فى بعض الأحيان يا شباب تصل إلى أن تشعر بشىء من التردد، وأنت تتكلم عن مصر، والبعض يقرر ألا يفتح على نفسه بابًا فى هذه المراحل الحرجة فيؤثر الصمت، ويقرر أن يُبقى بقية من حبه فى قلبه، فإما أن يشكك أحد فى حبك، أو يسخر منه، أو يقول لك بشكل واضح: وددت لو تركتها لهجرة.. هجرة؟! أى هجرة؟! تهجرها؟! من؟؟ الحبيبة.. أهجرك يا مصر، لم أهجرك قبل ثورتك، هل أهجرك بعدها.. بجانبك حتى تكتمل عافيتك، ولو كان عمرى كله. أولى الناس بحبها هو أنتم يا شباب؛ لأنكم تعلمون أننا وهى مع بعضنا البعض فى صف واحد، فى خندق واحد،وتاريخها الكبير يقول: إن بلدًا فى عراقة مصر قد يرى عوائق وتحديات، بالذات فى مرحلة النهوض. أذكر أن هذا الشعور قد انتاب الشباب قبل الثورة بأشهر، تفكير جاد للهجرة ويأس من الحياة فيها.. كنت أدخل كل يوم فى حوارات لا تنتهى عن حبها، عن الانتماء لترابها، عن احتياجها إلينا، كانت كلمات اليأس والضيق تتلقفها الألسن كأنها من تفاصيل اليوم العادية.. فى لحظة من تلك اللحظات شعرت بأننى لا أريد أن أفتح هذا الحوار الآن، بالضبط كحالة بعض الشباب فى هذه الأوقات، وهذا ما دفعنى إلى أن أحكى عن كلمات ذكرتها، فحينما شعرت بذلك، انتفضت، وفتحت الخط، ورحت أقول: أيوه حبيتك وبحبك، ومش مكسوف أقول ونجمك يا بلدى عمره، ماهيشوف أفول بس شوية تراب على جبنيك وأنا؟ دا أنا لو أقدر على كتافى أشيلك أيوه حاسه بيَّا وحاسس بيكى شاريانى يا بلدى وشاريكى أيوه عارف، قالوا عليكى ظلماهم وانتى فى حضنك ضمَّاهم معلش.. ولادك ومش فاهمين إنى أنا وأنت فى طريق واحد سايرين مش ظلم من ناسك هايخلينى أكرهك، ما أنت متبهدلة معايا حزنى شايفُه فى عينيكى، وألمك ساكن جوَّايا معلش.. ولادك ومش فاهمين إنى أنا وأنت فى طريق واحد سايرين إنك فى صفى وانى فى صفك كفّى شابِك ولازق فى كفك لونك أصفر وعيونك حواليها رمادى فاكرك يا اما وأنت عروسة، يشاور عليها الرايح والغادى اوعى تنسى التاريخ يا اما هترجعى عروسة من تانى دى حقيقة كتير مش عارفينها مش أحلام بنحلمها وأمانى إيه سنين فى عمر التاريخ جه علينا ظلام مش هيه دى حكاويكى ليه فى المسا قبل ما انام تحت رجلك، تحت رجلك، مكانى قاعد ومستنى وكلى ليكى يا اما قلمى، دمى، غنايا، وفنى تحت رجلك، هاخدمك كرمتينى قبل ما أكرمك اتعلمت فى رحابك إزاى أكون ساجد وعابد ماتخافيش.. قاعد على التراب جنبك.. لازق ولابِد تحت رجلك.. هاخدمك حتى لو لونك أصفر وعيونك حواليها رمادى بنفسى، بروحى، بدمى يا اما، هافادى دا أنت رسمك منقوش وفارش، فِ فؤادى أيوه بحبك وهافضل أحبك وبأعلى صوتى هاقول وهانادى، أيوه بحبك يا مصر.. بحبك يا بلادى