" الجودة" سلاح المدارس الخاصة لاستنزاف أولياء الأمور الإنفاق على الطالب فى التعليم الخاص 9 أضعاف الحكومى المدرسون: نعيش تحت رحمة أصحاب المدارس.. وأولياء الأمور: "إيه اللى رماك على المر"؟! د. رضا مسعد: ضوابط صارمة للزيادات فى المصروفاتوفقا للقانون د. كمال مغيث: إهدار لتكافؤ الفرص وتكريس للابتزاز وإعلاء الجانب المادى مع بداية كل عام دراسى تكثر شكوى أولياء الأمور من تضاعف المصروفات وارتفاع أسعار الزى المدرسى للمدارس الخاصة التى تستخدم سلاح الجودة لاستنزاف الأسرة المصرية التى ترغب فى إلحاق أولادها بمدارس جيدة؛ بسبب ما يعانيه التعليم الحكومى من إهمال وافتقار لأقل الإمكانيات، كما أن أصحاب المدارس الخاصة لا يكفون عن الطلبات المادية طوال العام تحت مسميات مختلفة مثل: تطوير المعامل والملاعب، وشراء الأجهزة.. وغيرهما وذلك بهدف الربح فقط ولا يهمهم أى شىء آخر. ولم يقتصر الأمر فى المدارس الخاصة على أولياء الأمور فقط، بل يعانى المدرسون أيضا بهذه المدارس من الشعور بعدم الاستقرار الوظيفى؛ حيث إن وجودهم مرهون بمدى رضا الطلاب وأولياء الأمور عليهم. حاولنا أن نقترب من منظومة التعليم الخاص بما لها وما عليها، خاصة فى ظل التقارير الحديثة للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء التى تشير إلى أن متوسط الإنفاق على الطالب بالتعليم الخاص يبلغ 4454 جنيها سنويا، وهو يمثل أكثر من تسعة أضعاف متوسط الإنفاق على الطالب بالتعليم الحكومى الذى بلغ 480 جنيها فقط، ورغم ذلك يؤكد الخبراء أن المدارس الخاصة تنطوى على العديد من العوامل السلبية أبرزها هدم مبدأ تكافؤ الفرص. معاناة مستمرة ترى مريم حسنى "موظفة بوزارة الشباب والرياضة، ولديها ثلاثة أبناء فى التعليم الخاص" أن تردى الأوضاع فى المدارس الحكومية وافتقارها لأقل الإمكانيات هو ما دفعها إلى إلحاق أبنائها بالمدارس الخاصة التى لديها جودة فى العملية التعليمية على الرغم من الأعباء التى تثقلهم بها هذه المدارس، ففى كل عام تتضاعف أسعار الزى المدرسى، وتجبر المدرسة الطلاب على شرائه من محل تتعاقد معه وينالها نصيب من الربح، فضلا عن أسعار الكتب وما يستجد كل شهر تقريبا من بند للمصاريف، ولا نستطيع سوى الاستسلام لما يطلبون؛ حيث إن الجميع لا يعترض، وأخشى أن يصبح أولادى هم فقط من يعترضون فيؤثر ذلك على المعاملة لهم فى المدرسة. ويضيف شريف حسن أنه مدرس بإحدى المدارس الحكومية، ورغم ذلك ألحق ابنته بمدرسة خاصة لرغبته فى أن تحظى باهتمام ورعاية أكثر مما يناله طلاب المدارس الحكومية؛ حيث يعانون من الإهمال فى كل شىء فى الجوانب التعليمية؛ لأن أغلب المدرسين غير مؤهلين للتعامل مع الطلاب، هذا بجانب الافتقار إلى الإمكانيات سواء الترفيهية أو العلمية. ويرى أن من سلبيات المدارس الخاصة أن جميع الطلاب يلتحقون بالثانوية العامة حتى ولو كان مجموعهم 50% وهو ما يجعل المنتج التعليمى من طلاب هذه المدارس ضعيفا. إهانة المعلم "الطالب وأولياء الأمور هم المتحكمون فى مصائر المدرسين بالمدرسة" هكذا بدأت منال حسين "مدرسة لغة إنجليزية بمدرسة الزهراء الخاصة"، وأكدت أن المدرس الذى ينال رضى الطالب وأولياء الأمور هو من يستمر فى العمل، أما المدرس الذى يحاول تقويم الطالب يتم وضعه فى القائمة السوداء، وتكتب فيه الشكاوى حتى يتم فصله من المدرسة بلا أى مبرر، وهو ما يجعل أوضاع المدرسين داخل المدارس الخاصة غير مستقرة؛ حيث تحكمها أهواء أصحاب المدارس والطلاب. وقالت: "على سبيل المثال هذا العام تم تغيير جميع المدرسين ما عدا اثنين فقط لرغبة صاحب المدرسة فى التجديد؛ حتى لا يطلب منه المدرسون القدامى زيادة الأجر أو التثبيت أو ما شابه ذلك، مما يؤثر على نسبة ما يحققه من أرباح سنوية". وأشار محمد إسماعيل "مدرس بإحدى المدارس الخاصة التابعة لإدارة عين شمس" إلى أن كل مشاكلهم تتلخص فى أن صاحب المدرسة يستخدم سلطته فى كل شىء، فهناك تعسف فى الحضور والانصراف وكذلك الجزاءات، فعلى الرغم من أن يوم السبت إجازة إلا أن المدرسة تجبرنا فى كثير من الأحيان على الحضور، فى حين أنه إذا حدث لأى مدرس أى ظرف مفاجئ لا يقدر من جانب إدارة المدرسة؛ حيث تكون هناك جزاءات مضاعفة، فى الوقت الذى لا يوجد فيه تأمينات، كما تتم المماطلة فى مكافآت الامتحانات؛ حيث يكون هناك تفنين من جانب الإدارة لخفض المكافأة قدر الإمكان، وإذا اعترض أحد يأتى الرد "الباب يفوت جمل، وعدى على الإدارة خد ورقك". ويضيف: نطالب بأن يتم التحقيق مع المعلم الذى تنوى المدرسة فصله من جانب الإدارة التعليمية حتى لا تستمر رقاب المعلمين تحت سيوف أصحاب المدارس الخاصة، وكذلك لا بد من التأمين على المعلمين مثلما يحدث فى المدارس الحكومية، طالما أن الدولة غير قادرة على استيعاب كافة المعلمين فعليها أن تضعهم تحت مظلتها. أما حسام إمام "مدرس لغة عربية" فيرى أن للمدارس الخاصة مميزات كثيرة بالنسبة للطالب؛ حيث تهتم بالجوانب التثقيفية والترفيهية والإبداعية، بعكس المدارس الحكومية التى تفتقر لكل تلك الإمكانيات ولكن لكلا الجانبين سلبيات وإيجابيات، ولعل أبرز السلبيات فى المدارس الخاصة هو شعور الطالب وأولياء الأمور بأنهم يدفعون مقابل التعليم؛ مما يجعل المدرس ومدير المدرسة يفتقدون الهيبة أمام الطلاب، ويضاف إلى ذلك معاناة المدرسين من بخل أصحاب المدارس على الرغم مما يجمعونه من أموال طائلة طوال العام، فعلى سبيل المثال يقومون بإعطاء المدرسين إجازة بدون مرتب فى الصيف، كما يقتسمون مع المعلمين نسبة من الدروس الخصوصية، ويضاف إلى كل ذلك استغلال أولياء الأمور تحت مسميات مختلفة تشجير المدرسة تجديد المعامل وما إلى ذلك. عوامل سلبية ومن جانبه؛ أكد الدكتور كمال مغيث، الخبير التعليمى بالمركز القومى للبحوث التربوية، أن المنظومة التى تعمل بها المدارس الخاصة تنطوى على العديد من العوامل السلبية أبرزها أن هذه المدارس تهدم مبدأ تكافؤ الفرص؛ حيث إن الطبقات الفقيرة فى المجتمع لا تستطيع إلحاق أولادها بها لعدم قدرتها على مصروفاتها المتعددة ما بين مصرفات مدرسة وزى مدرسى ووسائل النقل، فضلا عن ما يبتكره صاحب المدرسة طوال العام من نفقات على المنشآت والملاعب وغيرها. وأشار إلى أن أغلب هذه المدارس تعلى من شأن الجوانب المادية على حساب العملية التعليمية؛ حيث تتعامل مع الطالب على أنه مصدر يجب الاستفادة المادية منه بقدر استطاعتها، وفى المقابل لا تهتم بما تقدمه له من جوانب قيمية وتعليمية، ويدلل على ذلك أشكال الابتزاز المتعددة التى تمارسها هذه المدارس على أولياء الأمور منذ بداية العام وحتى نهايته بحجة تجهيز المعامل وشراء الأجهزة وغير ذلك، فضلا عن ارتفاع المصروفات كل عام على الرغم من وجود قانون رقم 306 ل1993 ينظم الأمور المادية لهذه المدارس ويحدد مصروفاتها، ولكن لم يتم الالتزام به خاصة وأن أولياء الأمور فى هذه المدارس فى الغالب لا يعترضون على المطالب التى تخترعها هذه المدارس مما يفتح المجال لابتزازهم. أما د. رضا مسعد "رئيس قطاع التعليم العام بوزارة التربية والتعليم" فأوضح أن الوزارة تسعى إلى تحقيق أكبر قدر من الانضباط داخل تلك المدارس، فهذا العام بدأت جميع المدارس تشد الحزام بدءاً من أول سبتمبر الجارى، وإذا توجه أى شخص لأى مدرسة سيجد نسبة حضور المدرسين 100%، وكذلك انتظام اليوم الدارسى، والسبب وراء ذلك هو أن الجميع يعلم أن الفترة القادمة على مدار السنة الدراسية ستشهد زيارات فجائية مكثفة على كافة المدارس. وعن مشاكل مدرسى المدارس الخاصة التى تتمثل فى الرواتب وتأخر التثبيت وشعورهم بأنهم تحت رحمة أصحاب تلك المدارس؛ أكد رضا أن العقد شريعة المتعاقدين وطالما أن المدرسين قبلوا بشروط المدرسة فليس لهم حق الشكوى مضيفا أنه ينبغى على أصحاب المدارس الخاصة تحسين أوضاع المعلمين. أما فيما يخص المصروفات قال: إن الزيادات المتعارف عليها سنويا هى من 1% إلى 17% تقف عند 7% فى المدارس الدولية من المصروفات السنوية، أما المدارس الخاصة فإن رسومها منخفضة وتكون نسبة الزيادة بها 4% وتصل فى بعض المدارس إلى 17%، وأوضح أن هناك إشرافا ماليا على تلك المدارس، وفى حال المخالفة يتم إحالة المسئول عنها للتحقيق.