يعض إعلام السيسي أصابعه من الغيظ والندم على التقارب التركي السعودي الأخير، وتسود حالة من التشنج اللاإرادي قنوات الانقلاب الفضائية وصحفه حول زيارة يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمملكة العربية السعودية. ويعجز إعلام الانقلاب عن تفسير الحفاوة والترحيب السعودي الرسمي والشعبي لأردوغان، في ظل التحسن الذي تشهده العلاقات بين البلدين في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، مع تأزمها من ناحية الانقلاب وانقطاع مدد الرز السعودي عن أمعاء الجنرالات.
وقد تأزمت العلاقات السعودية التركية في أواخر عهد شقيق الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، بسبب التباين في موقفي الرياضوأنقرة من الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المصري الشرعي محمد مرسي.
على طاولة التحديات التي تهدد كلا البلدين تأتي زيارة أردوغان، وسط تفاؤل شعبي كبير، سواء في تركيا أو في السعودية بهذا التقارب وثمراته، ودعوات يطلقها كتاب ومثقفون لتشكيل تحالف يجمع تركيا والسعودية، بالإضافة إلى قطر.
ترميم العلاقات بعيدًا عن الملف المصري تجتهد تركيا والسعودية في ترميم العلاقات، ولعل أهم تلك العوامل التي ستحدد طبيعة العلاقات بين الرياضوأنقرة، الضبابية التي تخيم على العرش الملكي والتكهنات التي تدور حول من سيخلف الملك سلمان.
حاليًّا، وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف هو ولي العهد ووزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، نجل العاهل السعودي، هو ولي ولي العهد، إلا أن هناك من يشير إلى ترتيبات تجري داخل الأسرة الحاكمة لإقصاء الأمير محمد بن نايف لفتح الطريق أمام تولي الأمير محمد بن سلمان عرش المملكة.
الغموض حول هذه النقطة قد يدفع أنقرة للتريث وعدم الاستعجال؛ لأنه لا يعرف من سيجلس على عرش السعودية بعد الملك سلمان، وقد تتغير سياسة الرياض تجاه تركيا في يوم وليلة كما تغيرت مع انتقال الحكم من الملك الراحل إلى الملك سلمان.
ويلاحظ المتابع للشأن السعودي محاولة "جماعة أبو ظبي” للعودة إلى الواجهة، بالاصطفاف وراء الأمير محمد بن سلمان في مواجهة ولي العهد الأمير محمد بن نايف، الذي يبدو أنه لم ينس إساءة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد لوالده الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز، حين وصفه ب"القرد".
ومن العوامل التي تدعو أنقرة للتريث مواصلة بعض مراكز "التنفذ" في السعودية الهجوم على أنقرة، عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ولا تستثني من ذلك الرئيس رجب طيب أردوغان.
وعلى الرغم من التحسن الظاهر في العلاقات التركية السعودية، ما زالت هذه المراكز المدعومة من الإمارات تسب الرئيس التركي بأقذر العبارات، ويصفونه ب”خليفة الشواذ”، ويشنون ضده هجوما عنيفا قبيل زيارته للعاصمة السعودية.
وفي تقدير بعض المراقبين أن استمرار هذه المراكز المعروفة لدى السلطات في الرياض على هذا النهج، يعني أن هناك ضوءا أخضر ليشن هؤلاء هجومًا ممنهجًا ضد تركيا وشعبها ورئيسها المنتخب، وسياسةً تهدف إلى ضرب النموذج التركي الناجح بالتوازي مع ترميم العلاقات على المستوى الرسمي كضرورة لمواجهة إيران.
ملف الانقلاب وربما تتناول زيارة أردوغان للرياض، الملف المصري والإماراتي ووقف تصاعد الخلاف التركي مع "ابو ظبي" المستمر منذ الانقلاب العسكري الذي شهدته مصر في يوليو 2013 ضد الرئيس المصري المنتخَب محمد مرسي.
حيث رفضت تركيا الانقلاب العسكري والأحداث التي تلته، بينما اختلف الموقف الإماراتي الذي كان داعما للانقلاب وما حصل بعده من أحداث في مصر، وبدأ التوتر التركي الإماراتي باتهامات متبادلة بين البلدين حول رفض تركيا للأحداث في مصر، واتّهام الإمارات لها بالتدخل في الشأن المصري.
ومع تصعيد وسائل الإعلام الإماراتية للاتهامات ضد الحزب الحاكم في تركيا ووصف الرئيس التركي بالديكتاتورية، واتهامات من وسائل الإعلام التركية للإمارات بالتخطيط لضرب السفارة التركية في ليبيا، ثم اتهامات إماراتية لتركيا بدعم داعش، الاتهام الذي نفته تركيا بقوة، كان التوتر بين البلدين أوشك على تجاوز التوتر الإعلامي ليصل إلى المستويات الدبلوماسية والسياسية.