فى إطار فشل محاولات سلطة الانقلاب الرامية إلى جر جماعة الإخوان المسلمين إلى العنف، وتحييدها عن منهجها السلمي الذي التزمت به على مدار تاريخها، تتجدد بين الحين والآخر وسائل وحيل النظام الانقلابي وأجهزته المخابراتية الساعية إلى إدخال البلاد في نفق مظلم وحرب أهلية، تحت مبرارات وهمية ومزاعم لا وجود؛ أهمها "مقاومة الإرهاب"، الذي اتخذت منه وسيلة لتبرير انقلابها الدموي. أحدث هذه الحيل المخابراتية ما تم تسميته "بحركة مقاومة الإخوان الشعبية "حماش"، التي زعمت أنها جاءت لمحاربة الإرهاب بالإرهاب ومواجة الإخوان جرّاء معارضتهم للنظام الحاكم الآن. ولم يخلُ بيان الحركة الأول من تلويحات القتل والحرق والتدمير والاختطاف، وهو ما تناقلته وسائل الإعلام الداعمة للنظام الانقلابي دون استنكار لما يحتويه البيان من حض صريح ومباشر على العنف، وهي الجريمة التي يزج بسببها الآلاف من الأبرياء في سجون الانقلاب. بلاك بلوك حركة المقاومة المزعومة تعيد إلى الأذهان حركة "البلاك بلوك" التي استخدمتها أذرع الثورة المضادة لنشر الفوضى والعنف إبان حكم الرئيس الشرعي محمد مرسي؛ حيث قامت بقطع الطرق وأنفاق المترو والجسور المؤدية إلى الميادين، كما كانت تدعو لاقتحام المباني الخدمية والإدارية في شتى أنحاء الجمهورية، واختفت تمامًا بعد الانقلاب على الرئيس الشرعي في 30 يونيو. ما أكد أنها حركة تابعة لجهات سيادية حققت هدفها ثم اختفت بعد ذلك. في هذا الإطار اعتبر خبراء سياسيون أن توقيت الإعلان عن هذه الحركة يكشف فشل الانقلاب بكل أجهزته القمعية في مواجهة الحراك الثوري الذي لم يتوقف قرابة العامين. قال الدكتور أحمد رامي -القيادي بالحرية والعدالة-: إن الإعلان عن تأسيس تلك الحركة بمثابة إعلان فشل لجهاز الشرطة في مواجهة المظاهرات السلمية، وكذلك للتغطية على أعمال مجموعات مسلحة أشار لها رجل الأعمال نجيب ساويرس سابقا تهدف لمواجهة الإخوان. وأضاف -في تصريحات صحفية- أن مثل هذه الجماعات من البلطجية التي تقتل المعارضين وتحرق منازلهم ومحالهم التجارية، وتشارك في فض المظاهرات السلمية هي الإرهاب الحقيقي، محذرًا النظام من إذكاء نار الحرب الأهلية، وسط تحريض إعلامي متواصل لتصفية رافضي الانقلاب دون محاكمات. بدوره، أكد رئيس الأكاديمية الدولية للدراسات والتنمية د.ممدوح المنير أن حركة "حماش" هي حركة مخابراتية بامتياز، وإعادة إنتاج للبلاك بلوك وتمرد، بهدف إثارة حالة من الفزع لدى رافضي الانقلاب، وإشغالهم بحماية أنفسهم وعائلاتهم، بدلا من المشاركة في المظاهرات التي عجز النظام عن مواجهتها رغم آلة القمع التي لا تتوقف". وأضاف -في تصريحات صحفية- أن رافضي اﻻنقلاب -خاصة الكتلة الصلبة المتمثلة في الإخوان- تجاوزوا مرحلة الفزع بمراحل، ﻷن اﻻنقلاب بقتله الآلاف في مجزرة رابعة فعل أسوأ ما يمكن أن يفعله أي نظام، مستبعدًا إمكانية حدوث حرب أهلية في مصر، لعدم وجود بيئة حاضنة لتلك الحرب. وحذر الدكتور حسن نافعة -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- من أن تعيد مثل هذه الحركة فكرة البلاك بلوك، فيما وصفه بأنه "أمر مخيف يؤدي لحالة من الفوضى، في ظل دولة تحاول إعادة بناء نفسها. وأضاف -في تصريحات صحفية-: للأسف معظم الأحداث تتم في صناديق سوداء لا يصل لحقيقتها أحد، مطالبًا وسائل الإعلام بأن تتحرى الدقة فيما تنشر من معلومات حتى لا ننجرف وراء شائعات قد تؤدي إلى إحداث الفتنة.