توالت الضربات السياسية والعسكرية والمعنوية ضد "إسرائيل" عقب ثورات الربيع العربى وخاصة فى الأسابيع القليلة الماضية؛ خاصة بعد توّجه خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس لغزة الجمعة للاحتفال بذكرى انطلاقة حركة حماس الخامسة والعشرين والمسمى (حجارة السجيل.. طريق التحرير) لتظهر انكسارا جديدا فى جدار الاحتلال الذى منعه من دخول غزة 45 سنة. فدلالات عديدة وبليغة تحملها زيارة مشعل، أهمها كما يقول المتحدث باسم حماس والقيادى فيها صلاح البردويل: إنها تأكيد لانتصار المقاومة وتكليل لها عبر تحقيق حقٍّ فلسطينى غائب هو حق العودة، وقدرة هذه المقاومة على حماية أى فلسطينى يعود إلى وطنه. ويرى أن قوة الردع التى حققتها المقاومة فى الحرب الأخيرة تجعل إسرائيل تفكر بدل المرة مرات فى استهداف أى فلسطينى. وبينما يشير البردويل إلى دلالة ذات مغزى تتمثل فى أن استقبال مشعل من قبل كل القطاعات والفصائل الفلسطينية والحضور الجماهيرى الكبير، يُعد إجماعا على أن مشعل شخصية وطنية وقيادية تمثل الشعب الفلسطينى كله لا حركة حماس وحدها، يتحدث مدير مركز أبحاث المستقبل إبراهيم المدهون عن مرحلة جديدة تدشنها هذه الزيارة بإعلان القطاع منطقة شبه متحررة. وعلى المستوى العسكرى؛ أعقب عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلى الأخير على غزة مسارعة الكيان باستجداء الولاياتالمتحدةالأمريكية –والتى لجأت للرئيس المصرى محمد مرسى- للتدخل لوقف صواريخ المقاومة والتى قتلت 6 إسرائيليين، وأرغمت معظم الباقين على اللجوء للملاجئ وأنابيب الصرف الصحى. وأظهر العدوان الأخير على غزة حجم التقدم الذى أحرزته فصائل المقاومة على مستوى التسليح؛ حيث وصل مدى الصواريخ التى تم إطلاقها للقدس وتل أبيب؛ كما تم إطلاق بعضها عن بُعد؛ وأصاب بعضها طائرات إسرائيلية. وحصلت الحكومة المصرية على موافقة الحكومة الألمانية على بيع غواصتين بحريتين من طراز "209" لمصر، وذلك على الرغم من المعارضة الشديدة التى أبدتها "إسرائيل" طوال الفترة الأخيرة لإجراء هذه الصفقة التى بلغت قيمتها نحو 700 مليون يورو. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن مجلة "دير شبيجل" الألمانية قولها: إن برلين وافقت على الصفقة، على الرغم من معارضة تل أبيب لها، مشيرة إلى أن الموافقة الألمانية تسببت فى توترات مع الحكومة الإسرائيلية. على المستوى السياسى تلقت "إسرائيل" صفعة قوية بنجاح المسعى الفلسطينى إلى الحصول على اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بفلسطين دولة غير عضو بالمنظمة؛ وهى الوضعية التى تؤهلها للتعامل مع مؤسسات دولية مثل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وهو ما قد يمكنها من محاكمة "إسرائيل" على جرائمها. وظهر موقف الاتحاد الأوروبى فى التلويح بفرض عقوبات على "إسرائيل" فى حال عدم توقفها عن بناء مستوطنات فى الضفة الغربية؛ وذلك عقب استدعاء مصر للسفير الإسرائيلى فى القاهرة وإعرابها عن إدانتها الشديدة للقرار الإسرائيلى ببناء مستوطنات جديدة فى القدسالشرقية فى أعقاب اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لقرارها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. وعلى المستوى السياسى أيضا يظهر الفتور فى العلاقة بين الحليفتين "إسرائيل" والولاياتالمتحدة عقب فوز الرئيس الأمريكى بارك أوباما بولاية رئاسية ثانية، ظهر فيها امتعاضه من مناصرة رئيس الوزراء الإسرائيلى "بنيامين نتنياهو" العلنية ل"ميت رومنى" المنافس الجمهورى لأوباما فى الانتخابات. ومما يزيد الأمر سوءا أمام الحكومة الإسرائيلية أن الرئيس الأمريكى فى فترته الرئاسية الثانية لا يكون خاضعا للحسابات الانتخابية وضغوط مجموعات الضغط الصهيونية التى يمارسها اللوبى الصهيونى فى أمريكا باحترافية، بل يحاول الرئيس فى ولايته الثانية عمل إنجازات يحسبها له التاريخ، وهو ما يتعارض مع وقوف أوباما مع "إسرائيل" أمام تيار عربى وإسلامى جارف يناوئ أى مظهر للاحتلال فى الوطن العربى والمنطقة.