بأمر من قائد الانقلاب العسكري، هلل الإعلام الانقلابي لزيادة ال3 جنيهات في مقررات التموين، وأوامره المتكررة للجيش بخفض الأسعار، التي لاقت استهزاء من التجار والمواطن العادي الذي يكتوي بنيران الأسعار ليل نهار. وفي مشهد عبثي لا يحدث إلا في مِصْر الحديثة.. خرج علينا وزير التموين خالد حنفي قبل يومين ليزف بشرى مهمة وتاريخية للمِصْريين؛ ألا وهي منح كل شخص 3 جنيهات مصرية "وتحديدًا 2.85 قرشًا" زيادة عن المبلغ المقرر له شهريًّا على بطاقة التموين وهو 15 جنيهًا، وبذلك فإن دعم السلع التموينية سيرتفع إلى 18 جنيهًا، أي ما يعادل دولارين بالسعر الرسمي و1.6 دولار بسعر السوق السوداء. زيادة الدعم الجديدة تأتي تنفيذًا للأمر الرئاسي الذي أصدره السيسي قبل أيام للحكومة وتعهد فيه بخفض الأسعار عن طريق تعويض المواطن عن الآثار الخطيرة الناجمة عن زيادة معدلات التضخم والارتفاع الصاروخي والمتواصل لسعر الدولار أمام الجنيه. وعقب صدور تعليمات السيسي مباشرة للحكومة خرج وزير التموين في الفضائيات ووسائل الإعلام ليزف تفاصيل البشرى التي طالما انتظرها ملايين المصريين ويعلن أنه تم إقرار زيادة 15% لكل مصري مشارك في منظومة بطاقة التموين التي يستفيد منها نحو 70 مليون مصري حسب الأرقام الرسمية، وأن هذه النسبة أكبر من معدل التضخم والزيادة الأخيرة في أسعار السلع. وحسب ما بقول الخلبر الاقتصادي مصطفى عبدالسلام: "بالطبع لم ينسَ الوزير أن يذكرنا أنه يشترط للحصول على ال3 جنيهات امتلاك المواطن بطاقة تموينية، ومن لا يمتلك بطاقة فسيحرم من هذا الدعم.. وحتى يعطي الوزير نكهة سياسية وإعلامية للبشرى، أكد أن الزيادة الجديدة للدعم قد لا تسبب ارتفاعًا في عجز الموازنة العامة للدولة، على الرغم من أن تكلفتها نحو 2.5 مليار جنيه سنويًّا، والأهم من ذلك تأكيده حرص الحكومة على التخفيف عن المواطن في الأوقات الحرجة؛ حيث إن المواطن سيحصل على الزيادة بدءاً من شهر يونيو المقبل، أي مع قدوم شهر رمضان الكريم". إسكات المواطن ويضيف عبد السلام في مقا له ب"العربي الجديد" : ثلاثة جنيهات إضافية للمواطن، أي ما يعادل ربع دولار، سيحصل عليها المواطن مقابل السكوت عن الغلاء الفاحش والضغوط المعيشية والارتفاعات القياسية في الأسعار وقفزات الدولار المتواصلة والسجون والمعتقلات وقمع الحريات والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان. ولا أعرف ماذا يفعل المواطن بهذا المبلغ الذي قد يقل عن ثمن "زرار" واحد في القميص الذي يرتديه الوزير، ولا أتحدث هنا عن ثمن "الكرافات" الإيطالي و"البرفان" الفرنسي والبدل الإنجليزي، فالدعم المقدم لمائة أسرة قد لا يكفي لشراء كرافتة واحدة يرتديها الوزير أو قرين له في مجلس الوزراء. هذا المشهد العبثي بات يحدث يوميًّا في مِصْر الحديثة، مشهد تجسده الحكومة يوميًّا عبر وعودها التي لا تتحقق، يجسده أيضًا وزير التموين دومًا حينما يتلاعب هو وحكومته بعواطف وأزمات المِصْريين، فمرة يبشرهم بقرار بيع الدجاجة الواحدة ب 75 قرشًا على بطاقة التموين، وكيلو اللحمة بجنيه واحد، على الرغم من أنه يعرف جيداً أن كيلو اللحمة البتلو تجاوز 130 جنيهًا، وأن أسعار الأعلاف تجاوزت 4 آلاف جنيه للطن مقابل 2800 جنيه قبل أيام، وأن أسعار الدواجن ارتفعت قبل أيام 25%، تأثراً بارتفاع العلف. عندما خرج علينا السيسي في خطابه الأخير ووعد المصريين بخفض الأسعار وتعويض المواطن عن الغلاء الفاحش انتظر ملايين الفقراء الذين يكويهم لهيب الأسعار اتخاذ الحكومة إجراءات جدية، لا "فنكوشية" ولا إعلامية، لمواجهة لهيب الأسعار، وتصوروا مثلاً أن الحكومة ستضاعف قيمة دعم السلع التموينية عدة مرات تعادل المرات التي ارتفعت فيها أسعار السلع، وأنها ستوجه الوفر المالي الذي حصل في فاتورة استيراد الوقود والبالغة قيمته 70 مليار جنيه في آخر عامين لخفض أسعار السلع الضرورية من أغذية وأرز ومعكرونة ولحوم وشاي وسكر وأدوية وألبان، أو ستوجه وفر منظومة الخبز وهدر القمح البالغ 17 مليار جنيه، حسب أرقام وزير التموين نفسه، لخفض الأسعار الشعبية. ويتابع: الأسعار تواصل قفزاتها، والحكومة تقدم مسكّنات، والمواطن يقف عاجزاً أمام طلبات أسرته اليومية.