سلط الكاتب الصحفي المتخصص في الشئون العربية، فهمي هويدي، الضوء على ظاهرة التعذيب التي جرت مؤخرًا بعدد من أقسام الشرطة، مؤكدًا أننا أمام ظاهرة خطيرة توضح جرائم الشرطة والنظام القائم، فضلاً عن أنها تهدر أبسط مبادئ العدالة. وأضاف "هويدي"، في صحيفة "الشروق"، اليوم الإثنين، بعنوان "هل صارت الاستباحة قاعدة؟": خلال أقل من أسبوع واحد وقعت 4 تجاوزات للشرطة ضد مواطنين مصريين من سكان محافظاتالأقصروالقليوبيةوالإسماعيلية وأكتوبر. إذ قامت بتعذيبهم وإهانتهم؛ مما أدى إلى وفاة ثلاثة أشخاص، لكل واحد منهم قصة تستحق أن تروى، ففي محافظة القليوبية اتهمت أسرة مواطن يدعى عمر أبو شنب ضباط مركز شبين القناطر بالتسبب في وفاة أحد أبنائها بعد الاعتداء عليه بالضرب، نيابة شبين القناطر فتحت تحقيقا في الواقعة. وأشار إلى أنه في الإسماعيلية اقتحم ضابط بقسم شرطة أول الإسماعيلية إحدى الصيدليات، واعتدى على الطبيب البيطري عفيفي على الذي كان يمارس عمله كمساعد صيدلي داخل صيدلية تملكها زوجته، واعتدى الضابط على الطبيب البيطري؛ مما أدى إلى وفاته وصدور قرار من وزير الداخلية بإيقافه عن العمل لحين انتهاء التحقيق، انتدب النائب العام طبيبًا شرعيًا لتشريح جثة الضحية لمعرفة سبب الوفاة. وعقد اتحاد المهن الطبية بالإسماعيلية اجتماعًا طارئًا بحضور نقيب الأطباء البيطريين ونقيب الصيادلة العام، وأصدر الاتحاد بيانًا حمل الضابط مسئولية قتل الطبيب. على صعيد آخر، قررت نيابة أول أكتوبر حبس ضابط شرطة بهيئة الطرق والمنافذ بالجيزة أربعة أيام على ذمة التحقيق بتهمة الاعتداء بالضرب المبرح على سائق حافلة صغيرة (ميكروباص) وتهديده بتلفيق قضية إحراز تذكرة "هيروين" بمدينة دريم السكنية. وقد أفادت تحقيقات النيابة بأن سائق الميكروباص حسن جمعة كان يسير بسيارته نحو مدينة "دريم"، فقطع الطريق لسبب لا دخل له فيه أمام سيارة خاصة دون لوحات معدنية تابعة للضابط، فما كان من الأخير إلا أن سب السائق بألفاظ نابية، ثم هبط من سيارته وأمسكه من عنقه وسدد إليه اللكمات في الوجه وهو يهدده بسلطات وظيفته، فما كان من الأهالي الذين تعاقدوا مع حسن لتوصيل أبنائهم إلى المدارس إلا أن قاموا بتوثيق الواقعة بالصوت والصورة، بعدما فشلت محاولاتهم لإثناء الضابط عن الاعتداء عليه. وقال هويدي إن ما سبق كله ليس من عنده، ولكنه نص تقرير إخباري نشره موقع صحيفة "المصري اليوم" يوم الجمعة 27 نوفمبر، وأكثر ما أثار انتباهه فيه تتابع تلك الحوادث خلال أقل من أسبوع، وهو ما يشير إلى تنامي ظاهرة الاستهتار بين بعض ضباط الشرطة، الذين باتوا يتصرفون وكأن لديهم رخصة تخولهم حق الاستهانة بكرامات الناس وحياتهم وتطمئنهم إلى أنهم فوق القانون ومعفون من أي حساب. وأضاف أن الملاحظة الأخرى المهمة أن ضحايا ذلك الاستهتار ليسوا من السياسيين الذين يفترض أن لهم خصومة مع النظام، ولكنهم مواطنون عاديون شاء حظهم العاثر أن يقعوا في أيدي الشرطة لسبب أو آخر، مؤكدًا أن استباحة السياسيين وإطلاق يد الشرطة في تعذيبهم دون حساب هي التي شجعت نفرًا منهم على اعتبار الاستباحة قاعدة عامة وأصلاً في التعامل مع المواطنين العاديين. وأوضح إننا أمام ظاهرة خطيرة تسيء إلى الشرطة وإلى النظام القائم، فضلاً عن أنها تهدر أبسط مبادئ العدالة، وما لم يتم تحري الحقيقة فيما يجري، والتشدد في محاسبة المسئولين عن تلك التجاوزات والكف عن التسامح معهم وتبرئتهم مما ينسب إليهم، فإننا نضيف لغمًا جديدًا إلى الفجوة القائمة بين السلطة التي تحمي الشرطة وبين المجتمع الذي تزداد معدلات السخط والغضب فيه، وهذا اللغم مرشح للانفجار في أي وقت.