استمرارًا لخطة حكومة الانقلاب العسكري في القضاء على زراعة القمح في مصر، تشهد القرى المصرية حالة من الغليان بين المزارعين؛ على خلفية قيام حكومة الانقلاب العسكري بوضع العديد من العقبات أمام توريد المحصول الذي طال انتظاره عدة أشهر؛ بهدف صرف المزارعين عن زراعته الأعوام القادمة. وتشترط حكومة الانقلاب العسكري للمرة الأولى أن يمتلك مورد القمح حيازة (ملكية) للأرض الزراعية التي كانت محل زراعة القمح، وهو الأمر الذي لا يتوفر لأغلب الفلاحين. وبحسب مزارعين، فإن تلك المعضلة تسببت في وقف حال الآف المزارعين الذين لا يملكون حيازات ملكية، وبالتالي لا يستطيعون توريد القمح للحكومة. ويحرص المزارعون في كل عام على توريد القمح لصوامع الحكومة؛ للاستفادة من الدعم المقدم لهم؛ حيث كان وزير التموين باسم عودة، في عهد الرئيس مرسي، قد رفع سعر القمح إلى السعر العالمي، وقرر شراءه من المواطنين بسعر 420 جنيها في مقابل سعره لدى التجار الذي يبلغ 380 جنيها للإردب. خسائر فادحة للمزارعين وبحسب بيانات رسمية لوزارة الزراعة بحكومة الانقلاب، فإن إجمالي ما تم توريده حتى الآن من محصول القمح المحلي بلغ حوالي 602 ألف و152 طنا فقط، من إجمالي 4 ملايين طن مستهدفة للتوريد هذا العام؛ وذلك بسبب عقبات حكومة الانقلاب العسكري. ويرى مراقبون أن حكومة الانقلاب وضعت أغلب المزارعين في ورطة، واضطر العديد منهم إلى بيع محصولهم للتجار بالخسارة، حيث إن أغلبهم ليسوا أصحاب حيازة، بل إنهم مستأجرون للأراضي الزراعية، وهو ما يمنعهم من حق التوريد للحكومة بسبب شرط الحيازة. وفي تصريحات "للجزيرة. نت" أكد "علي سطوحي"، أحد مزارعي القمح بمحافظة البحيرة، أن هذه الأزمة ألحقت به وبغيره من الفلاحين خسارة فادحة، ستترك أثرا على حياتهم ومعيشتهم. وتابع قائلا: "الحكومة تعلم جيدا أن أكثر من 70% من زارعي القمح لا يملكون حيازة زراعية، وهو ما يعني أنها لا تريد توريد القمح المحلي لصالح القمح المستورد، الذي يعلم الجميع حجم الفساد في استيراده". ثلاثة أيام لتوريد قمحه ويفشل وأشار إلى أنه مكث 3 أيام في محاولته توريد محصوله من القمح، إلا أنه فشل في نهاية المطاف، مضيفا "بات المحصول مكدسا في منازلنا كالميت الذي لا نجد قبرا لدفنه، ولم يعد أمامنا من نلجأ إليه بعد أن خذلتنا الحكومة لصالح مستوردي القمح من الخارج". ويبلغ حجم الاستهلاك الفعلي من القمح 15 مليون طن سنويا، ومن المتوقع- حسب تقديرات رسمية- أن يتم توريد 4 ملايين طن للحكومة بمعدل تراجع نحو مليون طن عما تم توريده العام الماضي، لتزيد بذلك احتياجات مصر من القمح المستورد إلى 11 مليون طن. مخطط للقضاء على زراعته بدوره، يرى عبد الرحمن شكري، نقيب الفلاحين، أن ما تقوم به الحكومة يأتي في إطار "مخطط للقضاء على المحاصيل الرئيسية في مصر، ونجح سابقا في ضرب محصول القطن والذرة، ويستهدف بشكل أساسي القمح هذا العام، كما يسعى إلى ضرب محصول الأرز مستقبلا". وأشار شكري- في تصريحات صحفية- إلى أن الحكومة تعمل بشكل واضح للقضاء على زراعة القمح محليا، بحيث تعتمد كليا على القمح المستورد لصالح منظومة فساد من المستوردين، ولم يعد الأمر خافيا، لدرجة تباهي وزير الزراعة بأن مصر أكبر دولة مستوردة للقمح. وكشف شكرى عن قيام الحكومة بفتح باب استيراد القمح من الخارج قبل موسم الحصاد، وكذلك فتح بات توريد القمح في موعد سبق الحصاد ب10 أيام، ما فتح المجال لمستوردي القمح لتوريده للحكومة بطرق ملتوية، والاستفادة من الدعم المخصص لزارعي القمح المحلي، معتمدين في ذلك على الفساد المستشري في وزارة الزراعة.