غالبية وسائل الإعلام ولم يطغ فيها سوى المشهد السلبى الوحيد.