بعد سلسلة من القرارات القمعية وكبت الحريات العامة، ومن ضمنها الحريات الإعلامية، وحجب نحو 52 موقعًا إلكترونيًا بدعاوى معارضة النظام الحاكم والإرهاب ونشر الإساءات وجملة من المزاعم التي يروجها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي. وعقب يومين من لقائه مع رؤساء "المجلس الأعلى للإعلام" و"الهيئة الوطنية للصحافة" و"الهيئة الوطنية للإعلام" و"الهيئة العامة للاستعلامات"، أعلن "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر"، عن بدء تطبيق نظام "الكود الأخلاقي الإعلامي" اعتبارا من السبت الماضي، بالصحف والقنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية، والخاص بتناول القضايا الخلافية العربية.
وقال جمال شوقي رئيس لجنة الشكاوى بالمجلس – في بيان للمجلس " الشق الأول من الكود الأخلاقي الاعلامي يتضمن منح الإعلامى الحق الكامل في الدفاع عن وجهة نظر بلده فى أي خلاف، وله أن يتعامل فى ذلك بإتباع كافة الأسانيد التى تؤيد وجهة نظر بلاده"... ويشمل الشق الثانى من الكود الأخلاقى إلتزام الإعلامى بألا تتضمن عباراته سبا أو قذفا أو تجريحا لأشخاص، وأن يكون الرأى والنقد محل الخلاف موجها إلى القرار محل الخلاف، ولا ينسحب على شخصه.
ومن جانبه، أرسل أحمد سليم الأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام خطابات لنقابة الصحافيين ونقابة الإعلاميين (تحت التأسيس) لإبلاغ الأعضاء ببدء تنفيذ الكود الأخلاقى، وتتولى النقابتين مساءلة من يخرج عن هذا الالتزام الأخلاقى أمام لجان المساءلة والتأديب.
وجاء الاعلان عن بدء تطبيق "الكود الأخلاقي" بشكلٍ مفاجئ وبوتيرةٍ متسارعةٍ، تثير الشكوك حول خطة مكرم محمد أحمد عراب انقلاب السيسي، لتأميم الاعلام المصري حلف صوت واحد، هو صوت النظام..
الكود الأخلاقي
ويقصد ب "الكود الأخلاقي" ميثاق الأخلاقيات، وهو ترجمة للمصطلح بالإنجليزية "Code of ethics"، ويُعرَف بالمبادئ السلوكية العامة التي تُنظّم عمل المشتغلين بكل مهنة.
وبشكلٍ مُوسّع يعرّف بعض ممارسي المهن المختلفة "أخلاق المهنة" بأنها مجموعة من القواعد والآداب السلوكية والأخلاقية التي يجب أن تُصاحب الإنسان المحترف في مهنته تجاه عمله، وتجاه المجتمع ككل، وتجاه نفسه. وتم استدعاء هذا المصطلح أخيراً من قبل "المجلس الأعلى للإعلام" لتطبيقه على مختلف وسائل الإعلام (الصحف والمواقع الإليكترونية والإذاعات والقنوات الفضائية).
عقوبات تحريضية
وتتضمّن العقوبات المفروضة لمخالفة "الكود الأخلاقي"، غرامة 200 ألف جنيه للقناة، و100 ألف لمحطة الإذاعة، على أن تبدأ فرض الغرامات على المخالفين اعتباراً من 15 يونيو المقبل، وستُنفَق على الإبداع الفني، وسيحصل كل مواطن قدَّم تسجيلاً بالألفاظ البذيئة على 10% من مبلغ الغرامة.
وبحسب مراقبين، فإن آليات تطبيق الغرامات غير واضحة وقد تخضع للأهواء، حيث يتك الاحتكام لقواعد غير محددة في إطار "الكود الأخلاقي"، إذ لم يُقدِم على وضع ميثاق شرف إعلامي متكامل، أو على الأقل الاحتكام لميثاق الشرف الصحف،. وهو ما يعني أن المجلس سارَع في تنفيذ شيء دون أن يكون له سند حقيقي على أرض الواقع؛ بما يفتح مجالاً أن تكون تحديد المخالفات بناءً على الأهواء..
ويعيب "الكود الأخلاقي"، بحسب تصريحات لنقيب الصحفيين السابق يحي قلاش، أن الجهات المعنية بوضع "الكود الأخلاقي" ليس المجلس الأعلى للإعلام ، ولكن أبناء كل مهنة، والمُمثّلة في النقابة سواء الصحفيين أو الإعلاميين.
وأوضح قلاش أن "النقابة وضعت ميثاق الشرف الصحفي بعد عام من تأسيسها، وأنها المسؤولة عن وضع "الكود الأخلاقي" لأعضائها ولا يجب أن يكون مفروضاً عليها".