مثلما لعبت الإمارات دور مكب نفايات وقمامة نظام المخلوع مبارك، فتحت السعودية أبوابها لكل موقوذة ومتردية ونطيحة سقطت من غربال نظام العسكر في مصر، سبوبة "مستشار" في انتظار كبار السن والمقعدين وذوي الخدمات الخاصة! المفترض رجل قانون! الدكتور "مفيد شهاب" رئيس جامعة القاهرة الأسبق ووزير التعليم العالي في زمن المخلوع، شغل منصب وزير المجالس النيابية والشئون القانونية، وهو "المفترض" من رجال القانون وشارك في الدفاع عن قضية مصر لاسترداد طابا، وبعد ثورة 25 يناير تم التحقيق معه في 1 مايو 2011 ، وتم إخلاء سبيله بمعرفة المجلس العسكري. يشغل حاليا منصب المستشار القانوني للملكة العربية السعودية، لأنه رجل كل العصور، قاد حملة "التطهير" في منظمة الشباب الاشتراكي أيام عبد الناصر، وانتهى به المطاف ليكون من "بطانة" جمال مبارك، واليوم من بطانة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي. يقوم "شهاب" هذه الأيام بالترويج بأن جزر تيران وصنافير ملك للسعودية، وقدم دعم فني للسيسي يساعده في بيع الجزيرتين بشكل نهائي لمملكة "الرز"، وإثبات سعودية الجزر، وألقى خطبة أمام السيسي وعدد من أعضاء برلمان الدم وسياسيين ورؤساء تحرير، لمدة ساعة من أجل أن يثبت إن الجزر "مش بتاعتنا"! والسؤال: كيف يكون شهاب حكماً بين مصر والسعودية، وهو في نفس الوقت يعمل سمسار قانوني عند الملك سلمان؟ خلود سياسي! الدكتور "مفيد شهاب" من أبرز الشخصيات في مصر التي حظيت ب "الخلود السياسي"، رغم تقلب الأوضاع والأيام، مرجع ذلك إلى طبيعته وتكوينه اللذين مكناه من المواءمة والتناغم مع نظامي عبد الناصر والسادات من قبل أن يضبط نفسه على موجة نظام مبارك. في بداية الثلاثينيات من عمره كان عضوا مميزا في منظمة "الشباب الاشتراكي"، التي أنشأتها حكومة عبد الناصر في مطلع الستينيات، وتربى بين أسوار معاهد الاشتراكية، التي شرب الشباب داخلها فكر العبودية والنفعية مع العسكر. واعترف "شهاب" بأنه :"عايش التجربة الاشتراكية من بدايتها"، وكان من الكثيرين الذين حصلوا على عضوية "الشباب الاشتراكي"، واستغلها بشكل انتهازي في الترقي في سلم السلطة، وضمان مستوى اجتماعي أفضل، بزعم رغبتهم في خدمة الوطن، حتى فضحتهم نكسة يونيو 1967. وبرز "شهاب" ضمن مجموعة "الولاء" التي تخدم سلطة العسكر، بل تصدر قائمة الأسماء التي اعتمدت عليها العسكر في تطهير منظمة الشباب من العناصر الفاضحة التي لا تجيد اللعبة، وكعادة هذه الفترة حيث كانت المناصب تمنح اعتمادا على الثقة والولاء ودرجة التقرب من العسكر، حصل شهاب على منصب رئيس تحرير صحيفة "الشباب العربي". رجل النكسة! ويبدو أن نشاط "شهاب" في هذه المرحلة جعله يتحول إلى رجل التطهير، الذي تستخدمه سلطة العسكر بغرض إخلاء منظمة "الشباب الاشتراكي"، من العناصر التي شاركت في المظاهرات ضد عبد الناصر، وعقب المظاهرات الاحتجاجية التي خرجت بعد النكسة، عين أمينا للشباب وظل في تلك الفترة الحرجة يقود عملية تطهير وفرز أعضاء المنظمة، وطرد كل من يثبت أنه تظاهر ضد حكومة النكسة، والإبقاء في نفس الوقت على كل من يتأكد ولاءه للعسكر، وكانت المكافأة له تعيينه عضوا في اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي عام 1969م. وبرأي خبراء فإن المناصب التي شغلها شهاب على مدار أكثر من 35 عاما ماضية، جاءت جميعا مناسبة تماما لخبرته في خدمة العسكر، أثناء وجوده في منظمة الشباب التي قام فيها بالإبقاء على العناصر الموالية للزعيم، حيث عمل داخل نطاق خبرته رئيسا لجامعة القاهرة في الفترة ما بين 1993 إلى 1997 ثم وزيرا للتعليم العالي حتى سنة 2004م، وهي الفترة التي شهدت أسوأ سنوات المعاناة للطلاب في ممارسة السياسة. حبس الصحفيين! وقد انتهى ب"شهاب" المطاف، ليكون أحد الأعضاء الأساسيين في "بطانة" جمال مبارك داخل الحزب الوطني "المنحل"، وتولى كتابة التقارير القانونية بعد توليه منصب وزير الشئون النيابية والقانونية، فهو الذي رفع للمخلوع مبارك تقارير حول قانون الصحافة، والذي يضمن عقوبة حبس الصحفيين، ويشرف على إعداد قانون مكافحة الإرهاب، وكلها تقارير تدور في إطار التطهير العسكري الدائم. ويصف عدد من الخبراء "شهاب" ، بأنه "المُطِّهر" الذي تستخدمه سلطة العسكر في كل وقت وكل زمان، فهو الاشتراكي في منظمة الشباب، وهو الانتفاضي في عصر السادات، وترزي القوانين في عصر مبارك. وتضم مجموعة "شهاب" المفضلة لدى العسكر، أسماء عدد من الأسماء التي لمعت ولا تزال في خدمة العسكر، وكانوا قيادات في منظمة الشباب التي أنشأها عبد الناصر، ويأتي على رأسهم الدكتور علي الدين هلال والدكتور مصطفى الفقي والدكتور حسين كامل بهاء الدين، وزير التعليم السابق، والسيد حمادي أمين الفلاحين السابق، والدكتور محمد عبد اللاه والدكتور مؤمنة كامل، ومحمد رجب والدكتور محمود شريف ومحمد فريد خميس، إضافة إلى عدد كبير من الأسماء التي لعقت بيادة الجنرالات.