ساد الهدوء الحذر صباح اليوم السبت ميدان التحرير والمنطقة المحيطة بمقر السفارة الأمريكية بجاردن سيتي، وذلك بعد ليلة من الاشتباكات العنيفة والكر والفر بين المتظاهرين وقوات الشرطة، حاول خلالها كل طرف إحكام قبضته على الطرف الآخر. وبدأت الاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين كالمعتاد بشارع عمر مكرم؛ حيث أمطر المتظاهرون قوات الأمن بوابل مستمر من الحجارة والزجاجات الحارقة (مولوتوف)، وهو ما قابلته قوات الأمن بسيل من القنابل المسيلة للدموع، والتى ملأت الأجواء بالدخان الكثيف، وسط حالة من الكر والفر بين الجانبين، فتارة تجبر قوات الأمن المتظاهرين على التراجع إلى ميدان التحرير، وتارة يجبر المتظاهرون قوات الأمن على التراجع نحو ميدان "سيمون بوليفار" بالقرب من مقر السفارة الأمريكية. ووسط عمليات الكر والفر أحكمت قوات الأمن قبضتها على شارع عمر مكرم، وهو ما اضطر المتظاهرون إلى نقل موقع الاشتباكات إلى كوبرى قصر النيل، حيث أغلقوا الكوبري أمام حركة سير السيارات من الاتجاهين، وواصلوا رشق قوات الأمن بالحجارة والزجاجات الحارقة، وكذلك واصلت قوات الأمن إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع عليهم؛ لإبعادهم أعلى الكوبري، في الوقت الذي ضلت فيه قنبلة غاز طريقها وحطت في مبنى الجامعة العربية. وتراوحت وتيرة الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن حتى وصلت حدتها حوالى الساعة الثالثة صباحًا، بعد أن تمكنت مجموعات من المتظاهرين من الاقتراب من القوات أمام أحد الفنادق الشهيرة بكورنيش النيل ورشقهم بالحجارة، مما اضطر القوات إلى إطلاق العشرات من قنابل الغاز المسيل للدموع، والتى ملأت سماء المنطقة بالأدخنة الكثيفة. ولجأت قوات الأمن عقب هدوء تلك الاشتباكات بشكل نسبى إلى الدفع بالمزيد من التعزيزات من قوات الأمن المركزى، خاصة وأن القوات المشاركة فى مهمة تأمين مقر السفارة قد بدأت فى الشعور بالإرهاق جراء استمرار الاشتباكات بينها وبين المتظاهرين لفترات طويلة؛ حيث تم الدفع بأكثر من 10 تشكيلات أمن مركزى وسبع عربات مصفحة. واستمر التراشق بين الجانبين حتى فجر اليوم، حيث قامت قوات الأمن بتطويق المتظاهرين أعلى كوبرى قصر النيل وأجبرتهم على التراجع الى ميدان التحرير، وذلك بعد أن تم الدفع بتشكيلات من الأمن المركزى من شارع كورنيش النيل وأمام مقر الحزب الوطنى المنحل إلى أعلى الكوبرى، مع الدفع بتشكيل آخر فى شارع عمر مكرم؛ لإغلاق كافة المداخل المؤدية إلى السفارة أمام المتظاهرين، وذلك وسط استمرار فى تبادل التراشق بالحجارة بين الجانبين، ومواصلة قوات الأمن المركزى إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع بين الحين والآخر. وبينما يتمركز المتظاهرون فى ميدان التحرير، فوجئوا بشخصين يحاولان الخروج من الميدان مسرعين باتجاه شارع قصر العينى، فقاموا بمطاردتهما حتى تمكنا من الإمساك بهما وأوسعوهما ضربًا، قبل أن يأتي العشرات من الأفراد بزي مدني ادعى المتظاهرون أنهم من أفراد الشرطة، ويرتدون زيًّا مدنيًّا ويتبادلون التراشق العنيف بالحجارة، والذى أسقط نحو 7 مصابين، ولم يتوقف سوى بخروج المتظاهرين إلى شارع قصر النيل قبل عودتهم مرة أخرى عقب هدوء الأجواء، والذى تم أيضًا بشكل مفاجئ. ثم قامت قوات الأمن مع ظهور ضوء الصباح بالعودة مرة أخرى لمحيط السفارة الأمريكية، سواء من جهة كوبرى قصر النيل أو من جهة شارع عمر مكرم، ليتم فتح كوبرى قصر النيل مرة أخرى أمام حركة سير السيارات، في الوقت الذي بدت فيه حركة المرور فى ميدان التحرير طبيعية للغاية.