لعبة "الدعم المشروط" هل تكون آخر ما في جعبة الداعمين الإقليميين، فبحسب موقع انتربرايز الأمريكي، الذي نشر اليوم 24 أغسطس الجاري، نقلاً عن محللين لوكالة بلومبرج. وقالت سارة يركيس الباحثة الزائرة في معهد بروكجنز للوكالة "شعبية السيسي تتراجع، بنسبة كبيرة جدًّا، والاقتصاد لا يظهر أي علامات على التحسن، لذا الإمارات والسعودية يبحثون على الأرجح ما إذا كانت مصر جديرة بالاستثمار فيها أم لا.. ولكن، بالنظر إلى أهمية مصر، لا أرى أن تلك العلاقة ستنتهي في أي وقت قريب".
واتفق معها ستيفين هيرتوج الأستاذ بكلية لندن للاقتصاد، مشيرًا إلى أنه على الرغم من أن العلاقة بين مصر وحلفائها الخليجيين "قد فترت بوضوح"، فإن بالنسبة للخليج، مصر دولة أكبر بكثير من أن تفشل، إلا أن موقفها الإقليمي يتضاءل".
ومن بين السطور قرأ عدد من المحللين الاقتصاديين ومنهم الخبير الاقتصادي ممدوح الولي نقيب الصحفيين الأسبق أن "الدعم المشروط قائلاً عبر حسابه على "فيس بوك": "مصر لم يعد بإمكانها الحصول على دعم غير مشروط من الخليج".
وأضاف الولى في تدوينة أخرى "وديعة الامارات لن تغير شيئًا.. الانهيار قادم"، مفصلاً أن "الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تعيشه مصر حاليا في ظل السيسي لن يتغير".
الفشل القاتل
وفي الوقت الذي أوقفت الإمارات والسعودية دعم نظام "السيسي" الانقلابي في مصر، بالدولارات خلال الثمانية أشهر الماضية إلا قليلا، أبانت الدولتان تململهما من فشل قائد الانقلاب في إدارة شؤون البلاد والوصول بها إلى الحضيض، معتمدا بالأساس على جهاز الإعاشة الخليجي المسمى "الرز الخليجي"، وما يزيد عن 60 مليار دولار؛ ما أسماه "السيسي" "فلوس متلتلة زي الرز".
في حين يعلن البنك المركزي أن ما المال الخليجي دعمًا لمصر، ياتي على رأسه السعودية ب8 مليارات دولار، ثم الإمارات ب 6 مليارات، ثم الكويت فى المركز الثالث بإجمالي 5 مليارات.
وخلال الشهر الجاري منحت السعودية مصر مجددًا ملياري دولار، ثم الإمارات مليار دولار.
وعلى الرغم من مليارات الدولارات من الدول النفطية، فإن عجز الميزانية والحساب الجاري للدولة المصرية في اتساع، إذ بلغ قرابة 12% و7% على التوالي من إجمالي الناتج المحلي.
وتجاوز معدل البطالة وسط الشباب الآن 40%، كما أن القطاع الخاص في ظل اقتصاد "متصلب وبيد الدولة" يظل عاجزًا عن امتصاص ما تسميه مجلة بلومبرج في تقرير سابق "جحافل العمال الجدد الذين يلتحقون بسوق العمل كل عام".
بنك الأهداف
وفي وقت سابق من أكتوبر 2013، كانت حالة التفاؤل ب"الرز" الخليجي عند أعلى مستوياتها، وبعيدًا عن التسريبات الكاشفة، قال السفير المصري بالإمارات إيهاب حمودة في أعقاب زيارة لرئيس الحكومي الانقلابي حازم الببلاوي للإمارات، أن الدعم الإماراتي السخي لمصر يغني عن المطالبة بقرض صندوق النقد"؟!
ولدى السعودية والإمارات بنك أهداف من وراء الدعم المالي السخي الذي زاد عن 60 مليار دولار بين دعم عيني وبترولي وغازي، ولعل أوله التخلص من الإخوان المسلمين تمهيدا لحرق مصر وشفط مقدراتها تماما بطريقة جزيرة تيران وصنافير وتخصيص أماكن بعنيها على السواحل المصرية للشركات الإماراتية، وفتح الأبواب المغلقة أمام المال الإماراتي للاستثمار المحرم على المصريين، والمملوك للجيش بخلاف الأهداف الأمنية.
وبعد حالة التململ التي كشفتها ملاعبة كلا من الدولتين بما تملكه من أوراق تحرج السيسي بها، فالإمارات تكاد أوقفت زيارات جنرال محمد بن زايد المدلل لها، وأحمد شفيق بات مطروحا عودته بعد الحملة الأخيرة التي شنها ناحيته عبدالرحيم علي من خلال صفحات "البوابة" الناطقة بلسان "الأجهزة السيادية" في مصر، وسامي عنان تحدثت تقارير قريبة الصلة بالمملكة عن عودته للمشهد، وبات مطروحا ألا يترشح "السيسي" مجددا كما ردد عبدالخالق عبدالله مستشار محمد بن زايد.
ورأى محللون أن قرض صندوق النقد الذي سهلته الإمارات للسيسي، هو جزء من بنك الأهداف الإماراتية، حيث قال د.محمود رفعت رئيس المعهد الأوروبي للقانون والعلاقات الدولية: "الإمارات العربية المتحدة هي من سعت لتوريط مصر بالقرض لرغبتها في زعامة المنطقة، بإيعاز من مستشار محمد بن زايد ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير".
وقال رفعت من خلال تغريده له على صفحته بموقع التدوينات القصيرة "تويتر": "آخر فصل بمخططات توني بلير لهدم العرب هو قرض صندوق النقد الدولي ل السيسي بهدف تكبيل مصر لأجيال ودفعت الإمارات مليار لتوريط مصر بالقرض".
وأوضح أن "شروط صندوق النقد الدولي للإقراض لا تنطبق بحال على وضع اقتصاد مصر المتهالك وما يحف به من مخاطر ساق السيسي مصر إليها بتوجيهات خارجية".
وتوصلت حكومة الانقلاب بدعم إماراتي لاتفاق مبدئي مع صندوق النقد للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات.