على خطى قريش يقوم السفيه عبد الفتاح السفيه السيسي بتطبيق سياسة التجويع على الأسرى الصامدين خلف أسوار معتقلات العسكر، مستلهماً اجتماعا اجتماعًا طارئًا وعاجلاً عقده كفار قريش، بعدما رأوا من اجتماع بني عبد مناف للدفاع عن رسول الله، وخرجوا منه في نهاية الأمر بقانون جديد، فقد ابتكروا وسيلة جديدة لحرب أهل الإيمان، وقرروا بالإجماع أن ينفذوا هذا القانون، كان هذا القانون هو "المقاطعة". تفعيل سياسة الحصار الاقتصادي لبني عبد مناف لا يختلف عن التجويع في سجون انقلاب 30 يونيو، وإعمال سياسة التجويع الجماعي سبق السفيه السيسي إليها هؤلاء الطغاة مثل أبو جهل وأبو لهب ولو كان في ذلك الزمان تسجيل براءات اختراع لقيدوها باسمهم منعاً للسرقة والاقتباس، لكن التاريخ يعيد دورته وتتشابه الأبقار كما يتشابه الطغاة. اجتمع كفار قريش يعملون على صياغة قانون جديد، قانون يخالف كل أعراف وتقاليد وقيم مكة السابقة، ولا يهم أن يتغير الدستور؛ طالما أن ذلك لمصلحتهم الخاصة، وطالما أنه من عند أنفسهم، وفي الوقت ذاته هو في أيديهم، لكننا في شهر ذي الحجة وهو من الأشهر الحرم، أيضًا لا ضير، لكننا في مكة البلد الحرام، لا ضير أيضًا، المصالح تتقدم على الأعراف والقوانين، فليس هناك مبدأ يُحترم، ولا قانون يُعظّم، ولا عهد يبجل، فهل يختلف السفيه السيسي عن أبو جهل؟! سياسة التجويع يضع السفيه السيسي القياديين بالجماعة في خيار صعب ليس بين حريتهم والانقلاب بل حياتهم، فعليهم ابتداءً تأييد السفيه السيسي وخيانة الثورة، وكذا الاعتراف بشرعية كل ما تم من قمع ونهب وقتل وانتهاكات وتنازل عن ثروات الوطن، منذ الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي في يوليو 2013. وبهذا فإن سلطات الانقلاب تتجه لتضييق الخناق على أسرى الشرعية؛ لتصبح أقصى أمنياتهم مجرد "الحياة"، وأن يبتعد عنهم شبح الموت جوعًا أو تعذيبًا أو إهمالًا طبيًا. وقد تكون سلطات الانقلاب راغبة فقط في إذلال هؤلاء، وكسر إرادتهم، ربما إلى الحد الذي يفقدون فيه القدرة على الاختيار ويكونوا حينها مُجبرين على سيناريو واحد تُقرّره سلطات الانقلاب. لكن لماذا قد يسعى السفيه السيسي إلى طريق للمصالحة يبدأ من خلف الأسوار؟ ولماذا الآن على وجه التحديد؟ حرام شرعاً معاناة المحتجزين ومساومة سلطات الانقلاب لهم للحصول على تأييدهم، يتزامن مع قرب انتخابات الرئاسة في 2018، وما أبداه السفيه السيسي من رغبة في الترشح مجددًا، فضلًا عن مبادرات مدنية، ونوايا عسكرية لخوض الانتخابات. الأمر الأكثر جذبًا للانتباه أن سلطات الانقلاب تُوقن تمامًا أن أي قرار بالمصالحة بين العسكر وجماعة الإخوان، سيُتخذ داخل السجون وليس خارجها، ولهذا لجأت للمحبوسين، بينما لم تتعاطَى مع من هم خارج السجون. يظهر جليًا إذًا أن أسرى الشرعية من جماعة الإخوان يُشكّلون ورقة ضغط، الأهم هنا التذكير ببيان الموقف الشرعي لما يقوم به السفيه السيسي، فالخصومة السياسية تمنع تجويع طائفة من المسلمين، مهما كان موقفهم من معارضة أو تأييد الانقلاب، ذلك أن مثل هذا الفعل محرم شرعا، بل هو من أكبر الكبائر، كما أنه مجرم قانونا وعرفا وعقلا، ولا يدرى إلى أي مدى انسلخ هؤلاء الذين يعذبون ويجوعون المعتقلين، فيمنعونهم أقل حقوقهم الإنسانية من الطعام والشراب والحاجات الضرورية التي لا غنى للطير والحيوان عنها، فضلا عن الإنسان. وقد نص الفقهاء على أنه لا يجوز لإنسان أن يمنع عن آخر طعاما أو شرابا، حتى إذا كان مسجونا، فإنه يجب عليه أن يدفع إليه الطعام والشراب وما تقوم به حياته. قال الإمام أبو يوسف في ” كتاب الخراج ” : لم تزل الخلفاء تجري على أهل السجون ما يقوتهم في طعامهم وإدامهم ، وكسوتهم الشتاء والصيف، وأول من فعل ذلك علي بن أبي طالب بالعراق، ثم فعله معاوية بالشام، ثم فعله الخلفاء بعده اه. بل نص الفقهاء على أن من منع الطعام عن سجين عمدا، وكان السبب في موته، فإنه يقتل به؛ لأنه يكون ظهر منه قصد موته. تخبط السيسي ويرى مراقبون أن التخبط في قرارات الإفراج الأخيرة عن بعض القيادات مقصودٌ من قبل سلطات الانقلاب، حيث يسعى إلى إرباك تحالف الشرعية الذي تقود جماعة الإخوان المسلمين، ووضعها في مأزق لا تعرف كيفية الخروج منه، بحيث لا تدري هل يريد العسكر التصعيد أم يسعون للمصالحة؟. ويرى المراقبون أن أجنحة وأطراف متنازعة داخل معسكر سلطات الانقلاب ذاته، هي السبب في التعذيب والتجويع من جهة وطرح مبادرات الصلح من جهة ثانية، نتيجة تصرُّف كل منها على رغبته دون وجود ضابط لها داخل صفوف الانقلاب. ولعل هذا المشهد المرتبك، يتزامن مع حملات اعتقال غير مسبوقة طالتْ نحو 25 من المحسوبين على التيار اليساري والقيادات السابقة لحركة "تمرد" التي شاركت في سيناريو انقلاب 30 يونيو ووصول العسكر للسلطة، ومنذ مارس الماضي تصاعدت الانتهاكات في سجن العقرب حيث كشف الأهالي وجود تعنت في علاج المعتقلين وتكديرهم ومعاقبتهم بشكل متواصل، مع ممارسة سياسة التجويع بتقديم أطعمة متعفنة وفاسدة للمعتقلين ومنع أي أطعمة من الأهالي، ثم ختمتها السلطات الأمنية حاليًا بالإغلاق التام ومنع أي زيارات أو ترحيلات أو علاج أو عرض على النيابة طبق للأهالي.