استجاب الرئيس محمد مرسى بمرونة كبيرة من موقع مسئوليته كرئيس منتخب لأهم مطالب القوى السياسية، وشدد فى خطابه للأمة، مساء الخميس، على أن تحصين قراراته يقتصر فقط على أعمال السيادة ولمدة محددة، وأنها ليست مطلقة بالمجال أو الوقت. كما أكد أن الإعلان الدستورى سيسقط بعد الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، سواء بنعم أو بلا، وهو ما يفوت الفرصة على المزايدين الذين يتخذون من هذا الإعلان ذريعة لرفض الحوار والتصعيد غير المبرر.. مبديا استعداده لإلغاء المادة السادسة من الإعلان. والرئيس بدعوته للحوار يجعل القوى الوطنية شريكا فى الحوار لرسم خطوات المرحلة المقبلة وتحديد مسارها واستحقاقاتها الدستورية والقانونية والسياسية، وأوضح السيناريوهات المحتملة بالتصويت على الدستور بنعم أو لا، ليترك حرية الاختيار للمواطن وللمعارضة. ونرصد فى هذا التقرير عشر إيجابيات فى خطاب الرئيس: الأولى: إلغاء ضمنى للمادة (6) من الإعلان الدستورى تضمن خطاب الرئيس إلغاء ضمنيا للمادة (6) من الإعلان الدستورى، الصادر فى 22 نوفمبر.. حيث أكد الرئيس أنه ليس مُصرّا على بقائها؛ لأنها تقلق القوى السياسية مما يؤكد إمكانية إلغائها بناء على الحوار الوطنى الذى دعاها إليه ظهر السبت. وإلى جانب قصْر الرئيس التحصين على القرارات السيادية فقط، تعد هذه خطوة حاسمة وواضحة تطمئن الجميع، خصوصا أن هذه المادة أساء تفسيرها الكثيرون وتخوفوا من التوسع فى استخدامها. الثانية: تحديد "التحصين" فى القرارات السيادية فقط أكد الرئيس مجددا تقييد المادة 2 بالإعلان الدستورى بجعل التحصين محددا لأعمال السيادة فقط، وفقا لتعريف القانون المصرى، التى لم تمنحه حقا جديدا أصلا؛ لأن ذلك منصوص عليها والتى تمارسها الدولة بوصفها سلطة حكم، وأنه لا يقصد من تحصين الإعلانات الدستورية والقرارات والقوانين منع القضاة عن ممارسة حقهم أو منع المواطنين من الطعن عليها، واستجاب الرئيس لمطالب تفسيرها وتوضيحها مبكرا وعقب صدور الإعلان، وجدد ذلك بخطاب الجمعة. الثالثة: إسقاط الإعلان الدستورى بعد الاستفتاء سواء ب"نعم" أو "لا" أكد الرئيس أنه بمجرد التصويت على الاستفتاء سيسقط الإعلان الدستورى، سواء تم التصويت عليه ب"نعم" أو ب"لا"، أى بعد تسعة أيام فقط. الرابعة: تحديد سيناريو "لا للدستور".. حتى لا يكون المواطن أو المعارضة مرغمة على التصويت ب"نعم" أوضح الرئيس السيناريوهات المحتملة بالتصويت على الدستور ب"نعم" أو "لا" ليترك حرية الاختيار للمواطن وللمعارضة، فالدولة استعدت لإجراء الاستفتاء فى موعده، وإنه إذا كانت نتيجة الاستفتاء ب"نعم" فإننا سنعمل على استكمال مؤسسات الدولة، وإذا كانت نتيجته ب"لا" فإنه سيدعو إلى تشكيل جمعية تأسيسية جديدة إما بالتوافق أو بالاستفتاء الحرّ المباشر. الخامسة: دعوة لحوار وطنى حول (قانون الانتخابات-مصير مجلس الشورى-وضع خريطة طريق محددة) جاءت دعوة الرئيس للحوار مفتوحة وغير مشروطة مع ممثلى القوى السياسية، بل أبدى مرونة كبيرة ومحفزات وطمأنات عديدة، ووضع أجندة محددة واضحة وتحديد محاور الحوار، وهى: المسار بعد الاستفتاء ب"نعم" أو "لا" -قانون الانتخابات المقبلة، وكيفية استكمال مجلس الشورى- سيناريوهات المرحلة الانتقالية، وبذلك جعلها شريكا فى رسم خريطة المرحلة المقبلة بكل مقوماتها. السادسة: فتح الباب لانتخاب التأسيسية (حال التصويت ب "لا") أكد الرئيس -فى بيانه- أنه لن يجبر المعارضة أو الشعب بأية حال على خيار التصويت ب"نعم" على مسودة الدستور، بالكشف بأنه لم يعد الخيار المتاح فقط، وأنه فى حال رفض المسودة يعيد الرئيس تشكيلها كحق له وفق الإعلان الدستورى الصادر بأغسطس، ولكنه يفتح خيارا آخر بأن يتم تشكيلها بالانتخاب الحر المباشر من الجماهير. السابعة: الكشف بالقانون عن "الطرف الثالث" وتأكيد احترام القضاء والنيابة لم يكشف الرئيس ما لديه، وتركه للقانون وللنيابة وللقضاء، ورغم سقوط شهداء وضحايا واختراق للأمن، والتعدى على رجال الأمن، والكشف عن شبكة البلطجية والتعدى اللفظى على الرئيس، أكد الرئيس أنه سيكشف عن الطرف الثالث بالقانون، وأنه ينتظر تحقيقات النيابة ولم يستخدم أى إجراء استثنائى، ولم يستخدم الإعلان الدستورى نفسه، مما يؤكد إصراره بأنه سيستخدم ما له من صلاحيات فى حالة الضرورة القصوى. ولم يضيق على أى من الحقوق والحريات العامة. الثامنة: تحذير رموز النظام البائد من محاولات القيام بثورة مضادة تكشفت محاولات إعادة إنتاج النظام البائد بقوة، وبدأ رجاله من عناصر بمؤسسات أمنية ورجال الحزب الوطنى المنحل تعيد تنظيم صفوفها وتخطط للانقضاض على الثورة وإحداث ردة ثورية، وتستخدم فى ذلك ميليشيات منظمة من البلطجية، لإحداث فوضى والانقلاب على الشرعية وعلى الثورة تحت غطاء وستار. وتعقد هذه القيادات اجتماعات وتؤسس شبكة علاقات بينية مريبة بداخل مصر وخارجها، ستعلن عنها نتيجة التحقيقات قريبا، ولذلك أكد الرئيس أن من الدوافع الرئيسية التى دفعته لإصدار الإعلان الدستورى الأخير هو استشعاره بوجود خطورة كبيرة على استقرار الوطن وأمنه. التاسعة: تأكيد وحدة الوطن والمساواة بين جميع أبنائه وحرية التعبير السلمى رغم انتهاك ضوابط سلمية التظاهر، أكد الرئيس احترامه لحق التعبير السلمى للجميع، وفرق بين ممارسة حرية الرأى وبين إثارة الفوضى، وأنه يشعر بحق كل مواطن عليه، وأن الوطن وأبناءه عنده وحدة واحدة، لا يفرق بين بعضهم البعض فى حق الأمن وحق السلامة، ولا يفرق بينهم جميعا دين أو انتماء سياسى أو موقف. العاشرة: عدم السماح بالقتل والتخريب أو الدعوة للانقلاب على الشرعية بعد تأكيد الرئيس حرية التظاهر السلمى وحق المعارضة السلمية الديمقراطية الراقية، فإنه فى الوقت نفسه شدد بحسم وحزم على أنه لن يسمح أن يعمد أحد إلى القتل والتخريب وترويع الآمنين وتخريب المنشآت العامة أو الدعوة إلى الانقلاب على الشرعية؛ لأن ذلك لا يمت للآليات الديمقراطية بصلة. فالخيار فى الدستور للشعب ب"نعم" أو "لا"، والشرعية للصناديق، وهذه هى الديمقراطية، مؤكدا أنه لا بد من إنجاز الدستور بالاستفتاء عليه حتى تتهيأ الفرصة لهذا الشعب العظيم ليقول كلمته التى سيخضع لها ولإرادته الجميع.