وصف المعتقل محمد سلطان، نجل الداعية د.صلاح سلطان، والمضرب عن الطعام منذ 416 يوما، حالة الثبات والقوة واليقين بالله التي ظهر عليها والده عقب سماعه الحكم بإحالة اسمه ضمن 14 آخرين إلى المفتي فيما يسمى بقضية "غرفة عمليات رابعة"، مؤكدا أن الحالة التي رأى عليها والده زادت في نفسه القوة والإيمان بالاستبشار والفرج القريب. قال سلطان -في رسالة بعث بها إلى أسرته عقب صدور حكم الإعدام على والده-: "بسم الله الرحمن الرحيم {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ [الروم :60] أمي الغالية الحبيبة/أسماء.. إخوتي هناء ووليد، خالد وحماس، عمر وبشرى الأحباء.. أولادي وأولاد إخوتي أمين وإلياس ولينة الأعزاء.. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته. هناك لحظات مفصلية في حياة كل منا تغير فيه شيئا ما، يتفاعل معها العقل تارة والجسد تارة والروح تارة أخرى، ولكن نادرًا ما تمر لحظات يتفاعل معها الثلاثة في آن واحد، تفقد الكلمات معانيها في التعبير عنها.. كان أمس واحدة من هذه اللحظات الفريدة من نوعها لا أظنها ستتكرر في حياتي.. لم نسمع القرار حين صدر فانتظرنا من الضابط معرفته في صمت وذهول، وعندما جاء الخبر والتقت عيناي بعينيّ أبي كانت تلك اللحظة! كنت قد أعددت نفسي مسبقًا بسماع أي حكم أو قرار مهما تمادى في ظلمه لنا جميعًا.. وكنت قد وعدت نفسي أن أكون مصدر قوة وثبات لكل من حولي وجهزت بعض الكلمات، بدأت فعلاً في تبادلها مع بعض الإخوة المحالين.. ولكن عندما نظرت في عيون والدي لم أتمالك إلا أن أرمي نفسي في حضنه، لم يكن القرار السبب وإنما تلك النظرة الراضية تمامًا المتوكلة على الله والمسلمة أمرها كله له.. كانت تلك الابتسامة البشوش المخلصة تنظر في وجه الخوف والموت بكل ثقة أن الشهادة على أعتاب الأقصى هي الوعد الموعود. أضاف: كان الحضن السلطاني الشهير الدافئ المليء بالحب والاطمئنان واليقين بفرج الله، كانت لحظة صامتة، ولم تكن بداية لكلمات فنظراته خاطبت عقلي وبسمته مشاعري واحتضانه بدني كانت لحظة كافية وافية، أدركت فيها فعلاً من هو صلاح الدين سلطان!!: الشيخ الجليل، العالم الرباني، القائد المجاهد، الأب الحنون، الزوج الكريم، الأخ الأصيل، الصديق الوفي، ذلك الأسد الذي لا يخاف إلا من مَن خلق الموت والحياة. جسدت تلك اللحظة أسمى المعاني، أن يطمئن الإنسان أنه ليس له من الأمر شيء ويستسلم لإرادة الحكيم العليم الرءوف الحليم، وأن الأمر كله بيده هو فقط، فقمة الحرية للمخلوقات تأتي في قمة العبودية للخالق.. شعرت وتعلمت ذلك والكثيييييير في تلك اللحظات الصامتة.. حتى همس أبي في أذني:" لقد بعنا أنفسنا لله يا بني، يفعل بها ما يشاء بدون سؤال". فرددت عليه بما استطعت من كلمات: "نِعم البيع يا أبي ونعم من اشترى". وتابع: أحببت أن أشارككم بعض أجواء أمس (يوم الحكم) التي رفعت من المعنويات وزودت الإيمانيات وثبتت الإرادات مستبشرة بالفرجات القريبة بإذن رب الأرض والسماوات، وأيضا لتعلموا من هو أباكم ولتتعلموا منه وتفتخروا به دومًا وتطمئنوا عليه، فهو مستودع عند الحافظ الأمين الذي لا تضيع عنده الودائع مُسَلِم أمره كله لله. ختم سلطان رسالته ببعض آيات القرآن الكريم: {بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 112]} {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران: 139]} {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴿173﴾ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴿174﴾ إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتم مُّؤْمِنِينَ ﴿175﴾} [آل عمران]. مضيفا "أستودعكم رب المستضعفين.. وربنا القائل للمظلوم ردا على دعوته ((وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)).