من سمات المنافق أنه إذا حدّث كذب، وإذا خاصم فجر، هكذا يمكن أن يتعرف المراقب ببساطة على مواقف الدول التي أعلنت حصارها لقطر مؤخرا، والتي اعتمدت أسلوب الكذب في الحديث والفجر في الخصومة، والاستدلال بأكاذيب وافتراءات تبدو هشاشتها من أول وهلة. حصار وقطيعة وعلى غرار حصار قريش للمسلمين وبني هاشم في شِعب أبي طالب، بقطع كل العلاقات، لا بيع ولا شراء ولا زواج، هكذا تعاملت دول إسلامية مع الشقيقة قطر في شهر رمضان المعظم. أرادوا تجويع شعبها وإذلال قادتها، وفرض وصاية على دولة ذات سيادة، إنه أسلوب القبيلة لا الدولة يا بلاد الحرمين الشريفين!. جدير بالذكر أن دولة "الإمارات"، الشهيرة بإسرائيل العرب، منعت رضيعا إماراتيا من السفر مع أمه القطرية!، كما هددت مواطنيها الذين يبدون تعاطفهم مع قطر- مجرد إبداء التعاطف- بالسجن 15 سنة، الأمر الذي دفع الكاتب الصحفي فهمي هويدي للتعليق على ذلك بأنه "أزهى عصور الكراهية"!. قطر تترفّع عن الصغائر وأمام حملات سوداء بالرياض وأبوظبي والقاهرة، اتّسمت بالسفالة والتطاول، واجهت الدوحة التجريح والإساءات بترفُّع نادر وسمو ليس له نظير. ويتلخص ذلك في 3 مواقف: عدم الرد على السفاهات والإساءات عبر السوشيال ميديا، والترحّم بالعمالة المصرية وعدم ترحيلها رغم بذاءات سلطات الانقلاب وإعلامها المنحط، وعدم الرد على الإمارات بعدم قطع إمدادات الغاز، حيث تمد الدوحةأبوظبي ب30% من احتياجاتها من الغاز. الموقف من العمالة المصرية مع تطاول وتجريح الإعلام المصري، لم تقابل الدوحة ذلك بقرارات انتقامية من العاملين المصريين بها، والذين يبلغ عددهم 300 ألف شخص، ولا شك فإن ترحيل مثل هذا العدد الضخم سوف يخلق أزمة طاحنة لسلطات الانقلاب في مصر، إلا أن قطر لم تفعل. وأفاد محمد العراقي، رئيس الجالية المصرية في قطر، بأن العمال المصريين في قطر قلقون من تبعات قطع بلادهم العلاقات مع الدوحة، خوفا من فقدان وظائفهم، والحياة المستقرة التي يعيشونها برفقة أسرهم هناك. هذا ونشرت صفحة "نادي المصريين في قطر"، بيانًا عن الملحق العمالي هشام محمد كامل، أكد فيه عدم صحة الأنباء المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، المتعلقة بفسخ التعاقدات الجديدة مع المصريين، وتوقف شركات إلحاق العمالة عن تنفيذها. وجاء في البيان المنشور، "السادة المواطنون المصريون المقيمون في دولة قطر، أحيط سيادتكم علما أن التعاقدات الجديدة مع السادة المواطنين سارية، ولا تلتفتوا إلى الأخبار المنشورة على شبكات التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية، التي تنشر أخبارًا عن توقف شركات إلحاق العمالة عن تنفيذ تلك التعاقدات، وإنهاء إجراءات سفرها، وهذه الأخبار ليس لها أي أساس من الصحة، ولم يصدر تصريح رسمي من الحكومة بهذا الشأن". عدم الرد على الإساءات والإجراء الثاني هو البيان الذي أصدره مكتب الاتصال الحكومي بوزارة الداخلية القطرية، جاء فيه دعوة رسمية من قطر للمواطنين والمقيمين على أرضها للترفع وعدم الانزلاق، وتجنب الإساءة بالمثل على الإساءات والبذاءات التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل الأزمة الخليجية الراهنة التي بدأتها بعض الدول الخليجية والعربية بمقاطعة الدوحة، متهمةً إياها بدعم الإرهاب. كما جاء فى البيان أيضا، الدعوة للتحلي بروح المسئولية وعدم الإساءة إلى الدول أو رموزها أو شعوبها، مع كفالة حق كل مواطن أو مقيم في التعبير عن وجهة نظره لبيان الحق والصواب بالتي هي أحسن. الغاز القطري للإمارات وبحسب الخبير الاقتصادي بمؤسسة "كابيتال إيكونومكس"، جيسون توفي، فإن قطر يمكن أن تُدخل الإمارات في أزمة طاقة، إذا قررت قطع إمدادات الغاز إليها في فترة الصيف الحالي، الذي ترتفع فيه كميات الاستهلاك. مشيرا إلى أن قطر تمد الإمارات بنسبة 30% من احتياجاتها من الغاز، وهي مستمرة حتى الآن رغم الأزمة الخليجية. وحول ما إذا كانت الإمارات تستطيع إيجاد بدائل، قال جيسون ل"العربي الجديد": إن إيجاد بدائل ليس سهلا، لأنه سيأخذ وقتا طويلا، ولا توجد دولة جاهزة لتوفير الغاز للإمارات. ورغم ذلك ترفّعت الدوحة عن إيذاء جيرانها؛ إعلاء لقيم الإسلام والعروبة وحسن الجوار، رغم تعري جيرانها من كل هذه القيم السامية.