أكدت صحيفة هافنجتون بوست أن التمييز المجتمعي الذي يحظى به أمناء الشرطة على حساب الأطباء؛ يعد أحد الأسباب الرئيسية لتصعيد النقابة إجراءاتها ضد الشرطة. وأشارت الصحيفة في تقرير لها مساء اليوم الأربعاء 10 فبراير 2016 إلى أن مرتب أمين الشرطة يصل إلى أربعة أضعاف مرتب الطبيب مع الفارق الكبير في حجم التعليم بين الطرفين.
وقالت الصحيفة: "لم يتبقّ من الزمن سوى 48 ساعة على موعد الجمعية العمومية التي دعت إليها نقابة الأطباء بمصر للتصويت على تنظيم إضراب عام، في حالة استمرار إصرار وزارة الداخلية على عدم ضبط وإحضار أمناء الشرطة المتّهمين في واقعة اقتحام مستشفى المطرية والاعتداء على الأطباء العاملين بها وتوجيه التهم الجنائية لهم. وتأتي تلك الخطوة التصعيدية في ظلّ محاولة رفض التمييز المجتمعي الذي يحظى به أمناء الشرطة على حساب الأطباء كما عبّرت عنها النقابة".
ويكشف التقرير أن الطبيب المصري الذي يدرس بعد المرحلة الثانوية ل7 سنوات كاملة لا يحصل على العائد المالي نفسه والوضع المجتمعي والنفوذ داخل الدولة الذي يحظى به أمناء الشرطة في مصر، والذين تتوقف دراستهم على سنتين في معهد الأمناء بعد اجتياز الثانوية العامة أو دبلوم المدارس الفنية الذي يعادل الثانوية.
وينقل التقرير عن الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدّث السابق باسم وزارة الصحة، أن الأزمة الأخيرة التي تعرض لها الأطباء في المطرية، أثبتت أنهم يعملون في مؤسسات حكومية لا تقوم بدورها في الحفاظ عليهم، والدفاع عنهم ضد أي اعتداء يحدث بحقهم، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يزيد من جرأة أي معتد على الأطباء، ويعد أهم أسباب تكرار حوادث التعدي على الأطباء بالمستشفيات.
وأوضح المتحدث السابق باسم وزارة الصحة أن الأطباء يعملون في أجواء تشهير بغير الحقيقة بحق الأطباء، وقال: "نحن الدولة الوحيدة في العالم التي يتم فيها الحكم على الخطأ الطبي من خلال وسائل الإعلام، ولا توجد قضية واحدة تم التشهير فيها بسمعة أطباء مصر نتيجة حكم قضائي استند إلى تقارير فنية، ولو حدث هذا بالخارج لتسبب ذلك في فرض تعويضات ضخمة على من قام بنشر تلك الادعاءات".
وفيما يخص الوضع المالي، يضيف عبد الغفار: "لا يتخطى راتب الطبيب في بداية عمله ال2000 جنيه مصري، وذلك بعد تعديلات الرواتب وفق القانون الصادر في العام 2014، في مقابل أرقام أكبر تحصل عليها فئات أخرى، مشيرًا إلى أن الراتب العادل للطبيب في مصر: "يجب أن يتراوح بين ال15 وال20 ألف جنيه إذا كان طبيبا متفرغا".
أمناء الشرطة
ويكشف العميد محمود قطري، الخبير الأمني، بحسب تقرير الهافنغيتون بوست أن أمناء الشرطة في مصر "من الفئات التي يزداد نفوذها بشكل كبير في البلد، كما طرأ تحسن كبير في العائد المالي الخاص بهم، وأصبح الحد الأدنى لأي أمين شرطة في مصر لا يقل عن 2000 جنيه مصري، وذلك لمن يتخرج حديثًا من معهد أمناء الشرطة، وسرعان ما يصل الراتب خلال سنوات قليلة إلى 8000 جنيه".
وأكد قطري أن نفوذ أمناء الشرطة في مصر وصل إلى درجة أن هناك خوفًا شديدًا لدى قيادات وزارة الداخلية من الصدام معهم، و"هو ما زاد من شعور السطوة لديهم"، على حد تعبيره. ويرجع قطري ذلك إلى إلغاء المحاكمات العسكرية لأفراد الشرطة وهو "ما أزال خوف أمناء الشرطة من فرض نفوذهم في محيط عملهم، وهو الأمر الذي يفسّر كثرة حوادث التعدي التي يقوم بها أفراد من تلك الفئة كما في حادث المستشفى الأخير".
وذكر الخبير الأمني أن صورة "حاتم" التي جسدت نموذجًا سلبيًّا لأمين الشرطة في أحد الأفلام المصرية- "هي فوضى"- وما لها من نفوذ وقوة وبطش، لا تعد نموذجًا استثنائيًّا، ولكنه موجود بصور متفاوتة في جميع أقسام مصر"، وهناك من يطلقون عليه "بلوك أمين"، وهو الذي يقوم بتوزيع الخدمات داخل قسم الشرطة، ويتحكم جميع الأفراد به، وينال مقابل ذلك عائداً مالياً كبيراً، ويعد نموذجاً للفساد المقنن، والمقابل المالي من توزيع الأمناء على الأماكن "الطرية" بالتعبير الشعبي والذي يعني الأماكن التي تدر عوائد مالية للأمناء من فرض إتاوات على المواطنين أو الأماكن التي بها دوريات المرور."
وأشار العميد قطري إلى أن هناك أباطرة للفساد من أمناء الشرطة "وهؤلاء يكونون من فئة الملاصقين لقيادات الداخلية الكبار، أو في أحد الأجهزة الأمنية الحساسة؛ حيث يكون لديهم القدرة على تكوين شبكة علاقات وتمرير صفقات بأرقام مالية كبيرة أو الحصول على حوافز خرافية نتيجة عملهم الأساسي نفسه"، وضرب مثالاً على ذلك بما تم الكشف عنه مؤخرًا في قضية وزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي، والحديث عن رد أمين شرطة لمبلغ 20 مليون جنيه حصل عليها كمكافأة أو حافز لتحديد الأهداف الأمنية مع أن هذا التحديد هو عمله الأساسي.