* "سلامون قبلى".. فنانو "الحصير" يشتكون الموكيت * "السمر".. المادة الخام من سيناءوالإسماعيلية والإنتاج النهائى "حصير البيت" أو "حصير الجبنة القريش" * صاحب ورشة: نصنع يوميًّا 10 حصائر.. والطفل "ابن عشر سنين" يستطيع تصنيعها بمفرده * الطلب على "حصير البيت" قلّ.. والبركة فى السجاد والموكيت * شكاوى من ارتفاع أسعار خيوط "الحصر".. ولجنة حكومية تزور القرية لبحث مشاكلهم صناعة الحصير.. حرفة من عبق التاريخ اشتهرت بها قرية "سلامون قبلى"، إحدى قرى مركز الشهداء بمحافظة المنوفية، فلا بيت يخلو من مشغل لصناعة "حصير الحلفا" الذى يستخدم فى صناعة "حصير الجبن" و"حصير القرى السياحية"، ولا يعرف مواطنو سلامون قبلى غير هذه المهنة التى توارثوها عن أجدادهم عبر السنين، ويحرصون على تعليمها لأبنائهم منذ صغرهم. أبناء القرية طبعت صناعة الحصير على ظهورهم بصمتها، فتركته منحنيا مقوسا، وكانت فى بدايتها مصدرا لثراء الكثير منهم، ومع التقدم التكنولوجى الذى ألقى بظلاله على هذه المهنة العريقة أصبحت تلك الصناعة مهددة بالانقراض. "الحرية والعدالة" زارت "سلامون قبلى" وتحدثت إلى فنانيها، أو بالأحرى صناع الحصير، لترصد أحوالهم وخبايا هذه الصناعة عن قرب، واصطحبنا فى هذه الجولة عبد الحميد خضر -أحد شباب القرية- ويعمل فى ورشة لصناعة الحصير مع والده. يقول الحاج سعيد عبد العظيم: ورثنا هذه المهنة عن آبائنا وأجدادنا منذ سنوات عديدة، وتبدأ صناعة الحصيرة بحصولنا على "الحلفا" (أو ما يطلق عليه فى عرف هذه المهنة السمر) من الإسماعيلية ورشيد وسيناء، ويصل سعر الكيلو إلى جنيهين ونصف الجنيه، ليتم بعد ذلك تصنيفه إلى ثلاثة مقاسات (الكبير والمتوسط والصغير)، فنستخدم الكبير والمتوسط فى صناعة "حصير البيت" وحصير القرى السياحية، أما المقاس الصغير فنستخدمه فى صناعة "حصير الجبن" (وهو الحصير الذى يستخدم فى صناعة الجبن القريش) ويدخل أيضا فى صناعة الستائر وورد الزينة. وعن خطوات صناعة حصير الجبن، يقول عبد الحميد خضر: بعد فرز الحلفا (السمر) نأخذ المقاس الصغير ونقوم بتكسير سعف النخيل "الجريد" حسب المقاس المطلوب، ونلف الخيوط على البكر، ونضعها على المشغل، ثم نبدأ فى صناعته، وتستغرق صناعة حصيرة الجبن الواحدة نصف ساعة، ومتوسط إنتاج الفرد فى ورشة الحصير يبلغ يوميا (10 حصائر) وتأخذ كل حصيرة 170 سمرة. أما الحاج إبراهيم خضر، فيقول: إن هذه المهنة تضم الجميع من الرجال والنساء والشباب والأطفال، فعندما يبلغ الطفل 10 سنوات يستطيع إنتاج حصيرة بمفرده، وعند بلوغه 12 سنة يتقن الصناعة ويحترفها، وعدد كبير من ممتهنى هذه الحرفة حاصلون على مؤهلات جامعية، وفى الصيف يعمل بها كثير من الطلاب لتوفير مصاريف الدراسة خلال العام. ويضيف أن صناعة حصير "البيت" بدأت فى الانقراض؛ نظرا لانتشار السجاد والموكيت وظهور الحصير المصنوع من "البلاستيك"، وأصبحت صناعة حصير "البيت" مقتصرة على القرى السياحية وبعض البيوت التى ما زالت تحرص على استخدامه فى فرش المنزل. وعن كيفية تسويق الحصير، يقول لطفى الأزوك -أحد صناع الحصير- كنا فى الماضى نقوم بالمرور على البيوت وننتشر فى القرى المجاورة لبيع الحصير، وكنا نحمله على ظهورنا، وكان يأتى إلينا الأهالى ليحجزوا المقاسات التى يحتاجونها لفرش منازلهم، وأحيانا يأتى إلينا تجار من محافظات أخرى ويشترون كميات كبيرة جدا من الحصير، لكن الآن الوضع تغير وقل استخدام الحصير فى البيوت، واقتصر إنتاجنا على حصير الجبن، ويأتى إلينا التجار من الغربية وكفر الشيخ والجيزة لشرائه منا وتسويقه بمعرفتهم. أما عن المشاكل التى تواجههم فى هذه الحرفة، فيقول فايز عرفة إنها ليست كثيرة، لكن ارتفاع سعر الخيوط المستخدمة فى صناعة الحصير يرهقنا ماديا، فسعر الكيلو يصل إلى 12 جنيها، فضلا على قلة الطلب على حصير البيت. وعن دور الدولة فى تنمية واحتضان تلك الصناعة قام وفد من صندوق تطوير العشوائيات التابع لرئاسة الوزراء بزيارة القرية مؤخرا؛ لرفع تقرير عن واقع صناعة الحصير وإمكانية تدعيم تلك الصناعة وإقامة معارض لهم.