تاريخ من "الانحطاط" حمله أبوالغيط، أمين عام جامعة الدول العربية ووزير الخارجية المصري الأسبق، عبر تصريحات سياسية عنترية مستفزة، ومجاهرة بالخيانة لم ينقطع. أبو الغيط -الذي أعلن أن الجامعة العربية ليس لها دور إلا الإدانة والشجب فقط- اقترح تقسيم سوريا الموحدة التي يخوض ثوارها حربا مع النظام الدموي والاحتلال الروسي من أجل الحفاظ على بلادهم موحدة وحرة. وقال -في حواره ل"الحياة" اللندنية اليوم-: "إن دور جامعة الدول العربية محصور حاليا بإصدار المواقف والإدانات، على الرغم من أنه دعا شخصيا المبعوث الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا إلى تقديم تقارير عن الأزمة إلى المجلس الوزاري العربي، وجدد طرح فكرة الفيدرالية وتقسيم سوريا كمخرج للأزمة يحافظ على وحدة سوريا بكامل حدودها وبما يمثل كل السوريين". الزعبي: الجامعة تقسمنا بدورها رفضت الهيئة العليا للمفاوضات، على لسان رئيس وفد المعارضة السورية، أسعد الزعبي، دعوة أبوالغيط، لإقامة دولة فيدرالية في سوريا، معتبرًا أنها دعوة ل"تقسيم سوريا". ورد الزعبي على تصريحات أبوالغيط، معتبرًا أنها "مرفوضة"، مبينًا أن "المعارضة السورية ملتزمة بالحفاظ على وحدة أراضي سوريا، ورفض الفيدرالية، أو الكونفيدرالية؛ على اعتبار أنها تقود لتقسيم سوريا مع استثناء اللامركزية الإدارية". وأضاف قائلاً: "بدلاً من أن يطالب السيد أبوالغيط بتقسيم سوريا، كان عليه دعوة الجامعة لاجتماع عاجل لوقف مجازر الأسد في حلب، والحديث عن ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية". وقيم رئيس وفد المعارضة السورية موقف الجامعة العربية من التعاطي مع الوضع في سوريا ب "السلبي"، متهماً إياها بأنها "ساهمت في تدهور الوضع السياسي في سوريا". وتابع: "الجامعة العربية تخلت عن الملف السوري لصالح مجلس الأمن، كما عملت على عدم تسليم مقعد سوريا في الجامعة العربية؛ في خطوة لا تفسر إلا دعماً للنظام السوري المجرم"، معتبرًا في ذات الوقت أنها "استكثرت -بضغط من دول عربية- على السوريين إسقاط هذا النظام الذي قتلهم وباع وطنهم للإيرانيين والروس"، على حد قوله. تاريخ مستفز ومنذ أن خلف أبوالغيط أحمد ماهر على رأس وزارة الخارجية، أصبح اسم أبوالغيط رمزا للمواقف المثيرة وغير المألوفة. وفي زهاء أربعة عقود في ردهات الدبلوماسية، لم يستطع أبوالغيط -الذي لم يعرف له ولاء حزبي أو انتماء فكري أو سياسي- أن يلفت النظر على غرار أسماء أخرى في التاريخ الحديث للدبلوماسية المصرية.
وفي ملف الصراع العربي الإسرائيلي زادت تصريحات أبوالغيط تضاربا وإثارة، خاصة منذ فرضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سيطرتها على قطاع غزة في يونيو 2007، حيث ذهب إلى حد الدفاع عن إبقاء معبر رفح مغلقا بحجة "اعتبارات قانونية واتفاقات دولية". وقد لفت أبوالغيط الأنظار بشكل كبير عبر التصريحات التي أدلى بها عندما اجتاح أهل غزة بعشرات الآلاف معبر رفح ودخلوا الأراضي المصرية المجاورة بعد أن ضاقوا ذرعا بالحصار الذي يفرضه عليهم الاحتلال الإسرائيلي، بل قال مستفزا: "إنه سيتم كسر رجل كل من يحاول اجتياز الحدود بين مصر وقطاع غزة".
ويبدو أن تلك التصريحات تعكس الروح البيروقراطية التي تشبع بها أبوالغيط منذ أن التحق بوزارة الخارجية في أوج الحقبة الناصرية عام 1965، على الرغم من أن تحصيله الأكاديمي (بكالوريوس في التجارة من جامعة القاهرة) يؤهله لدخول عالم المال والأعمال لا السياسة والدبلوماسية. فبعدما كانت وسائل الإعلام تتداول صور الغزيين في العريش مقبلين على شراء ما حرمهم منه الحصار، خرج أبوالغيط مهددا بقطع رجل كل من تدوس قدماه أرض مصر، في تصعيد واضح ضد حركة حماس المسيطرة على القطاع.
وقد زادت حدة تصريحات أبوالغيط ضد حماس وقياداتها في الأشهر القليلة الماضية مع تسارع التطورات في الساحة الفلسطينية وتداعياتها الإقليمية، خاصة بعد فشل الحوار الوطني الفلسطيني الذي كان متوقعا انعقاده بالقاهرة في نوفمبر الماضي.
وعلى غرار مسئولين مصرين آخرين فقد حمل أبوالغيط حماس بشكل واضح فشل الحوار الفلسطيني قبل أن يعود ملقيا باللوم على الحركة بشأن العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ أمس السبت، الذي رافقته موجة استنكار وتنديد واسعة. ولم ينسَ العرب لقاء الأمين العام للجامعة العربية مع وزيرة الخارجية الصهيونية "تسيبي ليفني" عام 2008، قبيل إعلان إسرائيل الحرب على قطاع غزة، وصور شهيرة لهما يتبادلان الابتسامات والمصافحة بحرارة، ووصفوا أبوالغيط بأنه "صديق إسرائيل ورفيق ليفني.