في مِصْر ينظرون لشغف الباحثين الصغار على أنه لعب عيال كتبه جميل نظمي كعادة دولة الخمسين في المائة التي يعتمدها قائد الانقلاب أركانا لنظامه، يستعين بهم في المخافل الدولية والمخلية، مقربًا إليه ملك الترامادول عباس كامل الذي تناقلت صحافة العالم والفضائيات اجتماعه مع كبار أصحاب الشركات العالمية اليابانية وهو لا يفقه سوى في الترامادول وإدارة المؤامرات في الإعلام والتسريبات الشهيرة.. تلك الدولة الجاهلة، التي تقترب من الدولة الفالة بديونها، التي تجاوت أكثر من 80% من دخلها، تجاهلت عالمة مصرية.. كرمها العالم.. فمن بين 1700 مشروع على مستوى العالم، تم اختيار ابتكارها العلمي كأفضل مشروع في مجال العلوم البيئية، لتصبح أول مصرية وعربية تحصد المركز الأول على العالم في مسابقة "انتل اسيف" للعلوم والهندسة في أمريكا لعام 2015، وهي أكبر مسابقة موثقة ومعترف بها للأبحاث العلمية. وتكريما لها ولجهودها في ابتكار مشروع يخدم الإنسانية، أطلقت وكالة "ناسا" الفضائية في 20 يناير الماضي، اسمها على كويكب جديد أصبح يحمل اسم "مصطفى 31910". وهي الطالبة المصرية والباحثة العلمية، ياسمين يحيى مصطفى، من محافظة دمياط، وتدرس في الصف الثالث الثانوي بمدرسة المتفوقات للعلوم والتكنولوجيا بالمعادي، وهي مدرسة حكومية داخلية تابعة لوزارة التربية والتعليم، بتمويل أمريكي، ولهذا فالدراسة بها تتبع النظام الأمريكي وتقوم على البحث والتجربة والتفكير الإبداعي والنقدي والتدريب على أساليب ومناهج البحث العلمي بشكل ممتاز". لا تنكر ياسمين فضل والدتها وأسرتها البسيطة في قبول الالتحاق بمدرسة داخلية وبعيدة عن بلدتها بعد تفوقها في الإعدادية، وترفض تخيل نفسها في مدرسة ثانوية عادية تتبع النظام التعليمي المصري القائم على الحفظ والتلقين وعدم إعمال العقل، نظام يعتبر الطالب على هامش العملية التعليمية، وما كانت لتعرف أيًّا من أصول البحث العلمي أو الاشتراك في مثل هذه المسابقات. المشروع الفائز تشرح ياسمين مشروعها الذي حصدت به المركز الأول قائلة إنه عبارة عن System يستطيع حل أهم مشاكل المجتمع المصري والتي حصرتها في مشكلة المياه والطاقة وتلوث الهواء بتكلفة مادية لا تتجاوز 63 جنيهًا فقط، فالجهاز يعمل على تحويل أي مياه ملوثة إلى مياه مقطرة ثم يضاف إليها الأملاح والمعادن المختلفة، ويعتمد الجهاز على قش الأرز كوقود في عملية تبخير المياه، إضافة إلى أنه سيحل مشكلة الطاقة لأن عملية الحرق ينتج عنها مجموعة غازات يتم فصلها، فتنتج طاقة كهرومائية وطاقة هيدروجينية كما ينتج مادة البايوديزيل التي تمثل وقودًا هائلاً للسيارات وصديقًا للبيئة. وتبرر ياسمين اختيارها هذه الفكرة خصوصا لأنها تعيش في محافظة دمياط، حيث مصب النيل وأكبر نسبة فشل كلوي على مستوى الجمهورية. قالت ياسمين في تصريجات صحفية اليوم: "بعد بحث دقيق اشتركت في المسابقة من خلال مدرستي؛ حيث يقام معرض تمهيدي في المحافظات، ثم تأهلت للمعرض المحلي وبعده المعرض الجمهوري بمكتبة الإسكندرية، الذي حصلت فيه على المركز الرابع، وتم اختيار مشروعي "الطاقة الكامنة في قوة قش الأرز" فئة علوم الأرض للسفر والمشاركة في مسابقة انتل intel. تنفيذ المشروع تستطرد مصطفى قائلة: "في أمريكا رفضت أكثر من عرض أجنبي لتنفيذ مشروعي، لأنني كنت أتمنى تنفيذه في مصر، فهو قائم بالأساس على مشكلة مصرية وبأدوات مصرية ونجاحه في مصر سيكون مميزا". تستطرد: لم أندم لحظة على رفضي هذه العروض، وتمنيت أن أعود إلى أرض الوطن بلمح البصر، متخيلة تطبيق المشروع في وقت وجيز، ولكني صدمت بتجاهل تام من الحكومة المصرية أو كما يقولون: "ودن من طين وودن من عجين". في المقابل تلقيت عروضًا من شركات مصرية خاصة وأنتظر انتهاء الامتحانات والتركيز فيها. وتلوم مصطفى الإعلام الذي لم ينصفها ولم يعطها حقها في حصولها على المركز الأول عالميا إلا بعد إعلان وكالة "ناسا" الفضائية إطلاق اسمها على كويكب جديد. وتوضح: "شاركت وكالة ناسا بوجودها داخل المسابقة من أجل اختيار مشاريع بعينها ودعمها للاستفادة منها، ولتميز المشاريع، أعلنت الوكالة أنها ستطلق أسماء الفائزين على كويكبات جديدة". وتستطرد ياسمين: "هذا الاهتمام العالمي لفئة الباحثين من عمر (18-13) سنة، حتى أنه تم تعيين محكمين حاصلين على جوائز نوبل لتحكيم مشاريعهم، تقابله صورة مغايرة في مصر. فالقائمون على البحث في مصر لا يعترفون بفئة الباحثين الصغار السن، كما أنهم يقللون من حجمنا ويرون في شغفنا بالبحث مجرد "لعب عيال"، ومن ثم نفتقر دائمًا إلى الإرشاد والتوجيه والدعم، إضافة إلى أنه لا يُسمح لنا أصلا باستخدام أدوات المعامل على سبيل المثال؛ حيث إنها تظل في علبها الجديدة وتُعامل كقطع أثرية ممنوع لمسها. الدولة أيضا لم تثبت حسن نيتها إلى الآن تجاه البحث العلمي.. وخير دليل على ذلك هو ضم كل من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في حقبة واحدة.. وتهميش البحث العلمي. تقول ياسمين: لم أعد أبالي بمعركة المياه وقرارات الحكومة برفع الدعم عنها بسبب انخفاض حصة مصر، وأرى أن الحكومة هي الخاسرة بعدم تنفيذها مشروعي. ونتيجة لكل ذلك لا تجد ياسمين بدا من البحث عن فرصة لاستكمال تعليمها خارج مصر على الرغم من حبها الشديد للبلد، حسب وصفها.