أكد الكاتب الصحفي فهمي هويدي، أن مصطلح "هدم الدولة" الذي يستخدمه نظام السيسي وإعلامه، أصبح من الأساطير الرائجة فى فضائنا، موضحا أننا نتعامل مع مصطلح لا أصل له فى العلوم السياسية، وإنما هو بمثابة قنبلة صوتية ليس أكثر، رغم أن له دويّه حقا، لكنه بلا مضمون حقيقى. وقال هويدي -خلال مقاله بصحيفة "الشروق" مساء أمس الاثنين- إن الدولة فى بديهيات العلوم السياسية لها مقومات ثلاثة هى الإقليم والشعب والنظام السياسى الذى يقوم عليه، مضيفا أن هدم الدولة إذا أخذ على محمل الجد لا يتحقق إلا باختفاء العوامل الثلاثة، وهو أمر مستحيل من الناحية العملية، موضحا أن المشكلة تكمن في اختزال الدولة فى النظام الذى يديرها، وهو اختزال غير برىء يعمد إلى تحصين النظام ضد أى نقد، إذ يصبح النقد أو المعارضة فى هذه الحالة جريمة ضد الدولة تستحق العقاب المشدد. ونوه إلى أن ذلك الاختزال تسبب في أن مصطلح هدم الدولة صار تعبيرا مراوغا وفضفاضا يفتح الباب لملاحقة كل من لا يرضى عنه النظام ويصورهم بحسبانهم متآمرين على الدولة. كما أنه يوهم الرأى العام بأن الوطن كله فى خطر، الأمر الذى يستنفر الناس ويدفعهم إلى الاصطفاف وراء الحكومة وتأييد قمع «المتآمرين»، في الوقت الذي أطلقت فيه أجهزة التوجيه المعنوى فى ظروف سابقة أساطير كان لها دورها فى تشكيل الإدراك وتشويهه. وأشار هويدي إلى قول على عبدالعال رئيس برلمان العسكر إن الإعلام يحاول إضعاف مؤسسات النظام وهدم الدولة المصرية، وهو المصطلح نفسه الذي استخدم فى تفسير الهجوم الإرهابى الذى استهدف الكنيسة البطرسية، كما أن بعض الإعلاميين ذوى الصلة بالمؤسسة الأمنية دأبوا على الدفاع عن مشروع قانون الجمعيات المريب الذى أقره البرلمان بدعوى أنه قانون «مفصلى» يقطع الطريق على محاولات «هدم الدولة». كذلك فإن المصطلح ذاته استخدم فى إدانة واستهجان الفرقعة التى ترددت فى الفضاء المصرى داعية إلى مظاهرات 11/11، حيث اعتبرت آنذاك ضمن المساعى الخبيثة لهدم الدولة، حتى وصلت الأمور إلى أن أحد الإعلاميين التليفزيونيين استضاف ذات مرة بعض المتحدثين فى حلقة حول العنف، وقدم أحد المشاركين باعتباره العقيد فلان الفلانى الباحث فى مخطط هدم الدولة المصرية. ونبه هويدي إلى أن مصطلح هدم الدولة أخذ مكانه فى لغة الخطاب الإعلامى بحيث أصبح يستخدم فى سياق التنديد والاتهام تارة أو التنبيه والتخويف تارة أخرى. وفى الحالتين فإنه يراد به تعبئة الرأى العام واستنفاره لكى يحتشد حول الدولة ويهب دفاعا عنها.