انتشرت تقارير وتعليقات غير دقيقة عن حقيقة الصفقة التي توشك حركة حماس أن تبرمها مع كلا من مصر والإمارات ورجلهما القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان قائد جهاز الأمن الوقائي قبل أن تطرده حماس من غزة، وتسيطر عليها عام 2007. "بوابة الحرية والعدالة" استقصت عن حقيقة الصفقة من مصادر فلسطينية في غزة لمعرفة حقيقة ما يشاع –خاصة عبر الصحف الصهيونية– من أن حماس تنوي تسليم حكم غزة لدحلان، وأنها رضخت للضغوط المصرية والإماراتية بسبب الحصار، وتبين لها أن ما يتردد ليس سوى جملة أكاذيب لا علاقة لها بالصفقة التي وافقت عليها قيادات حماس خلال لقائهم في مصر مع مدير المخابرات ومقربين من دحلان. فما حقيقة الأمر؟ وهل الصفقة تضر حماس أو حكمها لغزة؟ أم تفيدها وتفيد أهالي القطاع المحاصر؟ القصة باختصار تتعلق برغبة حماس في الاستفادة من التقارب الذي أبدته القاهرة مؤخرا معها في تحسين أحوال سكان القطاع المحاصرين، خاصة أن المطلوب بالمقابل لا يتضمن أي تنازلات من حماس. إذ تتركز المطالب المصرية على تأمين حماس لحدودها مع مصر ومنع أنصار داعش من التنقل بين سيناءوغزة، وحماس لديها خصومة وصراع فعلي مع السلفية الجهادية وأنصار داعش، وتعاني منهم فقامت بإنشاء منطقة عازلة على الحدود مع مصر لمنع تسلسل الدواعش ومراقبة المنطقة بشكل أفضل، مقابل تنازلات مصرية أبرزها فتح معبر رفح بشكل دائم وإنشاء منطقة حرة للتبادل التجاري وإدخال السولار. والأمر نفسه حدث مع دحلان الذي يسعي للعودة للساحة الفلسطينية وليس أمامه سوى بوابة غزة لمنافسة الرئيس عباس والحلول محله بدعم مصري واماراتي، حيث تسعى حماس للاستفادة من دور دحلان مع مصر والإمارات في تخفيف الحصار عن أهالي غزة، وليس لديها أي مشكلة في منافسته الرئيس عباس الذي رضخ لضغوط أمريكية ومنع رواتب موظفين في غزة وأسر الشهداء وقلص دعم الكهرباء لغزة. وبدأت حماس في إنشاء منطقة عازلة على الحدود بعمق 100 متر كمنطقة عسكرية مغلقة، ومراقبة الحدود بالكاميرات، واستجابت لمطالب أمنية مصرية تتعلق بالأنفاق، كما التقى قادتها مع مقربين من دحلان وينتظر السماح لهم بالعودة إلى غزة بعدما جلبوا أموالا إماراتية لدفعها للموظفين الذين قطع عنهم عباس الرواتب، بخلاف تسريع مسألة دفع أموال (الديات) لقتلى مواجهات فتح وحماس التي سبقت سيطرة حماس علي غزة عام 2007. وبدأت إرهاصات التفاهمات وعودة دحلان بتأكيد سامي المشهراوي نائب «دحلان»، وجود اتفاق أُبرم في القاهرة، بين وفد حماس ومحمد دحلان القيادي المفصول من حركة فتح. وتأكيد القيادي في حركة فتح (التيار الإصلاحي) عبدالحميد المصري، أن عددًا من قيادات الحركة من بينهم سمير المشهراوي سيعودون إلى قطاع غزة بعد عيد الفطر، للاجتماع مع قادة حركة حماس لحل المشكلات. وكشف فايز أبوشمالة -أحد المقربين من دحلان- عن بلورة «مذكرة تفاهم ثلاثية» سيتم توقيعها قريبًا بين مصر وحماس ومحمد دحلان، تتضمن "تشكيل لجنة إدارية يرأسها دحلان، تعمل على تحسين أحوال الناس المعيشية، وفك الحصار عن غزة، وفتح معبر رفح". ونفى المشهراوي -في بيان، على حسابه علي فيس بوك صحة- ما ورد في وسائل الإعلام من حديث عن تشكيل حكومة في غزة يرأسها دحلان، مؤكدا أن "هناك فرقا كبيرا بين مهمات الحكومة ومهمات اللجنة الإدارية، وبين صلاحيات الحكومة وصلاحيات اللجنة الإدارية". وحسم القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" محمود الزهار الجدل بتأكيده "وجود اتفاق مبدئي بين الحركة وأعضاء تابعين للقيادي المفصول في حركة فتح محمد دحلان في القاهرة؛ اتفق خلاله الطرفان على تفعيل بنود اتفاق القاهرة مع حركة فتح". وأوضح "الزهار" أن أبرز البنود المتفق عليها، دفع ديّات قتلى الطرفين وتفعيل دور المجلس التشريعي، والسعي إلى فتح معبر رفح، وإعادة الكهرباء، وغير ذلك. هل تستفيد حماس أم تخسر؟ لأن الصفقة تقوم علي تبادل منافع ومصالح مشتركة بين حماس ومصر من جهة وبينها وبين دحلان من جهة ثانية فهي تحقق مصالح كل طرف دون أن يعني هذا رضاء مصر والإمارات عن حماس أو رضوخ حماس لهم. فحماس ستوفر بذلك لدحلان بابا للعودة للساحة الفلسطينية عبر السماح لبعض أنصاره بالعودة لغزة، مقابل مشاركة دحلان في فك حصار غزة بالتنسيق مع مصر والإمارات لحل مشاكل الكهرباء ورواتب الموظفين المتأخرة، وفتح دائم لمعبر رفح. ولن يعني عودة أنصار دحلان أي تغيير في قيادة حماس لغزة أو مشاركتهم في أي سلطة، فهم يعودون بلا سلاح أو أي نفوذ حقيقي.. فما تروج له صحف إسرائيلية عن عودة دحلان لقيادة غزة لا أساس له من الصحة. بل إن دحلان والإمارات سينقلون قرابة 12 مليون جنيه من أموال الإماراتلغزة لإنهاء ملف الدم (ديات قتلى المواجهات التي سبقت سيطرة حماس علي غزة عام 2007)، أو ما يسمي "ملف المصالحة المجتمعية" بدفع أموال وتعويضات لعوائل ضحايا الأحداث الدامية حينئذ. أيضا ستحصل حماس علي السولار المصري الذي بدأ نقله غزة عبر قرابة 40 شاحنة حتى الآن بسعر أرخص من السولار الإسرائيلي، وسيدخل عائده إلى خزينة حماس بعد أن كان يذهب عائد السولار الإسرائيلي للسلطة الفلسطينية. وبشكل عام هذه الصفقة بعيدة عن سلاح المقاومة، ولن تتأثر حماس أو سلطتها أو جهازها العسكري، ولا يعني هذا تصالحها مع دحلان بقدر ما هو تبادل منافع لصالح الشعب الفلسطيني المحاصر.