على الرغم من مرور عامين على قانون التظاهر الذي وضعته سلطات الانقلاب وقامت من خلاله بأبشع جرائمها تجاه الحرائر والشباب المصري الذي رفض الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب بانتخابات حرة، فإن هذا القانون لم يعطل مسيرة الثوار على مدار عامين ونصف العام منذ بدأت شرارة رفض هذا الانقلاب الغاشم؛ حيث لم يمر يوم واحد منذ هذه المدة إلا ويخرج المصريون يعلنون يوميًا رفضهم لهذه المؤامرة التي ارتدَّت على إرادة الشعب المصري. وذكرت صحيفة "العربي الجديد" في تقرير نشرته اليوم الإثنين أن عامين من تطبيق قانون تنظيم التظاهر في مصر، الذي أقره الانقلابي عدلي منصور، استُغل لزجِّ أكثر من عشرة آلاف شخص في السجون المصرية بتهم تتعلق بخرق القانون، بحسب منظمة الكرامة لحقوق الإنسان. وأصدرت سلطات الانقلاب القانون رقم 107 لسنة 2013، والمعروف إعلاميًّا باسم "قانون التظاهر" في 24 نوفمبر 2013، وتسبّب في اعتقال الآلاف من النشطاء السياسيين في الحركات الثورية المدنية والتيارات الإسلامية والعمالية، منذ بدء العمل به. وينص قانون التظاهر على "الحبس والغرامة من 50 ألف جنيه إلى 100 ألف جنيه لكل من ارتكب المحظورات التي نص عليها القانون، كما يعاقب بالغرامة من ألف إلى 5 آلاف جنيه من قام بتنظيم تظاهرة أو موكب من دون الإخطار عنها". ويمنع القانون الاقتراب 50 أو 100 متر من مقار الرئاسة والبرلمان والحكومة والشرطة، مع إعطاء الحق لوزارة الداخلية في إلغاء التظاهرة، والحبس وغرامة 300 ألف جنيه لمخالفي قواعد الإخطار والمنتفعين ماليًا من تنظيم التظاهرات. يقول ممثل منظمة الكرامة لحقوق الإنسان، أحمد مفرح: "إنه بعد عامين من العمل بقانون التظاهر ثبت كذب وادعاءات سلطات الانقلاب المصرية في تبريره وإقراره، ويُعتبر أبرز مظاهر عودة القمع وتكريس الدولة البوليسية بعد الانقلاب العسكري". وعلى الرغم من رفض المنظمات والمؤسسات الحقوقية في مصر والأحزاب والحركات الاجتماعية والسياسية لهذا القانون، "فإن النظام العسكري في مصر يصرّ على عدم تعديل هذا القانون أو إلغائه حتى الآن"، بحسب مفرح. ويشير إلى أنه بعد مرور عامين كاملين على إقرار القانون "يتضح أن ذلك جاء لاستخدامه كغطاء للتحركات الأمنية لقمع كل التظاهرات والاحتجاجات التي قامت في مصر في مواجهه كل القوى السياسية والاجتماعية، كما أن السلطات الأمنية استخدمته لشرعنة موجات الاعتقال التي طاولت الآلاف من معارضي الانقلاب العسكري في مصر"، على حد قوله. وكانت المحكمة الدستورية العليا المصرية قد حددت أولى جلسات الطعن على دستورية قانون التظاهر في 14 ديسمبر المقبل على خلفية الدعوى التي أقامها مركز دعم دولة القانون والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ضد عدلي منصور، ووزير الداخلية الأسبق، وآخرين؛ بسبب رفض وزارة الداخلية المصرية التصريح بإقامة تظاهرة ضد الغلاء كان تقدّم بها المحامي طارق العوضي، بالمخالفة لنص قانون التظاهر الذي ينص على إقامة التظاهرات السلمية بالإخطار فقط. وكانت محكمة القضاء الإداري المصرية قد صرحت بالطعن دستوريًا على المادتين 8 و10 من القانون. ويقول مفرح إنه "باستمرار القانون وتمسك النظام العسكري في مصر ببنوده، فإنه يُظهر للمجتمع الدولي الحقوقي المتمثل في مجلس حقوق الإنسان ومنظمات الأممالمتحدة، عدم اكتراثه واهتمامه للمطالبات بإلغاء القانون". يُذكر أن العشرات من المنظمات الحقوقية المصرية، أعلنت رفضها التام لقانون التظاهر الذي وصفته ب"سيئ السمعة"، واعتبرت أن "قانون التظاهر الحالي أكثر قمعًا من قانون التظاهر للاحتلال البريطاني عام 1923، وهو القانون المعمول به في فترة الاحتلال البريطاني والذي استمر العمل به طوال عهد الملكية وحتى عصر حسني مبارك"، مشيرة إلى أن "القانون الحالي أكثر تقييدًا لحرية التظاهر لجهة شروط التقدم بالإخطار، وإسناده سلطة تسلم الإخطار لوزارة الداخلية، بدلاً من جهة إدارية تتمتع ببعض الحيادية".