أطنان من الورق ومئات الملفات التي كدستها منظمات حقوق الإنسان لحالات القتل التي تمت في عهد السفيه عبدالفتاح السيسي، وتراوحت بين التصفية الجسدية، والاشتباكات مع أفراد الجيش والشرطة، والإهمال الطبي، والقتل في أماكن الاحتجاز. ووثقت تلك المنظمات قتل نحو 2417 شخصا في الفترة من يونيو 2014 إلى مايو 2017، ولم تتطرق حملات التلميع والتبييض التي انتشرت على وسائل الإعلام، والتواصل الاجتماعي إلى تلك الأرقام من قريب أو بعيد. ومنذ الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو 2013 نفذت السلطات المصرية حكم الإعدام بحق سبعة أشخاص أدانهم القضاء في قضيتين، هما قضية عرب شركس التي اتهم فيها ستة شباب وأعدموا في مايو 2015، وقضية خزان الإسكندرية التي أعدم فيها الشاب محمود رمضان في مارس 2015. صاعق كهربي "هات صاعق كهربي وأنا أخليك تعترف بأنك قتلت السادات"، هكذا رد الطالب الجامعي محمود الأحمدي، المحكوم عليه بالإعدام في قضية مقتل نائب عام الانقلاب هشام بركات، على القاضي عندما واجهه باعترافاته المثبتة في التحقيقات، في إشارة من الطالب إلى التعذيب الذي تعرض له للاعتراف بالجريمة. ويبدو أن يونيو الماضي هو شهر الإعدامات، فمطلع الشهر صدر حكم نهائي بإعدام 7 شباب في قضية مقتل رقيب شرطة بمدينة المنصورة، وبذلك تكون قد صدرت أحكام إعدام "واجبة النفاذ" بحق 26 شابا، بإضافة المحكوم عليهم بالإعدام نهائيا في قضية ملعب بورسعيد وعددهم 11 متهما، والداعية الإسلامي فضل المولى المدان بقتل سائق. ودعت منظمة العفو الدولية سلطات الانقلاب إلى وقف فوري لعمليات الإعدام الوشيكة، وطالبت في بيان لها بإحالة قضايا المحكوم عليهم إلى كبار القضاة في محكمة الاستئناف العليا بمصر. رسالة إرهاب من جهته، قال إبراهيم متولي المحامي الحقوقي ومنسق رابطة أسر المختفين قسريا إن الانقلاب ينتقم من خصومه السياسيين ويحاول القضاء على الأصوات المعارضة، وفي سبيل ذلك لا مانع من إخفاء المعارضين قسريا أو قتلهم سواء بالرصاص المباشر أو بإصدار أحكام قضائية مسيسة. غير أن أحكام الإعدام المتوالية مؤخرا ليست على سبيل الصدفة أو الانتقام من المعارضة، مشيراً إلى تزامن توقيت تلك الأحكام مع تمرير اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، وقال إن "النظام يتعمد خلق أحداث مؤثرة ومتلاحقة لإشغال الرأي العام عن سياساته الداخلية والخارجية". ووصف الكاتب الصحفي أبوبكر خلاف قضاء الانقلاب بالمسيس، معتبرا أحكام الإعدام الأخيرة رسالة إرهاب لكل معارضي الانقلاب مفادها أنهم سيلقون نفس المصير إذا ما استمروا في طريق المعارضة. وأثار مقطع الفيديو الذي بثته فضائية مكملين ويظهر فيه عدد من الجنود وضباط الجيش يقتلون مواطنين سيناويين عزلا بالرصاص، غضب وسخط النشطاء والحقوقيون على مواقع التواصل الاجتماعي. وعلق المحامي حليم حنيش: "مشهد للأسف حكينا واتكلمنا عنه كتير، محدش صدق وانهالوا علينا تشويه من أذناب النظام". وقالت الحقوقية المسيحية نيفين ملك: "ممارسات الحكومات لجرائم القتل خارج نطاق القانون، ليست أقل إرهابا من ممارسات الجماعات الإرهابية كداعش وغيرها؟! وهي معادلتهم الصفرية للموت ولا حياة معها!". وفي تحليل مطول للمقطع ذكره الإعلامي أحمد عبدالعليم جاء فيه: "ما تنسوش السيسي لما قال (إننا لو حد ضرب نار في سيناء نقدر نطلع قصاد النار دي 100 نار بس إحنا كده هنبقى بنخلق عدو من أهل سيناء) ما بالك إن الشباب دول ما طلعوش نار ولا مية ومخطوفين من البيوت ومختفين قسريا من شهور وخدوهم صفوهم في الآخر علشان ياخدوا اللقطة؟!". تسريب سيناء وعلقت آية علاء زوجة الصحفي المعتقل حسن القباني: "أنا مش مصدقة، إنك تسمع غير إنك تشوف، إيه دا؟! إيه الكفر ده؟! إزاي ده؟ أنا مخنوقة أكثر إننا مش هنعمل حاجة، هنسيبهم يتصفوا كدا كل يوم بدم بارد! ومش هنعمل حاجة، رخص التراب والله، أنا هتفرج وهزيد وأعيد في الفيديو علشان أكرهكم من كل قلبي أكثر وأكثر، قهر وعجز، ربنا ينتقم". وأضاف الصحفي مصطفى الحسيني: "المشكلة الكبرى في فيديو تسريب سيناء إن العساكر رد فعلهم تجاه القتل كان عادي جدا، وده معناه إنهم عملوا الموضوع ده قبل كدة كتير!!". وقال الناشط السياسي أحمد غانم: "أعتقد أن الجنود الذين ظهروا في تسريب سيناء مكملين ليسوا جنودا عاديين، وإنما هم كتيبة إعدام مارست قتل العزل مرات ومرات من قبل، يتضح ذلك في الأريحية التي ظهروا بها، هذه تصرفات وردود أفعال مجرم اعتاد قتل العزل وليس شخصا هاويا". وأردف غانم: "كل شيء يتم بنظام روتيني: وضع الأسلحة بجانب الضحايا، التصوير، عدم الارتباك، كل هذه علامات تقول إنهم فرقة إعدام خاصة وليست كتيبة عسكرية عادية في سيناء، وربما يكونون هم من قادوا بعمليات التصفية العديدة التي حدثت لكثير من الإسلاميين المعارضين في الآونة الأخيرة".