كشفت موجة الحر الشديد التي عانت منها مصر خلال الفترة الماضية، ما آلت إليه أوضاع المستشفيات الحكومية بسبب الإهمال، وكان لمستشفى الخانكة للأمراض العقلية والنفسية نصيب من أعداد وفيات الحر، حيث توفي 11 مريضا، بحسب البيانات الرسمية لوزارة الصحة. وجاءت توصيات اللجنة، التى شكلتها وزارة الصحة للوقوف على أسباب وفاة المرضى، صادمة للمراقبين، حيث أكدت اللجنة أن سبب الوفيات يرجع إلى عدم استحمام المرضى يوميا، وعدم توفر أجهزة قياس الحرارة "ترومتر"، ومراوح. وأوصت اللجنة بضرورة عمل جدول يومى لدخول المرضى للاستحمام كل ساعتين يوميًا، وتقليل أعداد المرضى بالأقسام لتحسين التهوية، وشراء أجهزة جديدة لقياس درجة حرارة المرضى. إلى جانب ضرورة وجود حجرة عزل مكيفة الهواء، وعدد من كولديرات المياه المثلجة. ولم يتطرق التقرير إلى الإهمال الطبي بالمستشفى، الذي أدى إلى عدم السرعة في علاج المرضى، وانقاذ حياتهم، وأكدت مصادر من داخل المستشفى أن سيارات الإسعاف غير مجهزة لانقاذ المرضى، ما أدى إلى وفاة المرضى.
وتعاني "الخانكة" من نقص شديد في طاقم التمريض، حيث يتكون من 4 أشخاص فقط، يتولون العناية ب70 مريضا فى كل قسم، حيث تحتوى المستشفى على 30 قسما، تضم 1500 مريض يحيون على مساحة تقترب من 200 فدان.
مستشفيات بلا مستلزمات طبية ولم تكن مستشفى الخانكة أفضل حالا من مثيلاتها الحكومية، حيث تعاني أغلب المستشفيات الحكومية من امكانيات متدنية، ونقص في الأجهزة الطبية والأسرة والأدوية، فيضطر بعض المرضى إلي شراء المستلزمات التي يحتاجها الطبيب المعالج على نفقتهم الخاصة، بدءا من الحقن مرورابالقسطرة والجبائر، ووصولا إلى أكياس الدم.
وتمتلك مصر 660 مستشفى حكوميا، تعانى نقصا خطيرا فى الخدمة الصحية والأدوية، يبلغ 52% فى الحضر و82% فى الريف، والمعدات يصل النقص فيها إلى 51% فى الحضر و70% فى الريف والأخصائيين بنسبة 36% فى الحضر و80% فى الريف، وذلك بحسب إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
وتكررت خلال العامين الماضيين حوادث طرد المرضى من المستشفيات، ما يدفعهم إلى افتراش الأرض لعلهم يجد من يعطيهم الدواء، ففى أسوان، افترش مريض الأرض أمام مستشفى أسوان الجامعى؛ غارقًا فى سبات مرض، بعد طرده منها. ويرجع مراقبون تدهور الأوضاع الصحية إلى انشغال الحكومة بالسياسة وفرض السيطرة الأمنية على معارضيها، ونقص الميزانية الموجهة للصحة، وذلك بعد تقليص الدعم المخصص للتأمين الصحى والأدوية فى موازنة عام 2014 - 2015، ليصل إلى 811 مليون جنيه، مقابل 1.1 مليار جنيه خلال موازنة عام 2013- 2014.
فرقعة محلب وكان رئيس الورزاء الانقلابى إبراهيم محلب قد شن هجوما عنيفا على المسئولين بالمعهد القومي للقلب، اكتشافه للإهمال الذي يعاني منه المعهد خلال زيارته المفاجئة التي أجراها في شهر يونيو الماضي، حيث أعلن محلب أنه "فوجئ بهذا الحجم من الإهمال والفساد"، إلا أن هذا الهجوم خفّت حدّته مع مرور الوقت، وذهب ملف تطوير المستشفيات الحكومية في طي النسيان. وواجه الأطباء هجوم محلب بحملة أخرى، تحت عنوان "عشان لو جه مايتفاجئش"، دشنوها لفضح وكشف الإهمال الطبى فى المستشفيات الحكومية، حيث نشروا صورا للمستشفيات تظهر مدى الإهمال الجسيم الذي تعاني منه.
مصادرة المستشفيات الخيرية ولم تكتف الحكومة بتقليص الدعم الموجه لقطاع الصحة، بل قامت بمصادرة المستشفيات التابعة للجمعيات الخيرية، التى تقدم خدماتها الطبية للفقراء بأسعار رمزية. ففى يناير الماضي، أصدرت الحكومة قرارا بمصادرة الجمعية الطبية الإسلامية بفروعها ال 28، والتى تخدم أكثر من 4 ملايين فقير حيث تتحمل عبء ثلث مرضى الجمهورية، بحسب تقرير وزارة الصحة عام 2008.
وسبق ذلك قرار الحكومة بتجميد ومصادرة 138 فرعا من فروع الجمعية الشرعية، والتى تقدم مستشفياتها والمراكز الطبية التابعة لها، العديد من الخدمات الطبية، وأبرزها توفير حضانات بأسعار رمزية للأطفال المبتسرين؛ حيث تمتلك 1090 حضانة، منتشرة فى 18 محافظة، جعلها تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الحضانات على مستوى العالم، فى الوقت الذى لم تتجاوز فيه عدد الحضانات بمستشفى قصر العينى 25 حضانة تتكلف الليلة الواحدة فيها حوالى ألف جنيه، وتقدمها الجمعية مجانًا. وتمتلك الجمعية الشرعية 90 جهازا لغسيل الكلى؛ حيث تقدم خدمة الغسيل الكلوى لأكثر من 1200 حالة شهريا، كما تقوم بعمل توصيل شريان بوريد بعدد 300 حالة شهرية وعملية قسطرة بعدد 100 حالة شهرية بالإضافة لمعامل التحاليل اللازمة لفحص الفيروسات للمريض.