أثار قرار استثناء مجموعة من الطلبة -وأغلبهم من أبناء القضاة وكبار الضباط- من قواعد التوزيع الجغرافي، والتحويلات الجامعية تحت مسمى "اعتبارات قومية"، موجة غضب عارمة بين السياسيين والطلاب، ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين القرار استمرارًا للسياسة الطبقية والعنصرية، التي تمارسها حكومة السيسي منذ مجيئها في يونيو 2014. وزاد من حدة الغضب الطلابي أن هذا القرار يأتي متزامنًا مع اتجاه الدولة لمنع طلاب الأقاليم وأبناء الطبقات البسطية من الالتحاق ببعض كليات القمة ككلية "الاقتصاد والسياسية" على سبيل المثال، من منطلق أن الالتحاق بتلك الكليات يجب أن يكون مبني على أساس ظروف اجتماعية فخمة، وهو الأمر الذي عبر عنه النشطاء بعبارة "عادي.. ما هي عزبة أبوهم". وأكد الطلاب والنشطاء ضرورة أن يتم التسوية بين كافة الطلاب في الحقوق والواجبات، وألا تتعامل الحكومة مع طلاب الجامعات على أنهم ملكية خاصة تفعل بهم ما تشاء. عزبة أبوهم! من جانبه وصف الإعلامي والحقوقي هيثم أبو خليل القرار بأنه مهزلة المهازل.. ومسخرة كبرى، ويكشف حجم العنصرية والطبقية التي يمتلكها قادة الانقلاب العسكري، حسب وصفه. وقال أبو خليل -عبر حسابه الشخصي ب"فيس بوك": مهزلة المهازل ومسخرة المساخر مع عصابة الانقلاب.. في عزبة أبوهم استثناء الطلبة الفاشلين من أبناء ضباط الجيش والشرطة والقضاة وباقي العصابة من قواعد التوزيع الجغرافي والتحويلات الجامعية.. بحجة اعتبارات بتنجانية!!". فيما علقت الناشطة "علياء محمد" على الخبر قائلة "ومنع طلاب الأقاليم من سياسة واقتصاد وإعلام.. وابن الزبال ما ينفعش وكيل نيابة.. لا والله ما حكم عسكر ده حكم يهود". أما الناشط "حازم عطية" فعلق على الخبر قائلا: "مهزلة ليه.. على أساس أننا في دولة مثلا؟ خلينا واقعيين في اللا دولة.. دى حاجه طبيعية جدا.. كبر مخك". فيما علق يوسف محمد قائلا: "حسبي الله ونعم الوكيل.. رجعنا لأسوأ من حكم الإقطاعيين بمليون مرة"، وأضاف "يسقط يسقط حكم العزبة". تفاصيل القصة مصدر كبير فى المجلس الأعلى للجامعات كشف عن اتفاق غريب ومثير للجدل بين المجلس ووزير التعليم العالى السيد عبد الخالق، ويقضي الاتفاق باستثناء مجموعة من الطلبة وأغلبهم من أبناء القضاة وكبار الضباط من قواعد التوزيع الجغرافى والتحويلات الجامعية تحت مسمى «اعتبارات قومية». وبحسب تقرير نشرته صحيفة "الشروق المصرية" -المقربة من السلطة- أن القصة بدأت برفض جابر نصار رئيس جامعة القاهرة طلبات تحويل ورقية أرسلها إليه وزير التعليم العالي؛ لأنه لا يحق لهم التحويل وفقا لقواعد التنظيم الجغرافي والإقليمي، إلى جامعة القاهرة. واستكمل المصدر أن: «الوزير لجأ إلى المجلس الأعلى للجامعات فى اجتماعه الأخير بجامعة الإسكندرية لمواجهة رفض نصار طلبات التحويل؛ حيث اقترح تشكيل لجنة لعرض كل حالة من هؤلاء الطلاب على حدة أو عمل تفويض للوزير باتخاذ قرارات التحويل، ولكن نصار اعترض على تفويض الوزير، فى حين وافق أغلبية أعضاء المجلس المجلس على طلب الوزير». وأضاف المصدر أن «وزير التعليم العالى والمجلس الأعلى للجامعات قرروا تنفيذ التحويلات لهؤلاء الطلاب واستثناءهم من قواعد التوزيع الجغرافى والإقليمى تحت مسمى «اعتبارات قومية»، وهو ما اعترض عليه أيضا رئيس جامعة القاهرة، لأنه يرى أن هؤلاء الطلاب ليس من حقهم التحويل وأن استثناء فئة معينة دون الباقى يخل بمبدأ تكافؤ الفرص وضد ضميره، وأن تعبير اعتبارات قومية غير واضح وفضفاض». وأكد المصدر أن أغلب التحويلات التى طلبها الوزير لمجموعة من الطلاب من الأقاليم والتى ترغب فى التحويل إلى جامعتى القاهرة وعين شمس. استثناء غير مبرر وأشار المصدر إلى أن هذا الاستثناء غير مبرر ويستهدف محاباة طلاب لا يستحقون التحويل وفقا لظروف عمل آبائهم، خصوصا فى ظل قرار سابق من جانب المجلس الأعلى للجامعات وهو قرار «النقل الإداري»، والذى يسمح لأبناء الضباط والمستشارين والموظفين بالدولة بالتحويل بين الجامعات وفقا لمقر عملهم، قائلا: «نفترض أن ضابطا يعمل فى محافظة سوهاج ثم انتقل عمله إلى القاهرة أى محافظة أخرى، فيحق له نقل أبنائه إلى المنطقة التى يعمل فيها، لطبيعة عمله التى تستدعى التنقل». راحة الضباط أولا ومن جانبه، قال الدكتور السيد أحمد عبدالخالق وزير التعليم العالى: إن مسمى «اعتبارات قومية» هى اعتبارات ليست عادية، وإنما تمس الأمن القومى وتتعلق ببعض الفئات المعنية بالأمن القومى، من أبناء الضباط والمستشارين، حتى يكون ذهنهم متفرغا لعملهم وأبناؤهم بالقرب منهم، مستدركا: «لا نريد أن يكون هؤلاء ببالين، ومينفعش أن أكون فى عمل حساس وأبنائى بعيدون عنى ويشغلون بالى، ولو أى انسان عادى لا بد أن أضعه فى الاعتبار وليس أبناء الضباط والمستشارين فقط». لكن المصدر قال إن أغلب طلبات التحويل لا ترتبط بمكان عمل آباء الطلبة وإنما تطلب التحويل من جامعات إقليمية إلى جامعتى القاهرة وعين شمس.. وهو ما يؤكد أن الهدف من التحويل ليس التواجد إلى جانب الأسرة وإنما الالتفاف على فشل هؤلاء الطلبة فى دخول الجامعتين من خلال مكتب التنسيق فى البداية. فساد واستفزاز وفى سياق متصل، وصف الدكتور هانى الحسينى -عضو حركة 9 مارس بجامعة القاهرة- استثناء بعض الطلاب تحت مسمى «اعتبارات قومية»، ب«منتهى الفساد والإصرار على استفزاز المواطنين»، مضيفا أنه لا يمكن أن نقنن أوضاعا استثنائية لفئات معينة، خصوصا المميزة اجتماعيا مثل القضاة والضباط، فى ظل ما تعانى منه أغلبية الشعب من ضغوط ومشكلات. وقال الدكتور عبدالله سرور -وكيل مؤسسى نقابة علماء مصر-: إن القرار باطل ويؤكد ما نقوله دائما من أن الوزير والمجلس الأعلى للجامعات يعملان لتخريب الجامعات، والقضاء على مبدأ تكافؤ الفرص وإهدار العدالة الاجتماعية. وأضاف: ولا ننسى أن الوزير سبق أن ارتكب مثل هذه الفعلة العام الماضى مع كلية طب أسنان دمنهور، حيث حكمت المحكمة فيها باتهام الوزير بمخالفة الدستور وطالبت بمحاسبته، وهو الآن يكرر الفعلة للمرة الثانية، موضحا أن المجلس الأعلى للجامعات لا رأي له، وإنما يخضع لإرادة الوزير الذى يفرض ما يريد باسم المجلس، مطالبا رئيس الجمهورية بسرعة التدخل لإنقاذ التعليم العالى. مخالفه للدستور وأكد الدكتور خالد سمير -عضو حركة 9 مارس بجامعة عين شمس- أن القرار مخالف للدستور والقانون، وهو نوع من النفاق لبعض المسئولين ومنحهم امتيازات مخالفة للقانون والدستور وهذه جرائم. داعيا جميع الطلاب فى المحافظات إلى رفع دعاوى قضائية ضد الوزير والمجلس الأعلى للجامعات وضد التمييز، فى حالة تنفيذ هذا القرار، مستدركا: «مش كفاية تمييز فى الرواتب والبدلات»، مؤكدا أن هذا القرار سيؤدى لمزيد من السخط وعدم وجود عدالة.