"خلية نحل تعمل في صمت، طبقوا نظرية التعليم المتبادل بحذافيرها".. إنه عالم المكفوفين وفاقدي البصر خاصة الناشطين منهم ممن لم يستسلموا لعدم تمكنهم من الرؤية، وإنما هرعوا لاقتحام المجتمع رافضين أن يكونوا جزءا منفصلا عنه، ولم يكتفوا بذلك أيضا وإنما نقلوا ما تعلموه لغيرهم من فاقدي البصر. تلك النظرية طبقها أحمد شحاتة الذي فقد بصره في التاسعة من عمره ليلقي بتلك العقبة جانبا ويقرر الانضمام لفريق أعضاء هيئة التدريس بكلية الآداب- قسم التاريخ بجامعة القاهرة، فهو طالب مجتهد حصل على 77.5% في الثانوية العامة، وحصل على تقدير جيد في العام الدراسي الأول له بالكلية. أحمد يشارك في قوافل الخير التي تنظمها جمعية رسالة، ويعشق العمل التطوعي وقراءة الكتب الثقافية والتاريخية، ويخوض اختباراته بالكلية بالاستعانة بموظف من شئون الطلاب ليقرأ له أسئلة الامتحان ثم يمليه الإجابة، أو يقوم بكتابتها على الكمبيوتر الذي يتمتع بخبرة عالية في استخدماته، فأنشأ لنفسه صفحة خاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك". "التعليم حاجة مهمة ترفع من شأن الإنسان" وضع أحمد تلك الحكمة نصب عينيه وبعث بها لكافة أقرانه من المكفوفين، فبث فيهم روح الأمل والمثابرة، فشكلوا فريقا للمذاكرة لكافة الأعمار وقاموا بكتابة ملخصات للمناهج الدراسية على الكمبيوتر ثم حولوها لطريقة "برايل"، أما القوافل والأعمال التطوعية الخيرية فكان منبعها لدى أحمد هو شعوره عن قرب وتجربة بكل محتاج وبإهمال المجتمع لتلك الفئات المهمشة. "كان نفسي أطلع مقدم برامج لكن المجتمع لا يقبل المكفوفين" فالدراسة في كلية الإعلام كانت أهم أحلام أحمد شحاتة ومصدر ألمه في الوقت ذاته لعدم قدرته على تحقيق هذا الحلم، مطالبا الرئيس والحكومة والمجتمع المدني بالاهتمام بالمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة بتوفير سكن خاص يتم مراعاة فيه وضع السلام والحركة، بجانب توفير سيارات مجهزة لهم. لقاؤنا بأحمد شحاتة أو "نوارة رسالة" حسبما يطلق عليه أقرانه بجمعية رسالة فرع شبرا كان على هامش الاحتفالية التي نظمتها الجمعية بمناسبة اليوم العالمي للمكفوفين مساء أمس الإثنين، والذي خصص للتعريف ب"العصا البيضاء". حسن سعيد "مسئول نشاط المكفوفين بالفرع يقول: كفيف البصر هو شخص عادي يصيب ويخطئ، ينجح ويفشل، ويشعر بكل ما حوله، ويتأمل خلق الله بطريقته الخاصة، لافتا إلى أن يوم "العصا البيضاء" هو رسالة للجميع لإرشاد المجتمع بكيفية مساعدة الكفيف. وأضاف: قسم المكفوفين يهتم بالتدريس للأطفال بطريقة برايل، كما يقدم خدمات تعليمية لكبار المكفوفين عن طريق الدروس السماعية وطباعة الكتب لطلاب الجامعات. وأوضح أن "العصا البيضاء" هي أداة تستخدم في العالم والدول التي تحترم ذوي الاحتياجات الخاصة حتى يتمكن فاقد البصر من العبور والحركة بسهولة، ويمكن عن طريق بعض الإشارات سواء برفعها أو تحريكها يمينا ويسارا في يد الكفيف أن يطلب مساعدة من حوله دون أن يطلبها شفاهية فتسبب له حرجا.