يجمع المحللون العرب على اختلاف أطيافهم ومللهم واتجاهاتهم أن أمريكا بارعة في التمثيل، وأبرع في التنصل من مسؤوليتها في نشر الاستبداد والفساد، بل والإرهاب في العالم العربي، فقبل أيام، أعلنت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، والمرشحة "الديمقراطية" لرئاسة البيت الأبيض، مسؤولية بلادها عن إنشاء تنظيم القاعدة، متهمة روسيا بالمسؤولية عن رعاية تنظيم الدولة (داعش). غير أن ما أثاره، اليوم، الباحث الأمريكي ستيفن كوك، من خلال موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، من أن "الولاياتالمتحدة غير مسؤولة عن الفوضى في مصر"، أثار تحفظات الكثيرين، ليس على إنكاره ما هو معلوم بالضرورة عن "العم سام"، ولكن كشفه عن أن "سياسة الشارع في مصر كُتِب عليها الموت على الأقل في ظل نظام السيسي المترنح". الفوضى الخلاقة ورغم أن مصطلح "الفوضى الخلاقة" ابتكار أمريكي منذ عهد وزيرة الخارجية الأمريكية "كوندوليزا رايس"، إلا أن الباحث الأمريكي ستيفن كوك، زميل مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، انتقد "قناعات الكثير من النخبة في المجتمع المصري، بشأن كون الولاياتالمتحدةالأمريكية سبب الفوضى التي تعاني منها السياسة في مصر"، معتبرًا أن الترويج لتلك الأفكار حتى الوقت الحالي هو أمر شديد الغرابة، ولا يوجد له أي أساس من الصحة. وطالب كوك "المسؤولين المصريين" بعدم توريط الإدارة الأمريكية في تحمل مسؤولية الفوضى السياسية التي تعانيها مصر. وقال الباحث في كتاباته بموقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي: إن سياسة الشارع في مصر كُتِب عليها الموت على الأقل في الوقت الحالي، زاعمًا أن الغضب والقلق سيطرا على الكثيرين بسبب سياسات الحكومة، وترنح الاقتصاد، وتسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، واقتحام الشرطة مقر نقابة الصحفيين. وأضاف "كوك" أن أصدقاءه يخشون اندلاع ثورة جديدة في مصر ؛باعتبار أنها تصبح أقل ليبرالية بعد كل ثورة يقوم بها الشعب، وزعم متناقضا أن الثقة في عبد الفتاح السيسي قلّت عن ذي قبل، رغم أن شعبيته ما زالت واسعة، بحسب مصادر صحفية. استمرار دعم الانقلاب ويطرح كوك- في سلسلة تغريدات كتبها قبل أيام- ما يؤشر إلى مسؤولية الأمريكان عن إحداث الفوضى في المنطقة لصالح الكيان الصهيوني، حيث قال: "إن الشعور العام في إسرائيل مفاده أن على الولاياتالمتحدة دعم عبد الفتاح السيسى". ولفت إلى أن "المسألة ليست أن إسرائيل لا تدرك أن القمع المصري يمكن أن يجلب نتائج عكسية، لكن لا أحد هنا (في إسرائيل) يهتم كثيرا بالإخوان المسلمين أو النشطاء". تمويل الفوضى إلا أن د. فايزة أبو النجا، وزيرة التعاون الدولي في حكومة المجلس العسكري، أثبتت في أبريل 2013، أن أمريكا مسؤولة عن تمويل الفوضى في المنطقة. وقالت إن "الولاياتالمتحدة قدمت دعما ماليا كبيرا لمنظمات وهيئات وجهات محلية وأمريكية مختلفة، عملت على "نشر الفوضى وإحداث الاضطرابات في البلاد بعد ثورة 25 يناير". وزعمت "أبو النجا"، الوزيرة المصرية السابقة، أن الأمريكان قدموا تمويلا بقيمة 150 مليون دولار لدعم نشاط مجموعة من المنظمات والأحزاب والفضائيات ووسائل الإعلام؛ ل"نشر الفوضى والإضرابات التي اندلعت عقب ثورة 25 يناير". وأشارت أبو النجا، في حديث مع مجلة "الأهرام العربي"، إلى أن واشنطن سعت من خلال تمويلها ل"أعمال الشغب والعنف" في مصر إلى احتواء الموقف، وتوجيهه في الاتجاه الذي يحقق مصلحتها، وأضافت أن "اندلاع الثورة جاء مفاجأة لإدارة أوباما، التى سعت للإبقاء على مبارك من أجل مصالحها وأمن إسرائيل". وأشارت أبو النجا إلى أن الفترة من فبراير حتى مايو عام 2011، شهدت صرف 105 ملايين دولار على برامج التوعية والتحول الديمقراطي للمنظمات الأمريكية العاملة في الأراضي المصرية، و"التي كانت لها أهداف غير معروفة تهدّد الأمن القومي لمصر"، مشيرةً إلى أن هذه المنظمات قامت بتنظيم ندوات وورش عمل تدريبية حول كيفية العمل ضد قوات الشرطة والجيش والهجوم على المؤسسات.